من لندن إلى أكسفورد في رحلة بالقطار مدتها ساعة، حيث تقع جامعة أكسفورد العريقة التي تُعَدُّ أقدم جامعة ناطقة باللغة الإنجليزية. وعلى الرغم من عدم معرفة التاريخ الدقيق لإنشاء هذه الجامعة، إلا أن أصولها ترجع إلى القرن الحادي عشر الميلادي. فقد ذُكِر أن أعمال شغب قامت في عام 1209م بين علماء أكسفورد وسكانها، كان من نتيجته فرار علماء أكسفورد إلى بلدة كمبريدج القريبة، وقاموا بتأسيس جامعة كمبريدج، التي أصبحت منذ ذلك الحين منافساً قوياً لجامعة أكسفورد. ومِن تميُّز هذه الجامعة أن خريجيها حصدوا أكثر من 53 من جوائز نوبل مُوزَّعة على مختلف التخصصات. من أبرز خريجي «أكسفورد» الحائزين على جائزة نوبل، الكاتب الإنجليزي «وليام غولدنغ»، صاحب رواية: «أمير الذباب»، الذي حصل على جائزة نوبل للآداب عام 1983م، كما حصل الإنجليزي «سير جون هيكس» على الجائزة في الاقتصاد عام 1972م، أما عالم الأحياء السير «جون غوردون» فحصل عليها عام 2012م. وكان رئيس وزراء كندا من الحاصلين عليها في عام 1963م ومن الحاصلين عليها أيضًا، «ليستر بيرسون»، إذ كانت من نصيبه في عام 1957م، ونالها أيضاً سجين المعارضة البورمية «أونغ سوكي» في عام 1991م. وعند الحديث عن هذه الجامعة، لابد من الحديث عن أشهر مَن حاضر فيها، كان منهم الشاعر الأيرلندي «سيموس هيني»، الحاصل على جائزة نوبل للآداب عام 1995م، وكذلك «لينوس بولينغ»، الذي حصل على جائزة نوبل عام 1954م في الكيمياء. ولجامعة أكسفورد سياستها التي تقضي بإحالة الأساتذة الذين تزيد أعمارهم عن 67 عاماً على التقاعد، بهدف إفساح المجال أمام الأكاديميين الشباب. هذه السياسة، انتقدها الأكاديمي الأمريكي «جون غوديناف» رئيس مختبر الكيمياء وأحد أعضاء هذه الجامعة سابقاً، لإجباره على التقاعد في سن 65 عاماً، في خطوة كانت من الممكن أن تُبعده تماماً عن الحقل العلمي، قائلاً: «حتى إذا فقدت الموهبة في عمر معين، فأنت ما تزال تملك الخبرة، والتي ستنقلها للأشخاص، وتفيدهم بها». والطريف أن «جون غوديناف» حصل على جائزة نوبل في الكيمياء بعد 33 سنة من مغادرته جامعة أكسفورد إلى جامعة تكساس في أوستن الأمريكية وهو في عمر يناهز 97 عاماً، ما جعل منه أكبر حائز على هذه الجائزة في تاريخها. تعرف أكسفورد بأنها جامعة النخبة الحاكمة، فليس من قبيل الصدفة أن تكون الغالبية العظمي من رؤساء الحكومات البريطانية قد درست فيها، فمِن بين رؤساء الوزراء البريطانيين الاثني عشر منذ عهد «ونستون تشرشل»، كان تسعة منهم من خريجي أكسفورد. وعلى مستوي العالم فإن رئيسة وزراء الهند «أنديرا غاندي»، ورئيسة وزراء باكستان السيدة «بنظير بوتو» من أشهر خريجي هذه الجامعة العريقة. يقول البرفسور «جيفري إيفانز» الباحث في جامعة أكسفورد: «إذا دخلت جامعة أكسفورد وتركت انطباعاً جيداً في نادي الحوار، فسوف تلتقي بكافة الأشخاص المناسبين للحصول على مهنة في عالم السياسة».