هل هناك حقًا أصوات كويتية متحاملة من البعض تؤيد قطر بدلا أن تستنكر أفعالها؟! إن كان ذلك صحيحًا، فإن تلك الأصوات تشوه الصورة المفترضة لحكومة الكويت التي نحسب أنها - بموقفها المحايد - تريد أن تظل شعرة معاوية، لتتمكن من حل المشكلة لإعادة اللحمة بين الأشقاء، وإقناع حكام قطر بالعودة للإجماع، وأنهم يسيرون نحو الاتجاه المعاكس لأهداف دول الخليج التي تقف موقف الحياد من النزاعات الدولية، وتنبذ العنف، وتعارض تغذية الصراعات، تلك الأصوات تجعلنا نسيء الظن في موقف بعض الكويتيين، كنا ننتظر موقفًا حازمًا من قبل كل الأشقاء في الكويت وبدون استثناء تجاه قطر التي لم تبدي أي مرونة مع الوساطة الكويتية، أو حتى تحترم الشيخ صباح، هذه من وجهة نظرنا، لكن ماذا قالت الكويت للوفود التي تعاقبت على قصر دسمان والتي جاءت لتستوضح الأمر من الشقيق المحايد؟! لا نستطيع التكهن حول ما خرج به مبعوثو الدول التي تدخلت للوساطة، إلا أن ما لاحظناه هو برودة في الاستمرار في الوساطة عقب زيارة الكويت، وتصريحات مموهة من قبل أولئك لا تعني المضي في الوساطة، مما يعني أنه لم يتم الحديث عن تعنت قطر وإصرارها على المضي في مواقفها التخريبية واستضافة المنشقين وقادة المنظمات الإرهابية. لقد طال الوقت بتلك الأصوات لأن تكون محايدة، ووجب عليها، بعد أن فشلت مساعي الصلح، أن تعلن عن وقوفها إلى جانب أشقائها الذين ناصروا الكويت يومًا في طرد وإنهاء الاحتلال وأعادوا الشرعية لها، فيما كانت قطر ترفض المشاركة في التحرير بطرحها شروطًا تعجيزية تتعلق برغبتها في التهام بعض جزر البحرين، وتصريح سمو الشيخ صباح عقب زوال الاحتلال لازال يرن في آذان كل أبناء الخليج عندما قال: "إن دولة الكويت أميرًا وحكومة وشعبًا، لا يمكن لها أن تنسى الدور المشرف الذي لعبته المملكة بقيادة الملك فهد في إدانة الغزو العراقي الغاشم لوطننا، ورفضه وشجبه، وما ساهمت به المملكة من إعداد سياسي وعسكري لتحرير دولة الكويت" . نعي جيدًا أن تلك الأصوات لا تمثل الشرفاء من أبناء الكويت الذين يدركون حقيقة الوقفة الشجاعة التي وقفتها المملكة من حيث الدعم السياسي والمالي والعسكري واستقبال اللاجئين وتوفير الملاذ الآمن لهم في جميع المدن السعودية، ولا ينسون كذلك كيف هب المواطنون السعوديون وتسابقوا لاستضافة أشقائهم الذين فروا من جنود الاحتلال. لا مجال للمقارنة بين المملكة وبين قطر لدى الكويتيون لا ماضيًا ولا مستقبلا، هنا في المملكة أقامت الكويت حكومة المنفى، وانطلقت لتطالب بعودة الوطن إلى شرعيته، وهنا سعى قادة هذه البلاد على صحة وسلامة الأسرة بعد أن أقنعت الشيخ جابر يرحمه الله بالابتعاد عن الحدود والدخول إلى المملكة، لكي تظل هناك قيادة شرعية تطالب بحقوقها وعودتها إلى حكم البلاد، ومن هذه الأرض انطلقت أول شرارة للحرب على العراق واستعادة الأراضي الكويتية وطرد المحتل. نذكر فقط تلك الأصوات المتحاملة، فلعلها تعيد شريط الذاكرة قليلا إلى عام 90.