تحتل الكولونيا موقعا مهما في يوميات الأتراك فهي رمز لحسن الضيافة والنظافة وترش على الأيدي والوجه لدى الحلاق وفي المطعم وفي الحافلات حتى، لكنها أخذت بعدا آخر مع انتشار فيروس كورونا المستجد. فالأتراك على قناعة بأن الكولونيا التي لا علاقة لها بمدينة كولونيا الألمانية، بل تشير إلى منتج يحوي كمية أقل من خلاصة العطر، توفر حماية فعالة من الفيروس لذا لم تعد المتاجر والمنتجون قادرون على تلبية الطلب المتعاظم. وجاء في استطلاع للرأي أجراه معهد "إيبسوس" التركي ونشرت نتائجه خلال الأسبوع الحالي أن 88 % من الأتراك يستخدمون معقمات أو الكولونيا للحماية من الفيروس. وفي مطلع مارس وفي حين راح الوباء ينتشر، تشكلت طوابير أمام متاجر بيع الكولونيا في البازار في حي امين اونو القديم في اسطنبول. وباتت ترفع لافتات تفيد بان المخزون قد نفد. وقال ناطق باسم شركة "أيوب صبري تونجر" أحد كبار منتجي الكولونيا في تركيا إن المجموعة "تلقت عشرات آلاف الطلبيات عبر الانترنت في فترة قصيرة". وأضاف الناطق اتيلا اريمان "علقنا الطلبيات موقتا" مشددا على أنها ستستأنف قريبا. وفي حين سجلت في تركيا 1259 إصابة بالفيروس و37 حالة وفاة على ما اظهرا الحصيلة الأخيرة المنشورة الأحد، تقف الكولونيا في الصفوف الأمامية لمكافحة هذا الوباء. وتستخدم الكولونيا تقليدا في تركيا لاستقبال الضيوف. فتقدم عند استضافة مدعوين إلى النزل ومن ثم توضع الزجاجة في خزانة. أما الآن يخرج الاتراك زجاجات الكولونيا في سيارات الأجرة وقطارات الأنفاق وفي الشارع ويصبون كميات كبيرة منها على اليدين. توزيع حتى وزير الصحة التركي فخر الدين قوجة أوصى باستخدام الكولونيا كبديل عن جل تعقيم اليدين في تصريح أدى إلى ارتفاع صاروخي في الطلب على هذا المنتج. وقال الياس غوتشدو وهو من أبناء اسطنبول لوكالة فرانس برس "في السابق كنت استخدم الكولونيا مرتين في اليوم. لكن منذ انتشار وباء كورونا استخدمها ثلاث مرات أكثر". وأضاف "اظن أنها فعالة لأنها تحوي الكحول. لكن يصعب الآن العثور عليها". وعند إعلانه سلسلة من الإجراءات لمكافحة الوباء الأسبوع الماضي، قال الرئيس التركي رجب طيب اردوغان إن زجاجات كولونيا ستوزع على أقنعة للمسنين فوق الخامسة والستين. وذكرت وسائل الإعلام التركية أن جمعية في إزميت (شمال غرب البلاد) قررت توزيع الخبز والكولونيا على المسنين إلى حين احتواء الوباء. مذيب قوي وأثار الارتفاع الصاروخي في الطلب، زيادة في سعر الكولونيا وبروز سوق سوداء. وقالت السلطات التركية الأسبوع الماضي إنها توصلت إلى اتفاق مع كبار منتجي الكولونيا لتحقيق استقرار سعر المبيع. لكن هل تحمي الكولونيا فعلا من كوفيد-19؟ شدد الأستاذ الجامعي بولند إرطغرل العضو في الجمعية التركية لعلم الاحياء المجهري السريري والأمراض المعدية، على أن محتوى الكحول في الكولونيا قادر على القضاء على فيروس كورونا من خلال مهاجمة غلافه الفيروسي. وأوضح لوكالة فرانس برس "بما أن الكحول من المذيبات القوية فهو يقضي على الغشاء الليبيدي" في الفيروس. وأشار إلى أن السبيل الأنجع للحماية هو غسل اليدين بعد كل اتصال بالعالم الخارجي. وأضاف "في حال عدم توافر الصابون والماء ينبغي استخدام مسحوق يحوي على نسبة لا تقل عن 60 % من الكحول. الكولونيا تحوي 70 % من الكحول كمعدل وسطي. لذا فهي فعالة في غسل اليدين للحماية من كوفيد-19".