يتوجه الإسرائيليون الأسبوع المقبل إلى صناديق الاقتراع للمرة الرابعة خلال نحو عامين، لكن الغائب الأكبر في هذه الانتخابات هو الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، الحليف الأول لرئيس الوزراء بنيامين نتانياهو. فقد كانت القاعدة الجمهورية لترامب مؤيدة بشدة لإسرائيل وقد حقق لصديقه اليميني نتانياهو مجموعة من الأمنيات. في عهده، اعترف ترامب بمدينة القدس التي تحتل إسرائيل شطرها الشرقي عاصمة لها وبارك التوسع الاستيطاني في الضفة الغربيةالمحتلة وكان وسيطا بين إسرائيل ودول عربية أعلنت تطبيع العلاقات مع الدولة العبرية. ولطالما فاخر نتانياهو بقربه من ترامب واستخدم علاقته به في تعزيز توجه الناخبين وانتشرت ملصقات دعائية للانتخابات حملت صورة الرجلين. تقول أستاذة العلوم السياسية في الجامعة الإسرائيلية المفتوحة تامار هيرمان إن "حضور الإدارة الأميركية ضئيل" في هذه الحملة بعد أن كان رئيس الوزراء "يقول سابقًا لأتباعه، أنظروا إنني أطرق متى أشاء باب البيت الأبيض ويُفتح لي". ولكن الرئيس جو بايدن يمثل بالنسبة لنتانياهو المستمر في السلطة منذ 12 عاما على التوالي، واقعا سياسيا مختلفا عما اعتاده في عهد ترامب. وترى هيرمان أن "وجود الإدارة الأميركية ضئيل للغاية" في الحملة الانتخابية الحالية مقارنة في الانتخابات الثلاث الماضية. غياب البدائل إن علاقة كل من نتانياهو وبايدن ليست بجديدة بل مستمرة منذ عقود لكن تشوبها اختلافات حول مواضيع سياسية بعينها خاصة فيما يتعلق بإيران، العدو الرئيسي لإسرائيل. سعى بايدن مؤخرا من أجل العودة إلى الاتفاق النووي الذي أبرم مع إيران والقوى الكبرى في العام 2015 وهو اتفاق رفضه نتانياهو وألغاه ترامب. وعلى صعيد الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربيةالمحتلة، من المتوقع أن يجدد بايدن انتقاد هذه العملية التوسعية. ويرى خبير السياسة الخارجية الأميركية في جامعة مريلاند شبلي تلحمي أن "الإدارة الجديدة والنخب الديموقراطية لا تكن محبة لنتانياهو". ويضيف "المشكلة بالنسبة لهم الآن هي أن البدائل العملية له تكاد تكون سيئة". لن تكون نتائج الانتخابات الإسرائيلية الأولية الأسبوع المقبل حاسمة لكن استطلاعات الرأي تظهر أن الأحزاب اليمينية ستفوز بغالبية المقاعد البرلمانية وبين هؤلاء النواب العديد ممن يعارضون إقامة دولة فلسطينية يدعمها بايدن. ويبدو أن الرئيس الأميركي لديه توجه للتحالف الأيديولوجي مع حزب "يش عتيد" (هناك مستقبل) بقيادة المذيع التلفزيوني يائير لابيد الذي من المتوقع أن يحتل المركز الثاني بعد حزب الليكود بزعامة نتانياهو. يقول المستشار السياسي الديموقراطي مارك ميلمان وهو مستشار للابيد، إن بايدن يشارك المرشح الوسطي العلماني القيم ذاتها. وبحسب ميلمان فإن بايدن "يشجع حل الدولتين". أما الزميل في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى الموالي لإسرائيل ديفيد ماكوفسكي فيعتقد أنه حتى لو كان لدى بايدن الرغبة في قلب الموازين لصالح أحد المرشحين المناهضين لنتانياهو، فإن أي شخص يختاره قد يتعثر في ظل المشهد السياسي الإسرائيلي الممزق. ويضيف لوكالة فرانس برس "إنهم متفقون على الإطاحة بنتانياهو، يمكنهم ذلك خلال الشهر الأول لكن على ماذا سيتفقون بعدها؟". ويشير ماكوفسكي بذلك إلى التباين الأيديولوجي داخل كتلة المرشحين المناهضين لرئيس الوزراء. ويرى ماكوفسكي أن اهتمام إدارة بايدن في مكان آخر تماما. ويشير إلى أنه "لدى الإدارة الأميركية الكثير من الأمور، تفشي فيروس كورونا ووفاة 500 ألف أميركي وغيرها من الآثار الاقتصادية التي خلفها الفيروس". حق إسرائيل ولا يعني رفض بايدن للاستيطان عزمه على إعادة السفارة الأميركية إلى تل أبيب بل إن إدارته تدعم اتفاقيات تطبيع العلاقات التي وقعتها إسرائيل مع كل من الإمارات والبحرين والمغرب والسودان بوساطة أميركية. ورحبت إسرائيل بجميع أطيافها السياسية، بانتقاد واشنطن لإعلان المحكمة الجنائية الدولية اختصاصها في الأراضي الفلسطينية وفتحها تحقيقا في جرائم حرب إسرائيلية محتملة في الضفة الغربية وقطاع غزة. ويقول السفير الأميركي السابق لدى إسرائيل دان شابيرو إن "الولاياتالمتحدة ستعمل مع من ستفرزه الانتخابات". ويضيف لفرانس برس "لكن أولويات الرئيس بايدن في الوقت الحالي لا تركز على الشرق الأوسط". ويتوقع شابيرو أنه عندما يركز بايدن في عمله على الشرق الأوسط فإن إدارته ستسعى إلى تحسين الحياة اليومية للفلسطينيين عبر استئناف تقديم المساعدات وإعادة فتح مكتب البعثة الدبلوماسية الفلسطينية، وهي أمور ألغاها سلفه. محليا، يواجه بايدن دعوات متزايدة وقوية من التقدميين لمناصرة القضية الفلسطينية. الأسبوع الماضي، طلب عضو مجلس الشيوخ الأميركي بارني ساندرز من ولاية فيرمونت، وأربعة من أعضاء مجلس الشيوخ الديموقراطيين، من وزير الخارجية توني بلينكين الضغط على إسرائيل لمساعدة الفلسطينيين في الحصول على لقاحات مضادة لفيروس كورونا. وقدمت إسرائيل التي انتهت من تلقيح أكثر من نصف سكانها البالغ عددهم تسعة ملايين نسمة بالجرعتين اللازمتين من لقاح فايزر/بايونتيك فيما خصصت جرعات محدودة من اللقاحات للفلسطينيين.