أعلنت ايران الاربعاء أنها ستعلق بعض تعهداتها في الاتفاق النووي التاريخي المبرم عام 2015 مع الدول الكبرى ردا على انسحاب الولاياتالمتحدة منه قبل سنة. وهددت ايران ايضا بتعليق تعهدات اخرى في حال لم تتوصل الدول الاخرى الموقعة على الاتفاق الى حل خلال ستين يوما لتخفيف آثار العقوبات الاميركية التي اعيد فرضها على البلاد وخصوصا في قطاعي النفط والمصارف. واتهم وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف الدول الاوروبية بعدم الوفاء بالتزاماتها الواردة في الاتفاق بعد انسحاب الولاياتالمتحدة منه. ويأتي ذلك في أجواء من التوتر المتصاعد بين ايرانوالولاياتالمتحدة التي اعلنت الثلاثاء ارسال قاذفات بي-52 الى الخليج، فيما اتهم وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو طهران خلال زيارة مفاجئة الى بغداد الثلاثاء بالتحضير "لهجمات وشيكة" ضد القوات الاميركية. وأعلن المجلس الاعلى للامن القومي في بيان نشرته وكالة الانباء الايرانية الرسمية أن إيران أوقفت اعتبارا من الاربعاء الحد من مخزونها من المياه الثقيلة واليورانيوم المخصب والذي كانت تعهدت به بموجب الاتفاق النووي الموقع في فيينا عام 2015 وفرض قيودا على انشطتها النووية. وأعلن الرئيس الايراني حسن روحاني ان هذه الاجراءات تتوافق مع اتفاق فيينا الذي يتيح للاطراف الموقعة تعليق بعض تعهداتهم جزئيا او بشكل كامل في حال الاخلال به من قبل طرف آخر. الاتفاق النووي الذي صادق عليه مجلس الامن في قرار، اتاح لايران الحصول على رفع جزئي للعقوبات الدولية المفروضة عليها. في المقابل وافقت ايران على الحد بشكل كبير من انشطتها النووية وتعهدت بعدم السعي الى امتلاك السلاح الذري. لكن الولاياتالمتحدة التي انسحبت من الاتفاق قبل سنة، أعادت فرض عقوبات على طهران ما أضر باقتصاد البلاد وبالعلاقات التجارية بين ايران والدول الاخرى الموقعة على الاتفاق. الا ان الاوروبيين والصينوروسيا أبقوا على التزامهم بالاتفاق وسعوا، بلا جدوى حتى الآن، لإعطاء ضمانات لطهران تسمح بالالتفاف على العقوبات الأميركية التي تضر بالاقتصاد الإيراني. "عملية جراحية" قال روحاني إن الاتفاق "كان بحاجة لعملية جراحية". وأضاف أن "الاقراص المسكنة خلال العام الاخير لم تكن كافية ، وهي في الحقيقة عملية جراحية لانقاذ الاتفاق النووي وليس لتقويضه". وتابع الرئيس الايراني "اعتقد انه لو تحرك الشعب والدولة متلاحمين في هذا المسار فان العالم سيستلم رسالة الشعب الايراني جيدا". وأعلنت وزارة الخارجية الايرانية انها ابلغت سفراء الدول الكبرى الأخرى الموقعة للاتفاق، المانياوالصينوفرنساوبريطانياوروسيا، بقرارها رسميا صباح الاربعاء. وأمهل المجلس الاعلى للامن القومي الايراني هذه الدول "60 يوما" لكي تجعل "تعهداتها عملانية وخصوصا في مجالي النفط والمصارف". وحاول الاتحاد الاوروبي وضع آلية لافساح المجال لايران لمواصلة التعامل تجاريا مع هذه الشركات. وأضاف المجلس الأعلى للامن القومي في بيانه أنه "بعد انتهاء المدة، اذا لم تستطع تلك الدول تأمين المطالب الايرانية فستكون المرحلة التالية هي ايقاف المحدوديات المتعلقة بمستوى تخصيب اليورانيوم والاجراءات المتعلقة بتحديث مفاعل الماء الثقل في اراك". وأضاف المجلس "في أي وقت يتم تأمين مطالبنا، فاننا سنقوم وبنفس المقدار باعادة التزاماتنا التي تم تعليقها وخلافا لذلك فان الجمهورية الاسلامية الايرانية ستقوم بتعليق التزاماتها الاخرى مرحليا". وتابع أن "النافذة المفتوحة أمام الدبلوماسية لن تبقى مفتوحة لمدة طويلة ومسؤولية فشل الاتفاق النووي وعواقبه الاحتمالية ستتحملها امريكا وباقي اعضاء الاتفاق النووي". من موسكو، قال ظريف في ختام لقاء مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو، إنه بمعزل عن الصينوروسيا فإن "الدول الباقية الموقعة على الاتفاق لم تف بأي من التزاماتها" بعد الانسحاب الاميركي، مشيرا الى المانيافرنسا والمملكة المتحدة، الدول الاخرى الموقعة على الاتفاق. ونددت روسيا الاربعاء "بالضغط غير المنطقي" الذي تتعرض له ايران والذي دفعها الى تعليق بعض تعهداتها. واكدت موسكو انها لا تزال "ملتزمة" بالاتفاق كما أعلن الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف. من جهتها دعت الصين الى الالتزام بتطبيق الاتفاق النووي. كما حضت المانياايران على "التطبيق الكامل" للاتفاق النووي، بينما وصفت بريطانيا تعليق إيران العمل ببعض التزاماتها ب"الخطوة غير المرحب بها" وأعلنت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورنس بارلي الاربعاء أنها لا تستبعد قيام الاتحاد الاوروبي بفرض عقوبات على إيران، بعد إعلانها تعليق بعض التزاماتها الواردة في الاتفاق النووي. في المقابل، أكد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو ان اسرائيل "لن تسمح" لايران بامتلاك سلاح نووي. وكان ظريف اعلن في وقت سابق أن "الاجراءات التي اتخذتها الولاياتالمتحدة وخصوصا منذ سنة لكن ايضا قبل ذلك مثل انسحابها (من الاتفاق) كانت تهدف بوضوح الى التسبب بوقف تطبيق" هذا الاتفاق. وأضاف أن إيران اظهرت حتى الان "ضبط نفس" لكن الجمهورية الاسلامية باتت تعتبر الان أنه "من المناسب وقف تطبيق بعض تعهداتها وإجراءات طوعية" اتخذتها في اطار هذا الاتفاق، وذلك في تصريحات نقلها التلفزيون الرسمي. لكن ظريف شدد على أن إيران "لن تنسحب" من الاتفاق النووي وأن الاجراءات التي اتخذتها طهران، والتي لم تحدد طبيعتها، تتوافق مع "حق" وارد للاطراف الموقعة على الاتفاق في حال إخلال طرف اخر بالالتزامات. وأكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية المكلفة التحقق من تطبيق الاتفاق النووي على الارض، على الدوام ان طهران تحترم تعهداتها. وكانت طهران حدت في هذا الاطار مخزونها من المياه الثقيلة ب 130 طن كحد أقصى واحتياطها من اليورانيوم المخصب ب 300 كلغ وعدلت عن تخصيب اليورانيوم بدرجات تفوق 3,67 %.