الإنسان بفطرته يسعى إلى الأمن والطمأنينة بل إنها تعتبر إحدى الحاجات الأساسية للنفس البشرية، ولكن نزعات الإنسان وشهواته المادية هي التي تودي به إلى الأخذ بعكس حاجاته، لذلك فإن تربية السلام والتسامح يمكن تحقيقها في كل زمان ومكان وحتى في المواقف الأكثر صراعًا وصدامًا من خلال تطبيق المبادئ اللازمة لمواجهة ثقافة العنف السائدة، والتي تتضمن إزالة الغموض بين الأطراف وعدم فهم الآخرين، واستبدالها بالمعرفة والالتقاء مع الآخرين بالقواسم المشتركة التي تجمعهم لتكون منطلقًا للحوار والتفاهم بين الثقافات والأديان، والانفتاح على الآخرين وقبول الرأي الآخر، ونبذ السلوكيات المضادة لمبدأ التسامح والداعية إلى نشوب النزاعات والصراعات كتغليب المصالح المادية الشخصية على المصالح الإنسانية العالمية، وإهانة الآخرين، واستغلال النفوذ، والعداوات والكراهية الممقوتة، والتسلط والهيمنة واستعراض القوة، والتدخل في شؤون الغير، وغيرها من معوقات التسامح والسلام والتي تثير الطرف الآخر كردة فعل على ما يجده من ازدراء وإنقاص من كرامته وتقديره واحترامه. ومن المهم هنا نشر مبادئ وقيم الخير الداعمة للسلام والتسامح كالمساواة والعدل والحرية والتضحية والمساعدة واحترام التنوع الثقافي والعرقي والديني والفكري، والتأكيد على أن السلام هو الذي يمنح للمجتمعات الإنسانية الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والثقافي، وأن الصراعات المسلحة وغياب الاستقرار السياسي لهما انعكاسات خطيرة على مؤشرات التنمية، مع الالتزام بحقوق الإنسان من خلال توفير السلام للعيش بأمن وطمأنينة ورخاء ورفاهية. بالإضافة إلى نبذ المعوقات التي تقف في طريق التسامح والسلام ومحاربتها، وردع من يتداولها أو يمارسها، كالتعصب والعنصرية والاعتماد على أسس غير موضوعية في الحكم على الغير، وتقديس الانتماء للعِرق والتمييز الإسنادي الذي يرى أن السلوك الصادر من فرد أو جماعة معينة هو سلوك أصيل وقويم وما سواه باطل ومزيف، وغيرها من معوقات التسامح والسلام العالمي. وأخيرًا، الإدراك التام أن اختلافنا مع الآخرين لا يعني قطع علاقتنا بهم ومعاداتهم والنظر إليهم بنظرة الخوف والريبة من سلوكهم وتوجهاتهم، بل أن اختلافنا مع الآخرين مجرد تباين في وجهات النظر الفكرية، واختلاف في تعاطينا للمفاهيم من مناظير مختلفة، وأنه مهما اختلفنا مع الآخر إلاّ أن هذا لا يمنع من الاستفادة من علمهم وخبراتهم وأفكارهم.