واجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو واحدة من أكبر الهزائم في مسيرته السياسية اليوم الخميس بعد فشله في تشكيل ائتلاف حكومي واختار بدلا من ذلك التوجه لانتخابات جديدة في إجراء غير مسبوق. وسيتوجه الإسرائيليون إلى صناديق الاقتراع مجدداً في 17 سبتمبر بعد 5 أشهر فقط على انتخابات أبريل التي شهدت فوز نتانياهو وحلفائه اليمينيين والمتدينين بالأغلبية. ومع وصول عقارب الساعة منتصف ليل الأربعاء للموعد النهائي لتشكيل حكومة الائتلاف لم يتمكن نتانياهو من إقناع منافسه ووزير الدفاع السابق أفيغدور ليبرمان بالتخلي عن مطلبه جعل الخدمة العسكرية إلزامية لكل اليهود بمن فيهم المتدينين. ودفع ذلك نتانياهو إلى المضي قدما في خطته البديلة وحل البرلمان لخوض انتخابات جديدة، وهو ما تمت الموافقة عليه بعد انتهاء الموعد النهائي في الساعات الأولى من يوم الخميس. وأتى التصويت على اقتراح قانون حل الكنيست بعد جلسة صاخبة في البرلمان هتف خلالها أعضاء المعارضة: "العار..العار". وتفادى نتانياهو بذلك كابوس سيناريو قيام الرئيس رؤوفين ريفلين بتكليف نائب آخر تشكيل ائتلاف حكومي. وقال بعض المحللين إن عجز نتانياهو عن تشكيل ائتلاف أظهر أن فرص بقائه لفترة طويلة على قمة السياسة الإسرائيلية قد تضعف لأن المتنافسين يتوقعون سقوطه في المستقبل غير البعيد بسبب شبهات فساد تحيط به. وقال أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية ابراهام ديسكين إن "نتانياهو قوي للغاية ولا يستسلم بسهولة لكن ما يحدث بالتأكيد قد يشير إلى بداية محتملة للنهاية. سيقاتل، لكنه بالتأكيد لم يعد قويا كما كان في الماضي". والتقى نتانياهو مستشار الرئيس الأمريكي وصهره جاريد كوشنر والمبعوث الأمريكي للشرق الأوسط جيسون غرينبلات في مقر إقامته بالقدس وقال خلال اللقاء "كما تعلمون، شهدنا ليل أمس حدثا صغيرا، لكن هذا لن يوقفنا. وسنواصل العمل معا". وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الخميس للصحافيين في الحديقة الجنوبية للبيت الأبيض "ما حدث في إسرائيل أمر مؤسف للغاية. لقد بدا وكأن نتانياهو حقق فوزاً كبيراً"، قبل أن يصفه "بالرجل الرائع". لا نية في غضون أسابيع، تحول نتانياهو من الاحتفال بالنصر إلى العمل وراء الكواليس بجهود مضنية ومتوترة لضمان استمراره في السلطة. والرهان عال تماماً بالنسبة للرجل البالغ من العمر 69 عاماً في حين يسعى للحصول على الحصانة قبل احتمال توجيه تهم إليه بتلقي الرشى والاحتيال وإساءة الائتمان في الأشهر المقبلة. ويتجه نتانياهو لأن يصبح رئيس الوزراء الذي بقي في السلطة لأطول فترة في إسرائيل في يوليو القادم، متقدماً على ديفيد بن غوريون، أحد الآباء المؤسّسين لإسرائيل والذي بقي في منصبه أكثر من 13 عاماً. اصطدمت جهود نتانياهو لتشكيل ائتلاف جديد بخلافه مع ليبرمان وحاجته للمقاعد الخمسة التي فاز بها حزبه "إسرائيل بيتنا". ويريد ليبرمان إقرار قانون يهدف إلى جعل الخدمة العسكريّة إلزاميّة لليهود المتشدّدين. وهي قضيّةً بالغة الحساسيّة في إسرائيل تعارضها الأحزاب اليهوديّة المتشدّدة التي تشغل 16 مقعداً في البرلمان وأراد نتانياهو أن يشركها في ائتلافه. وألقى نتانياهو كامل اللوم على ليبرمان مدعيا أنه "لم يكن لديه نية للتوصل إلى اتفاق وأراد فقط إسقاط الحكومة". وقال "سنخوض حملة انتخابية واضحة وقوية وسنفوز". ووصف ليبرمان موقفه بأنه مسألة مبدأ يتصل برفضه محاولات اليهود المتشدّدين فرض قيود دينيّة على المجتمع الإسرائيلي. وقال الخميس في مؤتمر صحافي إن "الموضوع بالنسبة له أيدلوجي. أريد دولة يهودية قومية ولا أريد دولة تسير على الأحكام الحاخامية"، معددا القضايا التي يخضع المجتمع الإسرائيلي فيها لمطالب هذه الأحزاب الدينية المتشددة. فساد وأضاف ليبرمان "نتانياهو يتهمني بأنني السبب في فشل تشكيل الحكومة لكن نتانياهو حتى ليل أمس لم ينجح بالتوقيع على أي اتفاق مع أي حزب من الأحزاب الدينية أو مع حلفائه، وليس فقط معنا". وقال تحالف المعارضة الرئيسي "أزرق أبيض بقيادة الجنرال بيني غانتس "إن مشاكل نتانياهو القانونية كانت العقبة". وقال تحالف "أزرق أبيض" الذي يضم عدداً من رؤساء الأركان السابقين إن الاتفاق مع الليكود سيكون ممكنا اذا سمح نتانياهو لشخص آخر من حزبه بتشكيل الحكومة. وقال قادة التحالف إنهم لا يستطيعون الانضمام إلى حكومة يقودها نتانياهو بسبب مزاعم الفساد التي يواجهها في حين "يبحث عن شركاء راغبين في دعم تشريع يمنحه حصانة تمنعه من دخول السجن".