* أن تكره شخصاً أساء إليك أو آذاك، فهذا أمر يمكن فهمه وتبريره؛ رغم أن الكراهية من الصعب أن تُبرر.. لكن أن تكره شخصاً لم تتعامل معه قط؛ وربما لا تعرفه أصلاً فهذا ما لا يمكن فهمه أصلاً؛ فضلاً عن قبوله وتبريره!. * الكراهية صفة مذمومة، وكل أنواعها وأشكالها سيئة وممقوتة، لكن أكثرها سوءاً وخسة هي الكراهية بالوكالة، وأعني بها كراهة شخص أو جهة أو قبيلة أو عرق أو طائفة أو جنسية معينة لمجرد إرضاء جهة منافسة لها.. كأن تعلن كراهتك لشخص لم يؤذك، بل من أجل إظهار ولائك لشخص آخر؛ أو من أجل إرضائه وكسب ودّه، أو طمعاً في تحقيق مصالح شخصية.. والمجتمع الوظيفي مجال خصب لهذا النوع المقيت من السلوك، ولعلك لاحظت حين تغضب الإدارة من موظف ما، كيف يسارع بعض المتسلقين والنفعيين بالابتعاد عنه حتى وإن كان كل الحق معه، بل ويحاربه بعضهم بالوكالة، تقرباً للإدارة وإعلاناً للولاء لها، وخوفاً على مستقبلهم الوظيفي كما يعتقدون!. * التقرب بالكراهية هو أشد أنواع التسلق دناءة، فهو رقص على جراح الآخرين واستغلال لمشكلاتهم، والمتسلق بالكراهية شخص ضعيف؛ مسلوب الشخصية في الأساس، لا يعلم أن من يشربون ويغمسون أرواحهم في آنية الكراهية إنما يشوهون أرواحهم داخلياً وخارجياً، وأنهم يعيشون بقية أعمارهم في حروب لا ناقة لهم فيها ولا جمل، فالكراهية كما يقول (إريك ماريا ريمارك): هي أحد أنواع الحوامض التي تتلف النفوس، ولا يفرق هذا الحامض بين كره النفس لذاتها أو كره الآخرين لها. * مشاعرك وأخلاقك من أعز ما تملك فلا تتاجر بها ولا تجعلها أداة للتسلق.. أحب الجميع وأحسن معاملتهم طالما لم يؤذوك، أو على الأقل لا تكرههم وليغضب من يغضب.. لا تخشَ أحداً، وعليك أن تعلم أن الكارهين لن ينتصروا عليك ما لم تبادلهم جحيم الكراهية، متى فعلت ذلك فقد بدأت رحلتك الخاسرة نحو تدمير نفسك، فلطالما دمرت الكراهية كل بيئة تكون جزءاً منها، ولم تفشل يوماً في تدمير حتى الشخص الذي يحملها، هذا قانون ثابت. * لا تسمح لأحد أن يخبرك ما يجب أن تكون عليه عاطفياً، أو من تحب ومن تكره.. تناسَ كل دعوات الكراهية والإيذاء.. لا تؤجر عقلك ولا عواطفك ومشاعرك لأحد، ولا تصدق كل ما يقال في المجالس؛ فالنوايا ليست كلها سليمة، ومن أشد الحماقة أن تكره أحداً لمجرد أنك سمعت شخصاً يتحدّث عنه بسوء، وتذكر قول الشاعر: من كثر هرج الناس في غيبة الناس أحيان تكره واحد(ن) ما تعرفه * لم أجد خاتمة لمقالي اليوم أفضل من قول غازي القصيبي يرحمه الله: لا تبادل الكراهية بالكراهية مع أحد، أحرجه بالطيب، فيصبح بين أمرين: إما أن يكفيك شره، أو يخجل ويتحول إلى صديق.