في حفل افتتاح الملتقى الثاني لأعضاء هيئة التدريس بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة الملك عبدالعزيز يوم العاشر من رجب الحالي، تحدث معالي مدير الجامعة راعي الملتقى الأستاذ الدكتور عبدالرحمن بن عبيد اليوبي في كلمته عن أهمية العلوم الإنسانية التي تعتبر كما قال: أمُّ العلوم كافة، وبيَّن أن كليات الآداب في الدول المتقدمة تلقى اهتماماً خاصاً في جامعات تلك الدول، لما تختص به أقسامها وتخصصاتها من علوم تتصل بكل جوانب الحياة الإنسانية من أديان ولغات وتأريخ وجغرافيا، إضافة إلى علم النفس وعلم الاجتماع، وما تتضمنه هذه التخصصات من اهتمامٍ بالفكر والأدب والفلسفة، ويتصدر كل ذلك الموروث العلمي والثقافي والتأريخي للأمم كافة، ويتقدم في أهميته على كثير من العلوم التطبيقية التجريبية كالطب والهندسة والعلوم بكل تخصصاتها، رغم أهميتها القصوى في حياة الإنسان، كما بيَّن معاليه، وأكد أن الكليتين الرائدتين في الجامعة هما كلية الاقتصاد والإدارة والآداب والعلوم الإنسانية وهما أول كليّتين تأسستا في جامعة المؤسس، لذلك يحلو لمنسوبي كلية الاقتصاد والإدارة أن يسموها (أساس جامعة المؤسس)، والكليتان الرائدتان: كليتان نظريتان إن جاز التعبير مع أن كثيراً من علومهما أصبحت علوماً تطبيقية تجريبية اليوم، وكانت كلية العلوم الكلية الثالثة في التأسيس وسماها معاليه الأخت الصغرى بعد الكُبرى والوسطى، وصاغ ذلك في دعابة أسعدت الجميع. وليس كلام معاليه نابعاً من فراغ، خصوصاً في هذه الأيام التي تشهد فيها كلية الآداب والعلوم الإنسانية، حراكاً علمياً وثقافياً غير مسبوق، يحرص عليه ويدعمه عميدها الحالي الأستاذ الدكتور فيصل بالعمش ووكلاؤه ورؤساء أقسام الكلية ورواد لجانها، ويشارك فيه جميع منسوبيها رجالاً ونساءً، ولا يكاد يخلو أسبوع واحد طوال العام الدراسي من نشاط علمي أو ثقافي ذي بال، تنظمه الكلية على مستوى الجامعة كلها أو داخل أروقة الكلية، ومنها انعقاد الملتقى العلمي الثاني لأعضاء هيئة التدريس بالكلية الذي أشرت إليه تحت عنوان: «أفكار إبداعية وتجارب رائدة في تعليم العلوم الإنسانية»، واستمر لثلاثة أيام في الفترة من 10 إلى 12/7/1439ه، قُدِّم خلالها اثنان وعشرون بحثاً رصيناً غطت محاور الملتقى جميعاً، وشهد حضوراً كثيفاً من الأساتذة والطلاب من الجنسين، واختُتم الملتقى بورشة عمل مهمة حول «التدريس من أجل تنمية الفكر الإبداعي» قدمها الدكتور يعن الله القرني رئيس قسم الاتصال بكلية الاتصال والإعلام بالجامعة، وحضر الدورة عدد كبير من أساتذة الكلية. وتميّز ملتقى هذا العام بإتاحة الفرصة لباحثين من خارج الكلية للمشاركة بأوراق علمية. ومن مظاهر الحراك العلمي الكبير في الكلية هذا العام تخصيص جائزة لأفضل رسالة علمية، ماجستير أو دكتوراه، وقد تقدم لهذه الجائزة عدد كبير من الحاصلين والحاصلات على هاتين الدرجتين العلميتين العاليتين، وتهدف الجائزة إلى تحفيز طلاب وطالبات الدراسات العليا على تجويد رسائلهم العلمية قدر المستطاع لأنها تمثل كليتهم وجامعتهم. وكان من أهم الفعاليات التي اضطلعت بها الكلية في هذا الفصل الدراسي، محاضرة مهمة للغاية قدمها الأستاذ الدكتور اسماعيل بن خليل كتبخانة الأستاذ بقسم الاجتماع والخدمة الاجتماعية بالكلية بعنوان: «نماذج مختارة من ثقافة مكةالمكرمة» صباح يوم الأربعاء 18/7/1439ه برعاية معالي مدير الجامعة الأستاذ الدكتور عبدالرحمن بن عبيد اليوبي الذي لا يضن على الكلية بكل الدعم والتأييد، كما أسلفت. وقدمت المحاضرة في قاعة الملك فيصل الكبرى بالجامعة، وغصَّت القاعة، رغم ضخامتها، بالحاضرين من مسؤولين وأساتذة وطلاب وضيوف كثر من خارج الجامعة، واستعرض المحاضر فيها أهم ما احتوته موسوعته الرصينة (ثقافة المجتمع المكي خلال نحو قرن ونصف قرن من 1300ه حتى 1436ه)، التي صدرت في تسعة مجلدات ونال مشروعها جائزة ومنحة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وكان وقتها يحفظه الله ولياً للعهد. كما ألقى المحاضر أضواءً كاشفة على ثقافة المجتمع المكي باحترافية عالية ودار حوار بينه وبين الحاضرين الذين ألقوا الكثير من الأسئلة المهمة في مقدمتهم معالي مدير الجامعة، وأجاب عليها. وسوى تلك الفعاليات الكبار مازال في جعبة الكلية الكثير كاستضافة بعض أصحاب الفضيلة أعضاء هيئة كبار العلماء. وقد أدى هذا التألق والتميز إلى زيادة الإقبال على برامجها في الدراسات العليا فزاد عدد المتقدمين هذا العام عن أربعة آلاف. وكل ذلك يشي بصحة ما قاله معالي مدير الجامعة من أن العلوم الإنسانية أمُّ المعارف جميعاً.