تغادر (ميركل) المستشارة الألمانية المنتهية ولايتها عملها عقب 17 عامًا من حكم دولة ألمانيا تجاوزت خلالها أزمات عدة، مثل الأزمة المالية عام 2018، وأزمة 2015، والديون اليونانية 2009، كما نجحت في اجتياز العديد من التحديات الداخلية والخارجية، وتخطت الكثير من الأزمات التي كان من الممكن أن تطيح بها، كأزمة (اليورو)، ووباء (الكورونا)، وقضية المهاجرين الذين فتحت من أجلهم الحدود، وسمحت لهم بطلب اللجوء إلى ألمانيا، وهو ما احتسب عليها لأنها سياسة تخالف اتفاقية (دبلن) التي تقضي على أن على اللاجيء أن يقدم أوراقه في أول بلد يصل إليه، والسؤال الذي يردده الكثير من المتابعين للشأن الألماني والأوروبي هو: كيف سيبدو مستقبل ألمانيا بعد (ميركل)؟! وكان ل(ميركل) رؤية لمستقبل ألمانيا طرحتها في خطاب لها قالت فيه: (إن الوحدة الذهنية والهيكلية لألمانيا لم تكتمل بعد، وإن المعلومات المضللة والتحريض الذي شهدهما النقاش العام يعدان هجومًا على الديمقراطية، وإن تحقيق الديمقراطية لا يجب أن يعتبر مسلّمًا به) لكنها وهي تترك منصبها، عبرت عن أمانيها بأن يحتله مرشح من حزب المحافظين، ولذلك دعت الناخبين إلى انتخاب مرشح حزبها (أرمين لاشيت) لبقاء المحافظين في السلطة، لأنه في نظرها بقاء ألمانيا مستقرة. ولكن الاستطلاعات تشير إلى تصدر الاشتراكيين الديمقراطيين في نتائج الانتخابات، وتراجع المحافظين إلى أدنى مستوى في تاريخهم، حيث اختار 59% من الألمان قيام ائتلاف (ثلاثي الألوان) بين الديمقراطيين والخضر والليبراليين، مقابل 24% فضلوا ائتلافًا بقيادة المحافظين، فيما رأى 75% من المستطلعين أن (شولتس) المحنك هو المستشار المقبل للبلاد، فيما يميل 13% فقط إلى (أرمين لاشيت). وهناك عدم يقين بشأن هوية الزعيم القادم لألمانيا، وإن كانت هناك مؤشرات تدل على أن المنافسة ستكون محصورة في شخصين، مرشح حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي (أرمين لاشيت) الذي كانت (ميركل) تعتمد عليه كنائب لها عندما كانت رئيسة الحزب عام 2018، وبين (أولف شولتس) وزير المالية الألماني مرشح الحزب الاشتراكي الديمقراطي الشريك في الائتلاف الحاكم في ألمانيا، الذي يتقدم في استطلاعات الرأي على حزب الاتحاد المسيحي، و(شولتس) يترأس حكومة أكبر ولاية ألمانية من حيث عدد السكان، ولاية (شمال الراين)، والمعروف بأن حزب (ميركل) يعرف بائتلاف (جامايكا) لقب يطلق على ألوان الأحزاب المتآلفة معه، وحزب (شولتس) يطلق عليه ائتلاف (إشارة المرور) طبقًا لألوان الأحزاب المتآلفة معه هو الآخر.