تعتبر الموانئ محور الارتكاز الأول في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدول ومصدر رخاء للشعوب ومنصات اقتصادية عالمية للصناعات والصادرات والواردات التجارية، وتتخلص أهمية الموانئ في: * تحقيق إيرادات مالية ضخمة للدولة وشركائها من المستثمرين والمشغلين * دعم وتأكيد الاستغلال الاقتصادي للدول * تمنح القدرة التنافسية لصادرات الدول * منفذ هام لتجارة الدولة (صادرات وواردات) * موردًا هامًا لتحصيل الرسوم الجمركية والعوائد والأجور * عنصر هام لتشجيع قيام الصناعات * توظيف الأيدي العاملة المتخصصة والحرفية لكن تلك العوامل التي ورد ذكرها لابد لها من وقود يحركها ويجعلها تسير قدمًا نحو آفاق رحبة من النجاح ومن هنا كان ولابد للموانئ أن تعقد شراكات استراتيجية موثوقة مع أكبر شريك استراتيجي لها ألا وهو الخطوط الملاحية العالمية المؤثرة في صناعة التجارة البحرية ونمو عمليات الموانئ. وتجني الموانئ من الشراكات الاستراتيجية مع خطوط الشحن البحري العملاقة في مجال الحاويات التالي: تمويل الاستثمارات في الموانئ، تطوير البنية التحتية (بناء الأرصفة)، تحديث معدات المناولة بالموانئ للأرصفة التي تديرها تلك الخطوط كاستثمار مباشر، بناء المناطق اللوجستية، اجتذاب التجارة العابرة، تسويق خدمات الموانئ، تساعد في التدفق النقدي، تقليص الاعتماد على الانفاق الحكومي. وتجدر الإشارة الى ان استثمار الخطوط الملاحية العالمية حول العالم وصل الى (195) مشروعًا وبقيمة استثمار بلغت (38) مليار دولار. وبالنسبة لنا في المملكة العربية السعودية ركزت الدولة ممثلة في الهيئة العامة للموانئ في جذب الاستثمارات وتحفيز المستثمرين بحزم من التسهيلات وعقد الشراكات خاصة في مجال تطوير محطات الحاويات والاهتمام بالمناطق اللوجستية يدعمها في ذلك ان الموانئ السعودية تستحوذ حاليًا على ما يقارب (20%) من سوق المسافنة في المنطقة وكذلك (80%) من اجمالي سوق المسافنة في البحر الأحمر وتهدف من خلال تلك المعطيات الى الاستحواذ على اكثر من (50%) لسوق الحاويات المسافنة بنهاية عام 2030 وبما يسهم في ترسيخ موقع المملكة الاستراتيجي كمركز لوجستي عالمي ومحور ربط لقارات العالم تماشيًا مع تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية (ندلب) ووفق رؤية (2030) ومن هذا المنطلق وقعت الهيئة العامة للموانئ (موانئ) عقودًا استراتيجية ضخمة بعشرات المليارات من الريالات ومن ضمن شراكات محلية وإقليمية ودولية في مجال تطوير محطات الحاويات الحالية وتوسعتها وانشاء مناطق لوجستية. وقد كان آخر هذه الشراكات العملاقة توقيع ميناء جدة الإسلامي اتفاقية بتاريخ 31 أكتوبر 2021 مع الخط الملاحي العملاق (شركة ميرسك) المصنفة الأولى عالميًا في الاستحواذ على الحصة السوقية عالميًا في مجال شحن الحاويات بامتلاك (786) سفينة حاويات تبلغ طاقتها نحو أكثر من (4) ملايين حاوية مكافئة حيث تتواجد هذه الشركة في (125) دولة حول العالم وقد دعمت موقعها العالمي بامتلاك (أسطول كبير من سفن الروافد) والشاحنات والقطارات لتقديم مفهوم جديد لخدمات النقل اللوجستية، حيث ستمكن هذه الاتفاقية التي وقعت بميناء جدة الإسلامي مع الخط الملاحي (ميرسك) من انشاء أكبر منطقة لوجستية متكاملة للشركة في الشرق الوسط وسيسهم هذا المشروع كما ذكرت (موانئ) الى تحويل المملكة الى مركز لوجستي عالمي باستثمار كلفته أكثر من (500) مليون ريال، كما سيوفر هذا المشروع فرصًا وظيفيه للكوادر والمواطنين مباشرة وغير مباشرة الى جانب عرض المزيد من الفرص الاستثمارية للقطاع الخاص لتمكنه من الاستفادة من موقع ميناء جدة الإسلامي والذي سيتمكن بحول الله من تحقيق التنافسية عالميًا واستقطاب مزيد من الاستثمار سيما وان الميناء سيكون مركزًا محوريًا عالميًا لطريق الحرير الصيني البحري (الطريق والحزام) بحكم موقعه الجغرافي المتميز وبناه التحتية المتطور وتطبيقه لأعلى معايير الأمان والسلامة وبما يتوافق مع المتطلبات الخاصة بالمنظمة البحرية العالمية وبحول الله فإن هذه الشراكة في مجال المناطق اللوجستية ستساعد في تدعيم سلاسل الامداد، تفعيل مفهوم (سير نقل الحاويات والبضائع)، ضمان تدفق الحاويات والبضائع المتواصل والمنتظم بكميات كبيرة، تنظيم النقل لخدمة التجار (توفير وسائل النقل اللوجستية) المناسبة للمنتج المحدد، ضمان كفاءة الاتصال، ضمان كفاءة التشغيل، التسويق لميناء جدة الإسلامي عالميًا. أخيرًا فإن الشراكات الاستراتيجية بالنسبة لموانئنا السعودية مع كبريات شركات الخطوط الملاحية والمستثمرين هو الطريق لكي نكون ذا تأثير في صناعة النقل البحري وسلاسل الامداد العالمية التي يعتمد عليها وأيضًا أحد مصادر تمويل خزينة الدولة. * مستشار رئيس الهيئة العامة للموانئ