في شمال المملكة العربية السعودية، حيث التاريخ العريق، توجد قرية «لينة»، التي لا تزال آثارها باقية وغنية بتاريخ حضارات تعود إلى آلاف السنين، تباري الطريق التجاري القديم بين نجد والعراق بالقرب من «درب زبيدة»، وكانت مركزًا تجاريًا بين العراق والجزيرة العربية، ومحطة لأهل البادية للحصول على المياه -آنذاك- من خلال 300 بئر تنتشر فيها، ُبنيت في عهد النبي سليمان عليه السلام، بشكل معماري فريد، بواسطة الحجارة الصماء، ومياهها عذبة، ويصل عمق بعضها إلى 20 مترًا، وُذكر أن الجن هم من قاموا بحفرها لسيدنا سليمان، ليسقي الجيش أثناء رحلته من بيت المقدس إلى اليمن؛ وتعود قصة حفر الجن لهذه الآبار، عندما خرج سيدنا سليمان من أرض المقدس يريد اليمن فتغدى بلينة، وهي أرض خشنة فعطش الناس وعز عليهم الماء، فنظر إلى «سبطر» وهو أحد جنوده من الجان، فوجده يضحك، فقال: ما أضحكك؟ فقال: أضحكني أن العطش قد أضر بكم والماء تحت أقدامكم، فأمرهم فضربوا بعصيهم الصخر فخرج منها الماء. وأشار الباحثون إلى أن ذكر قرية «لينة» كان أول مرة في عهد النبي سليمان عليه السلام. وتعد «لينة» إحدى القرى التاريخية المهمة، تقع في شمال المملكة في منطقة الحدود الشمالية، بين النفود والحجرة، جنوب محافظة رفحاء، وعلى بعد 105 كيلو مترات. ويوجد بها سوق ومركز للتبادل التجاري بين تجار المنطقة ومنطقة نجد والعراق، وتتم فيه مقايضة السلع بين البدو وأهل لينة وتجار العراق الذين قاموا بإنشاء مخازن لهم في لينة لتخزين المواد الغذائية التي يجلبونها من بلادهم، وتُعرف هذه المخازن بالسيابيط، كما يعتبر السوق مركزًا لتصدير السلع إلى نجد بحكم توسط لينة على درب تجاري بين نجد والعراق. ومن الآثار التاريخية في القرية، قصر الملك عبدالعزيز آل سعود، الذي أنشئ عام 1354هجرية، ولا يزال شامخًا بإطلالته وطرازه المعماري القديم، وتوجد داخله بعض الكتابات الأثرية، التي تحكي تاريخه وسنة تشييده.