فئة من تجار أسواق المال تسمى (المتحوطين) بدأت التخارج من أسواق السلع خصوصاً الذهب والنفط وكان الهدف العملة الخضراء وسط بيانات اقتصادية سلبية في معظمها خصوصاً ما يتعلق بسوق العمل والتي في أغلبها مؤشرات متأخرة ساهمت في خفض شهية المخاطرة، لكن هذه الشهية قد لا تدوم عند هذه المستويات خصوصاً مع (ديسمبر) شهر الاستهلاك الأبرز من كل عام بسبب الأعياد وبالتالي سيزيد معدل الاستهلاك وهي مؤشرات استباقية قد تغري المخاطرين للمتاجرة في أسواق النقد ورأس المال وخصوصاً الأسهم والعملات الأجنبية من جديد، ولمزيد من التفصيل دعونا نحدق بضعة دقائق في أرقام هذا الأسبوع لنعرف ماذا يدور خلف أهم العملات الأجنبية في العالم: الدولار الأمريكي تمكن الدولار من التداول إلى مستوى 76.4 أمام سلة عملاته مخترقا متوسط 50 يوماً لأول مرة منذ إبريل الماضي وعلى حساب العملات الرئيسة ولا يزال اتجاهه هابطاً ويوشك أن يتحول إلى المسار الصاعد مع انخفاض شهية المخاطرين وجني الأرباح في أسواق السلع خصوصا النفط والذهب وهي عادة قديمة للمضاربين المحترفين هناك. طلبات الإعانة لآخر أسبوع من شهر نوفمبر بلغت 457 ألف مقارنة بأرقامها السابقة والتي بلغت 466 ألف، حيث خسر سوق العمل 11 ألف وظيفة باستثناء القطاع الزراعي أما القطاع الصناعي خسر 41 ألف مقارنة بخسارة 61 ألف وظيفة للقراءة السابقة ومعظمها من عقود توظيف مؤقتة مع الاحتفاظ بموظفي (full-time) ومع وصول معدل البطالة لشهر نوفمبر إلى 10% مقارنة بالقراءة السابقة 10.2% وهذه الأرقام إيجابية لكنها متأخرة وتبقى دائماً أرقام سوق العمل حساسة جداً من قبل المتحوطين لذا رأينا عمليات شراء قوية للدولار لكن لا يرجح أن تستمر طويلاً خصوصاً وأن شهر ديسمبر هو شهر الأعياد وفيه معدلات الاستهلاك ترتفع بحدة وقطاع التجزئة محظوظ هذه الأيام لذا نتوقع عودة الارتفاع في شهية المخاطرة في الأسواق المالية.أما بشأن النفط وخصوصا (خام نايمكس) رجع إلى مستوياته في اكتوبر عند مستوى 70 دولارا للبرميل بسبب ارتفاع الدولار وسلبية أرقام سوق العمل، لكن مع نهاية الأسبوع جاء ما يسعف خاماتها وهو صدور تقرير وكالة الطاقة الأمريكية وفيه أعلنت عن انخفاض مخزوناتها إلى 3.8 ملايين برميل والقراءات الثلاث الأخيرة كانت جميعها تظهر ارتفاعا بقيم المخزونات، حتى أوبك أعلنت أن متوسط أسعار خاماتها تراجع ليصل إلى 74.8 دولارا للبرميل جاءت مواكبة لتصريحات فردية من مسؤوليها بعدم الرغبة في رفع معدلات إنتاجها من النفط ومع ذلك هبط من 74 إلى 70 دولارا للبرميل لأن تكلفة شراء البرميل من وجهة نظر المضاربين بسبب الدولار أصبحت أعلى من الأسابيع الماضية. اليورو مقابل الدولار الأمريكي: خرج من النمط السلوكي لكن الخروج لم يحدث بشكل تام لأنه لا زال يتداول فوق مستوى 1.45 أما من حيث الاتجاهات فقد كسر الاتجاه الصاعد الفرعي وأصبح الزوج تحت سيطرة البائعين ويرجح أن تكون تداولات الأسبوع القادم دون 1.45 مع