في الحج ذكريات عظيمة، ففيه استشعار للقلوب بوحدانية الواحد الأحد، هذه الوحدانية التي تمكن المسلم أن ينطلق منها في شعوره بأهمية الوحدة، والعمل في ظل الجماعة الواحدة حتى يتمكن من النصر على أعدائنا، وتكون بحق خير أمة أخرجت للناس، كما أن في الحج ما يحقق تعويد النفس على الامتثال على طاقة الله لأن الحج قدوة. إن في الحج طمأنينة القلوب بالإيمان والتقوى، فقد قال الله تعالى في سورة البقرة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب). إن في الحج فرصة ومناسبة مباركة لتزويد القلوب والنفوس بالتقوى، وهي خير الزاد، وفيه تطهير للنفس البشرية من مظاهر الكبرياء والعظمة؛ لذلك يعد الحج من الشعائر التي تعود النفس البشرية على بذل التضحية والجهاد أن الحج يعدُّ مدرسة ربانية روحانية، إذ يتعلم المسلم كيف يعيش في عبادة صادقة وخالصة لوجه الله -عز وجل- وكيف يكبح شهواته ولذاته. إن في الحج يتّضح معنى وحدة المسلمين عمليًّا، فلا فضل لعربي على أعجمي إلاَّ بالتقوى، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع، ويتّجه المسلمون في طوافهم حول الكعبة المشرفة إلى الله، وهم في أخلص نية، وأطهر ثياب لهذه الأسباب، ولهذه الأفكار وتلك العوامل، وأهمها عامل القداسة، وعامل المعاني، وعامل التوحيد فإن للحج معاني كبيرة في نفوس المسلمين؛ لذا جعل لهذه البقعة الطاهرة المقدسة حرمات يجب أن يراعيها المسلم دائمًا، فهي البقعة التي تهفو إليها النفوس، وترنو إليها القلوب، وتتجه إليها الأفئدة دائمًا في كل حدب وصوب. والصورة التي تتوّج كل هذه المعاني هي القيام والسهر على راحة الحجاج، وزوار مثوى الرسول صلى الله عليه وسلم، والحرص على السعي لتيسير حجهم ممّا يجعله ملتقى روحانيًّا ومؤتمرًا إسلاميًّا ناجحًا. وفق الله خادم الحرمين على كل الجهود التي يقوم بها لخدمة الحرمين الشريفين، وأعان جميع العاملين في خدمة حجاج بيت الله. محمد سعيد صبر - أبها