أفاد دبلوماسي فرنسي أنّ الرئيس إيمانويل ماكرون "ضرب بيَده على الطاولة" في القمّة الأوروبّية في بروكسل الأحد للتوصّل إلى اتّفاق على خطة أوروبية موحّدة للنهوض الاقتصادي لمرحلة ما بعد وباء كوفيد-19، وذلك احتجاجاً على تعنّت بعض نظرائه. وهاجم ماكرون البلدان التي يُطلَق عليها اسم "مقتصدة" (هولندا، السويد، الدنمارك والنمسا) إضافة إلى فنلندا، وهي دول تتبنّى مقاربة متحفّظة للغاية إزاء خطة الإنعاش الاقتصادي. وقال مستشار في الوفد الفرنسي إنّ ماكرون "كان قاسياً إزاء تناقضاتهم"، في موقف سردت تفاصيله وفود أخرى لعدد من وسائل الإعلام. لكنّ المستشار أعرب عن أسفه لأنّ ما قام به ماكرون "تمّ سرده بطريقة كاريكاتورية إلى حدّ ما" على لسان تلك الوفود. وانتقد الرئيس الفرنسي خصوصاً معارضة هذه الدول لمطلبه تخصيص جزء كبير من أموال خطة الإنعاش، التي ستموّل بقرض مشترك من الاتحاد الأوروبي، لتقديم إعانات للدول الأعضاء. كما انتقد ماكرون سلوك المستشار النمسوي سيباستيان كورتز الذي نهض وغادر الطاولة لإجراء مكالمة هاتفية. وبحسب مصدر أوروبي فإنّ المستشار النمسوي شعر "بالإهانة" من ملاحظة ماكرون. وقارن الرئيس الفرنسي أيضاً بين موقف رئيس الوزراء الهولندي مارك روتي الذي يتزعّم المعسكر المعارض لخطة الإنعاش، بموقف رئيس الوزراء البريطاني السابق ديفيد كاميرون خلال مفاوضات سابقة. ووفقاً لما سرّبته وفود أخرى، فإنّ الرئيس الفرنسي فقَدَ أعصابه مراراً خلال توجيهه هذه الانتقادات. وبحسب مصدر دبلوماسي فإنّ ماكرون "ضرب بقبضته على الطاولة". وقال مصدر أوروبي إنّ ماكرون أكّد خلال القمّة أنّ فرنسا وألمانيا هما اللّتان "ستموّلان هذه الخطة" و"أنّهما تقاتلان من أجل مصلحة أوروبا في حين أنّ الدول المقتصدة غارقة في الأنانية ولا تقدّم أيّ تنازلات". وأضاف المصدر أنّ الأمر بلغ بالرئيس الفرنسي حدّ "قوله إنّه يفضّل المغادرة على أن يعقد اتفاقاً سيّئاً". وكان قادة الاتحاد الأوروبي كثّفوا الأحد محادثاتهم المتواصلة في بروكسل منذ الجمعة على أمل تجنّب فشل المفاوضات حول خطة النهوض الاقتصادي لمرحلة ما بعد كورونا. وفي ثالث أيّام القمّة التي كان يُفترض أن تستمرّ يومين فقط، وبعد أكثر من 55 ساعة من الاجتماعات، استؤنفت النقاشات بين الدول الأعضاء حول مأدبة عشاء قرابة الساعة 19,20 (17,20 ت غ). ويتركّز الخلاف حول خطة الإنعاش البالغة قيمتها 750 مليار يورو يموّلها قرض مشترك، وهي فكرة مستوحاة من اقتراح تقدّم به ماكرون والمستشارة الألمانيّة أنغيلا ميركل. وتتألّف هذه الخطة في صيغتها الأولى من قروض بقيمة 250 مليار يورو وإعانات بقيمة 500 مليار. وتستند الخطة إلى موازنة طويلة الأمد (2021-2027) للاتحاد الأوروبي بقيمة 1074 مليار يورو. ومن الخيارات المطروحة، زيادة حصّة القروض إلى 300 مليار (مقابل 250 في الاقتراح الأولي) لكن من دون خفض حصّة المنح التي ترمي لدعم خطط الإنعاش في دول معيّنة. وتتمسّك فرنسا وألمانيا بموقفهما في عدم خفض حصّة المنح إلى ما دون 400 مليار يورو، في موقف ترفضه الدول المقتصدة.