من أول التحديات التي تُواجه الطلاب والطالبات في مسارهم التعليمي اختيار التخصص العلمي المناسب لهم، والذي يبنى عليه في كثير من الأحيان المسار الوظيفي، وقد يكون له أكبر الأثر على مستقبلهم وحياتهم الاجتماعية والاقتصادية، فالطالب في بداية مسيرته التعليمية قد يغفل عند تحديد مساره العلمي لانشغاله بالدراسة، وقد لا يقوم والداه بتذكيره بهذا الأمر، حتى يفاجأ أنه قد أنهى المرحلة الثانوية وبدأ المرحلة الجامعية، وأصبح لزاماً عليه في تلك الفترة أن يُحدِّد تخصصه العلمي والذي سيبنى عليه في كثير من الأحيان مساره الوظيفي مستقبلاً. قام المركز الوطني للقياس بوضع مقياس الميول والقدرات المهنية، وذلك بهدف المساعدة في توجيه وإرشاد الطلاب في الثانوية العامة وطالبي العمل لبيئة العمل الملائمة والمناسبة لهم، بما يتوافق مع ميولهم الشخصية، ويساهم ذلك المقياس في التعرف على ميول الطلاب وتزويدهم بالمعلومات حول تلك الميول، مما يساعدهم على التعرف على مسارهم المهني والتعليمي المناسب، كما يساهم بشكلٍ فعال في عدم إهدار الطاقات البشرية والمادية في الوطن، خصوصاً وأن بعض الطلاب قد يُحدِّد ميوله بطريقةٍ عشوائية، فقد تكون مجاملة لأسرته أو أصدقائه، أو تكون بناء على نصيحة من غير مختصين، مما قد يُؤثِّر بشكلٍ مباشر على المستقبل التعليمي والوظيفي أثناء البحث عن العمل، غير أن نتائج ذلك المقياس قد لا تكون إلزامية أو أن تعني بأنه لا يمكن أن ينجح الطالب في تخصصات أخرى غير تلك التي ظهرت في نتائج القياس. صندوق الموارد البشرية (هدف) أتاح أيضاً بوابة إلكترونية للتثقيف والإرشاد المهني (سُبل) تساهم في توفير بيئة تفاعلية تعمل على تثقيف وإرشاد الطلاب والطالبات والباحثين عن عمل وتمكينهم من الاختيار المناسب لمسارهم التعليمي والعملي، وتهدف تلك البوابة إلى تمكين القوى الوطنية البشرية من اتخاذ مسار تعليمي ومهني أفضل، وذلك عن طريق مجموعة متكاملة من التثقيف والإرشاد المهني، وتسعى تلك البوابة إلى تحديد الميول المهنية والأكاديمية ومطابقتها مع المسارات الوظيفية والتواصل عن بُعد مع المرشدين المهنيين لتقديم خدمة الإرشاد المهني للباحثين عن عمل في جميع مناطق المملكة. الطلاب والطالبات اليوم في أمس الحاجة لمثل تلك المنصات والمقاييس التي تساعدهم أولاً في التذكير بأهمية معرفة ميولهم التعليمية والوظيفية، ثم تساعدهم في تحديد المسار الصحيح وإفادتهم بما هو مطلوب اليوم ومستقبلاً من مهارات في سوق العمل، وتدريبهم مبكراً على مهارات التخطيط لمساراتهم الوظيفية والتي تتوافق مع ميولهم وطموحاتهم ورغباتهم الشخصية وقدراتهم بما يتناسب مع احتياجات سوق العمل، وكل ذلك يتطلب توفير مثل تلك المنصات والأدوات في مرحلةٍ تعليمية مبكرة، وأن تكون جزءاً من العملية التعليمية، لنساهم في حفظ طاقتهم ووقتهم وتسخيرها في مجالات صحيحة تعود بالنفع عليهم وعلى أوطانهم.