توقع بعض المحللين في قطاع الصناعة أن يتضاعف الطلب العالمي على الطاقة الأولية من الآن حتى عام 2030 من 9 إلى 18 مليار طن مكافئ، وأن يتزايد هذا الطلب إلى ثلاثة أضعاف تقريباً ليصل إلى ما بين 25 و30 مليار طن مكافئ نفط حتى عام 2050. وطبقاً لهذه التوقعات الاستشراقية فإن الوقود الأحفوري سيمثل في عام 2050م أقل من ثلثي إجمالي الطاقة المستهلكة مقابل 85% حالياً. ويرجح بيار رينيه - وهو خبير في شؤون الطاقة - أن تؤدي زيادة الطلب على الطاقة إلى تنشيط صناعة ودراسة مصادر الطاقة الأخرى غير الأحفورية، ويأتي الفحم الحجري على قائمة تلك المصادر، رغم أنه يحظى بمحاربة كبيرة من البيئيين بسبب كثافة أدخنته التي تؤدي إلى تلوث البيئة أكثر من أي مصدر آخر. ورغم المحاذير البيئية إلا أن حجم إنتاج الفحم الحجري ارتفع خلال العام الماضي إلى 5370 طناً مترياً، بزيادة نسبتها 8. 8% عن العام الذي سبقه، ولا يزال يجد إقبالا من بعض المستهلكين؛ نظراً إلى رخص أسعاره مقارنة بمصادر الطاقة الأخرى؛ حيث بلغ الاستهلاك السنوي نحو 5339 طناً مترياً. وبالنسبة إلى المخزون الفحمي العالمي فيقدر بنحو ألف مليار طن يستهلك منها سنويا ما يعادل 5.5 مليار طن. وهذا يعني أن الفحم الحجري قد يكفي لمدة تزيد على 150 عاماً وفقاً لمعدلات الاستهلاك الحالية. إلا أن الفحم لا يمكن أن يشكل بديلاً كاملاً للنفط أو الغاز الطبيعي في استخداماتهما المختلفة. وكان الفحم الحجري في فترة ماضية المصدر الرئيسي للطاقة في جميع البلدان الصناعية. وقد أنتجت المحركات العاملة بالبخار الناتج عن احتراق الفحم الحجري معظم القدرة اللازمة لهذه البلدان منذ بداية القرن التاسع عشر حتى بداية القرن العشرين؛ إذ أصبح النفط والغاز الطبيعي المصدرين الرائدين للطاقة في معظم أرجاء العالم. وعلى نقيض الفحم فإن النفط يمكن تحويله إلى مواد وقود أخرى لازمة لتشغيل وسائل المواصلات الحديثة. وقد حل استعمال الغاز الطبيعي محل الفحم الحجري لتوليد الطاقة الحرارية. وتعتمد طريقة استخدام الفحم الحجري على تركيبه الكيميائي ومحتوى الرطوبة فيه. ويتركب الفحم من أجسام صلبة معينة ومن رطوبة. أما الأجسام الصلبة فتتركب أساسًا من عناصر الكربون والهيدروجين والنيتروجين والأكسجين والكبريت. و تتباين كثيرًا من حيث محتواها من هذه العناصر، وكذلك من حيث محتواها من الرطوبة. وفي الحقيقة لا يوجد ترسبان من الفحم الحجري متشابهان تمامًا من حيث التركيب. ويصنف الفحم الحجري على حسب محتوياته من الكربون. وينقسم إلى أربعة أصناف أو رتب رئيسية. ويتناقص محتوى الكربون في الفحم الحجري مع تدني رتبها؛ فالأنتراسيتات ذات الرتبة الأعلى تحتوي على نحو 98% من عنصر الكربون، بينما يحتوي اللجنيت ذو الرتبة الأدنى على نحو 30% من عنصر الكربون. أما كمية الرطوبة في الفحوم الحجرية فتتزايد عكسيًا مع تدني رتبها في الفحوم تحت القارية واللجنيتات. وتحتوي الفحوم الأخيرة على طاقة حرارية أقل من الطاقة الحرارية في كل من الأنتراسيتات والفحوم القارية. ويشار إلى الطاقة الحرارية على أنها كمية الحرارة الناتجة عن احتراق مقدار مُعَيَّن من الفحم الحجري. ومن أهم أسباب قلّة استخدام الفحم الْحَجَري كمصدر للطاقة هو أن مصادره تتركز في عدد قليل من الدول. كما أن استخدام الفحم الْحَجَري كوقود مباشرة يستلزم أموالاً باهظة التكلفة لمحطات التوليد. والفحم له أثر سيئ على البيئة والإنسان؛ إذ إنه مصدر رئيسي لتلوث الهواء، وما يُسببه من مشاكل صحية, والتعدين السطحي للفحم الْحَجَري يُخَلِّف وراءه أراضي وعِرَة؛ ما يؤدي إلى تشويه التربة، وعدم صلاحيتها للزراعة. إضافة إلى أن احتراق الفحم الْحَجَري يؤدي إلى تجمع غاز ثاني أكسيد الكربون الذي يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الجو، وهي تُعتبر من المشاكل الرئيسية التي تواجه سكان الكرة الأرضية؛ وذلك بسبب ما يُعرف بالاحتباس الحراري، الذي يُغير من مناخ الأرض.