لقد وصف الله سبحانه وتعالى نفسه بصفات الجلال والكمال ومنها أنه غفار لذنوب عباده وتواب على من تاب منهم، يقول الله سبحانه: وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى . والتوبة يجب ان تكون نصوحاً يا أيها الذين آمنوا توبوا الله توبة نصوحاً عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار الآية. والتوبة الصادقة النصوح علامة على الصدق وطريق للفلاح، يقول تعالى وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون . وباب التوبة مفتوح للعبد ما لم تغرغر نفسه وهي واجبة على جميع المؤمنين باتفاق المسلمين كما تجب على الفور خشية حضور موت الفجأة وحينئذ لا ينفع العبد توبة ولا إيمان لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر وقوله سبحانه : وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن الآية. كما يجب أن تكون في حال الصحة والمهلة ليتبع ذلك بعمل صالح. وقد ذكر أهل العلم رحمهم الله عدة شروط لقبول التوبة من الله تعالى منها : الإقلاع عن الذنب في الحال، والعزم على ألا يعود لمثله، والندم على مافات، وأن يكون ذلك حياء من الله تعالى وخوفاً منه لا من غيره. وزاد بعضهم في تلك الشروط: الاعتراف بالذنب وكثرة الاستغفار لأن مجرد التلفظ بالاستغفار باللسان مع إصرار القلب على المعصية فذلك استغفار يحتاج إلى استغفار، كما روي عن الحسن البصري رحمه الله أنه قال: استغفارنا يحتاج إلى استغفار, قال هذا في زمانه فكيف في زماننا هذا والرجل منا يستغفر من ذنبه وهو مصر على ذنوبه مكب على ظلم نفسه والعياذ بالله. والخلاصة أن التوبة إن لم تكن مشتملة على ندم على ما مضى فعله من الذنوب والكبائر والخطايا والسيئات وإعادة لما ضاع من الفرائض وردا للمظالم إلى أهلها وإشغال الإنسان نفسه بطاعة الله كما أشغلها بمعصيته وتذويق النفس مرارة الطاعة كما ذاقت حلاوة المعصية وتزيين النفس بالطاعة كما تزينت بالمعصية واستبدال الضحك بالبكاء. إن لم تكن التوبة كذلك فانها توبة باللسان وهي توبة الكذابين وتوبة تحتاج إلى توبة، والأصل في ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه: في الرجل الذي قتل مائة نفس ثم سأل هل له توبة فقال له العالم: ومن يحول بينك وبينها؟ انطلق إلى أرض بني فلان فإن بها ناسا صالحين يعبدون الله، فاعبد الله معهم ولا تعد إلى أرضك فإنها أرض سوء, رواه مسلم. أما الصغائر فإنها تكفر وتغفر للعبد بشرط اجتناب الكبائر مع المحافظة على الفرائض، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم :الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهما إذا اجتنبت الكبائر رواه مسلم، وأما الكبائر فلا يكفرها إلى التوبة منها والإقلاع عنها كما بينا. جعلنا الله وإياكم من التوابين والمتطهرين إنه جواد كريم. * كوالالمبور ,, ماليزيا