سعت الدولة قبل عدّة سنوات ومن خلال العديد من الجهود لعددٍ من الجهات الحكومية، وفي مقدمتها وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، لإطلاق برامج توطين مختلفة شملت عددًا من المجالات التجارية بغية توفير فرص عمل لشباب وشابات الوطن في القطاع الخاص، والذي لا تتجاوز نسبة السعودة فيه 15% بشكلٍ عام، ويعتمد بشكلٍ كبير على غير السعوديين، مما ساهم في قيام وزارة العمل والتنمية الاجتماعية بإطلاق العديد من المبادرات المختلفة، والتي تساهم في خلق فرص العمل، ودعم برامج التوطين، والحرص على رفع تلك النسبة لتصل إلى 25%. من تلك القرارات التي قدَّمتها الوزارة قرار سعودة مكاتب تأجير السيارات في المملكة، والذي سيبدأ تطبيقه يوم غد الأحد غرة رجب 1439ه، وقد قامت صحيفة عكاظ بنشر تقرير ميداني يوم الخميس الماضي عن إغلاق الكثير من مكاتب التأجير أبوابها أمام العملاء، ما تسبَّب في توقُّف حركة التأجير في تلك المحلات حتى إشعارٍ آخر، وأشار بعض المتعاملين مع تلك المكاتب بأن ذلك الإغلاق الجماعي جاء نتيجة عدد من الأسباب، وفي مقدمتها توفير عمالة وطنية ذات خبرة عالية، إلى جانب عدم تقبُّل بعض الشباب السعودي العمل على فترتين، أو في الإجازات الرسمية، وقد أورد التقرير مفاجأة عدد من مستأجري السيارات إغلاق مكاتب التأجير على طريق الملك عبدالعزيز المؤدي للشرائع في مكة وفي حي العزيزية. البعض يعتقد بأن مثل هذا الإغلاق قد يكون ورقة ضغط على الوزارة لإعادة النظر في قرارها، وهو أمر مارسه آخرون في قطاعاتٍ أخرى، كقطاع الجوالات وقطاع الذهب والملابس النسائية... وغيرها من القطاعات التي فُرضت عليها التوطين، فكان مصيرها إما الإغلاق أو توفير عمالة وطنية مناسبة، مع الإحاطة بأن صندوق تنمية الموارد البشرية (هدف) يعمل على تشجيع هذا التوطين، وتأهيل العمالة الوطنية وتدريبها وصرف مكافآت مالية للمنشآت التي تُحقق نمواً في إجمالي أجور موظفيها السعوديين، وذلك بتوظيف سعوديين إضافيين، أو رفع رواتب موظفيها السعوديين الحاليين، ويتم تحديد مبلغ المكافأة بناءً على نسبة محددة من نمو الرواتب المصروفة لموظفي المنشأة السعوديين المسجلين في التأمينات الاجتماعية. لا مفر من التوطين، ولن يكون أمام أصحاب القطاعات التجارية حل سوى التوطين، أو الإغلاق، ولا مجال للتلاعب أو التستر أو غيرها من الأساليب، التي كانت تُستخدم في الماضي، فقرارات التوطين أصبحت تتوالى يوماً بعد يوم، وستستمر حتى يتم إتاحة فرص العمل لجميع شباب وشابات الوطن، فنحن اليوم في عصر الحزم والعزم، وقد انطلقت مسيرة التطوير والإنجاز ولن تتوقف بإذن الله.