بدايته. الجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأمريكي حركة التداول في هذا الزوج مملة ولا جديد فيها لمن يتاجر على الفترة الأسبوعية لكن لا يزال المسار أفقياً ويخلو من المضاربين ونقطة 1.605 مهمة في تحديد الاتجاه حيث يرجح وبناءً على اتساع نطاق التذبذب للقناة الجانبية الحالية أن يتم زيارة مستوى 1.57 نهاية الأسبوع القادم. الدولار الأمريكي مقابل الين الياباني معروف لدى كثير من المتاجرين أن هذا الزوج على الحركة الأسبوعية والشهرية يتحرك في منطقة قاع لكن على الحركة اليومية وبعد كسر مؤقت للاتجاه الهابط عاد من 90.80 ليرتد بقوة من مستوى 87.3 دليل رغبة تحول للمسار الأفقي ويبقى مستوى 90.80 آخر حصون البائعين. اليورو ندرة شديدة في البيانات الصادرة من منطقة اليورو أهم ما فيها تثبيت المركزي الأوروبي سعر الفائدة عند النقطة المئوية والتصريح بتوقعاته بشأن معدل التضخم للعام القادم عند 0.9%، انخفضت بسبب ذلك العملة الموحدة خصوصا مع قوة شراء الدولار وبسبب توقعات المركزي بشأن التضخم، والأنظار تتوجه إلى أرقام المستهلكين والمنتجين في الأيام المتبقية من هذا العام وهي المحرك الرئيس لأسواق المال هناك لكن اليورو سيبقى عالي المخاطرة وجاذباً لنوعية محدودة من المضاربين. الجنيه الإسترليني القطاع الصناعي في بريطانيا تراجع نموه في شهر اكتوبر ليصل إلى مستويات الصفر مقارنة بنمو 1.6% للقراءة السابقة مما يشير إلى أن الطلب الصناعي سيخف على المدى القصير، حتى على مستوى قطاع الخدمات جاء مؤشر مديري المشتريات لشهر نوفمبر عند مستوى 56.6 بعد مغادرة مستوى 56.9 للقراءة السابقة على الرغم من أهمية هذا القطاع بشكل كبير جدا في الاقتصاد الملكي، أما الميزان التجاري للصادرات والواردات السلعية لشهر أكتوبر أظهر عجز بقيمة 7,1 مليارات جنيه مقارنة بعجز سابق بقيمة 6,9 مليارات جنيه بسبب تفوق واردات البلد أمام صادراته. الين قام رئيس الوزراء الياباني بالإعلان عن خطة تحفيز كبيرة ب 7.2 مليارات ين خوفا من الانكماش التضخمي وانفلات سعر الين والأهم من ذلك هو دعم سوق العمل وكانت الخطة قد جاءت بدافع من عدم نجاعة سياسات البلد المالية المتمثلة في الإنفاق الحكومي أو تدنيها خصوصاً مع تراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي للربع الثالث إلى 0.3% وهبط الين بسبب ذلك خصوصاً أمام الدولار، أما بشأن أرقام الحساب الجاري لشهر اكتوبر فقد أظهر فائضا بقيمة 1.39 مليار ين حيث تراجع من مستويات 1.56 مليار ين لشهر سبتمبر يظهر أداء سلبي لحجم التدفقات الناتجة من التجارة الخارجية، أما الميزان التجاري لشهر اكتوبر يدل على تحسن تسويق المنتجات اليابانية للخارج حيث أظهر فائض 949 مليار ين مقارنة بالرقم السابق 599 مليار ين بسبب تحسن الصادرات المتعاقب خلال الأشهر القليلة الماضية. (تم إعداد هذا التقرير بعد إغلاق الأسواق اليابانية أمس الخميس الساعة 9 صباحا بتوقيت جرينتش) محلل أسواق المال waleed.alabdulhadi@ gmail.com