ضج العالم بعبارات التنديد والاستنكار والشجب والإدانة لمن نفذوا الانقلاب في بورما، واعتقلوا الزعيمة أونغ سان سو تشي ومسؤولين آخرين!، ومن الولاياتالمتحدة الى سنغافورة انطلقت المناشدات التي وصلت في الحالة الأمريكية إلى التهديدات لكل من تسببوا في عرقلة التحوّل الديموقراطي في بورما!. شخصياً، ورغم وقوفي في صف الديمقراطية على طول الخط، لم أتعاطف مع الرئيسة المعتقلة، فهي قاتلة أو صامتة على قتل آلاف المسلمين، كما لا أود أن يجيء قائد الجيش البورمي الجنرال مين أونغ هلينغ، وهو الذي أمر بالقتل والتنكيل!، الأولى ساهمت بشكل أو بآخر في قتل وتشريد مسلمي الروهينغا، والثاني كما يقال له تاريخ دموي طويل في هذا الاطار!. المدهش بل المؤسف، أن بياناً واحداً لهذه الدول الملتاعة، لم يذكر الرئيسة المنقلب عليها والجنرال الجديد بضرورة احترام القيم الإنسانية في البلاد! صحيح أنهم تحدثوا جميعاً عن ضرورة التزام المعايير الديمقراطية، ولكن أي ديمقراطية تلك التي تسمح بالقتل والحرق والتنكيل والإبادة للبشر، فقط لأنهم مسلمون؟! إن من يسمع هؤلاء الملتاعين الذين يتحسرون على مسؤولي الحكومة البورمية السابقة، يشعر ولكأن بورما كانت واحة للديمقراطية والعدالة والمساواة وحقوق الإنسان!، هؤلاء نسوا أنه في العام الماضي فقط مات الآلاف حرقاً وجوعاً وتشريداً على يد هؤلاء! لكن الأكثر إيلاماً أن الجنرال مين أونغ هلينغ الذي ألمح الى إمكانية «إلغاء دستور البلاد في ظل ظروف معينة» يبدو أنه يريد أن يطمس كل ما بقي من كلام عن حقوق الإنسان هناك! يقول الاتحاد الأوروبي إنه يجب «احترام نتيجة الانتخابات واستعادة العملية الديموقراطية»، ويقول الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن هذه التطوّرات «تشكّل ضربة قويّة للإصلاحات الديموقراطيّة»، ولا أفهم في الحقيقة ما هي ملامح الديمقراطية التي يبكون عليها في بورما!. أفهم أن تدين الصين لاعتبارات كثيرة خاصة بما يجري في تركستان الشرقية، وأفهم كذلك أن تدين الهند قياساً بما يجري للأقلية المسلمة، لكن حجم اللوعة على رئيسة مينامار فاق كل تصور واعتبار! أليست هي الرئيسة التي أحرجت لجنة نوبل التي منحتها جائزة السلام، واضطرتها لإصدار بيان تقول فيه على استحياء إن القواعد الخاصة بجوائز نوبل لا تسمح بسحب الجائزة. لقد جاء تعليق «نوبل» بعد يومين من إعلان محققين تابعين للأمم المتحدة يوم الاثنين أن جيش ميانمار ارتكب عمليات قتل واغتصاب جماعي في حق مسلمين من الروهينغا بنيَّة الإبادة الجماعية!ّ والسؤال الآن: ماذا لو عادت الرئيسة المعتقلة بفعل هذه الهبة العالمية؟، هل ستستجيب لنداء الضمير الإنساني وتوقيف قتل وتهجير الروهينغا، وهي التي لم تعلن يوماً رفضها للحملة التي يقوم بها الجيش ضد المسلمين.. أم أن هؤلاء غير محسوبين على قائمة الإنسانية العالمية؟!.