في هذا المقال سأتناول كتابًا بعنوان (هو ذا الإنسان).. كتب عنه هاشم صالح في موقع الأوان مقالا بعنوان (عندما يرثي نيتشه نيتشه).. إن آخر ما يمكن يخطر لي أن أعد به هو (إصلاح) البشرية.. كما أنني لن أشيد اصنامًا جديدة، وليعلم القدامى ما الذي يجلبه الانتصاب على قدمين من صلصال، وهذه كلمتي المفضلة للتعبير عن المثل هي حرفتي، ذلك أنه بمجرد أن ابتدعت أكذوبة عالم المثل قد تم تجريد الواقع من قيمته ومن معناه ومن حقيقته. نيتشه في صدام دائم مع العالم، قصائده مليئة بالصور الجمالية يقول: أتطلع إلى كل ممنوع، من الصعب أن تكون صريحًا لهذه الدرجة.. إذن علينا أن نتحمل صراحة نيتشه إضافة إلى أنه علينا أن نتحمل نيتشه وهو يتبجح أمامنا.. الممنوع مرغوب عند فريدريك نيتشه، يقول تحت هذه العلامة سيكتب النصر لفلسفتي ذات يوم. توفي والد نيتشه في سن السادسة والثلاثين، كان رقيقًا ولطيفًا وعليلاً مثل كائن مهيأ ليكون عابرًا لا أكثر.. ياترى هل هذا الرحيل الهادئ والمبكر ترك أثرًا في نفس نيتشه لا يمحى أبدًا.. كلنا عابري سبيل، ليت نيتشه فهم هذه الحقيقة مبكرًا وليته كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فالدنيا ليست دار مقر وإنما دار ممر إلى الآخرة التي يجزي الله فيها المؤمنين عفوًا وغفرانًا والكافرين يجازيهم بالنار والعياذ بالله. إن سبب التخبط والجنون الذي عاشه الفيلسوف الكبير فريدريك نيتشه يعود إلى إلحاده وتكذيبه للحقيقة التي تقول إن الله واحد أحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد، هكذا يصبح المرء مسلمًا ومُسلمًا كل شيء إلى خالقه ورازقه وهو المولى عز وجل. يقول إن الشفقة لا تمثل فضيلة إلا بالنسبة للمنحطين وما أخذه على المشفقين هو سهولة تخليهم عن الحياء والاحترام ورهافة الحس.. وعدم التمسك بالمسافة الضرورية لحفظ اللياقة. ليس بين كبار المفكرين والشعراء من كان أشد جرأة منه كان ينفر بجلده دومًا من عالم المثل ومبادئ الشفقة والرحمة.