اكتشاف مخلوق بحري بحجم ملعبي كرة سلة    وظائف للأذكياء فقط في إدارة ترمب !    تركيا.. طبيب «مزيف» يحول سيارة متنقلة ل«بوتوكس وفيلر» !    زيلينسكي يقول إن "الحرب ستنتهي بشكل أسرع" في ظل رئاسة ترامب    ترامب ينشئ مجلسا وطنيا للطاقة ويعين دوغ بورغوم رئيسا له    إسبانيا تفوز على الدنمارك وتتأهل لدور الثمانية بدوري أمم أوروبا    "أخضر الشاطئية" يتغلب على ألمانيا في نيوم    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تراجع    "سدايا" تنشر ورقتين علميتين في المؤتمر العالمي (emnlp)    نيوم: بدء تخطيط وتصميم أحياء «ذا لاين» في أوائل 2025    مركز عتود في الدرب يستعد لاستقبال زوار موسم جازان الشتوي    لجنة وزارية سعودية - فرنسية تناقش منجزات العلا    نجاح قياس الأوزان لجميع الملاكمين واكتمال الاستعدادات النهائية لانطلاق نزال "Latino Night" ..    اختتام مزاد نادي الصقور السعودي 2024 بمبيعات قاربت 6 ملايين ريال    "الشؤون الإسلامية" تختتم مسابقة القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة في غانا    منع استخدام رموز وشعارات الدول تجارياً في السعودية    منتخب مصر يعلن إصابة لاعبه محمد شحاتة    الأمير محمد بن سلمان.. رؤية شاملة لبناء دولة حديثة    ابن جفين: فخورون بما يقدمه اتحاد الفروسية    أمير تبوك يطمئن على صحة مدني العلي    رتال تختتم مشاركتها كراعٍ ماسي في سيتي سكيب بإطلاق حزمة مشاريع نوعية بقيمة 14 مليار ريال وتوقيع 11 اتفاقية    بعثة الاخضر تصل الى جاكرتا استعداداً لمواجهة اندونيسيا    القوات الجوية السعودية تختتم مشاركتها في معرض البحرين الدولي للطيران    جدة تشهد أفراح آل قسقس وآل جلمود    إحباط تهريب 380 كيلوجرامًا من نبات القات المخدر في جازان    القمر البدر العملاق الأخير    تركي آل الشيخ يعلن القائمة الطويلة للأعمال المنافسة في جائزة القلم الذهبي    قادة الصحة العالمية يجتمعون في المملكة لضمان بقاء "الكنز الثمين" للمضادات الحيوية للأجيال القادمة    المملكة تواصل توزيع الكفالات الشهرية على فئة الأيتام في الأردن    فريق قوة عطاء التطوعي ينظم مبادرة "خليك صحي" للتوعية بمرض السكري بالشراكة مع فريق الوعي الصحي    جامعة أمّ القرى تحصل على جائزة تجربة العميل التعليمية السعودية    خطيب المسجد النبوي : سنة الله في الخلق أنه لا يغير حال قوم إلا بسبب من أنفسهم    ميقاتي: أولوية حكومة لبنان هي تنفيذ قرار مجلس الأمن 1701    خطيب المسجد الحرام: من ملك لسانه فقد ملك أمرَه وأحكمَه وضبَطَه    "الخبر" تستضيف خبراء لحماية الأطفال من العنف.. الأحد    ليس الدماغ فقط.. حتى البنكرياس يتذكر !    قتل أسرة وحرق منزلها    أمريكا.. اكتشاف حالات جديدة مصابة بعدوى الإشريكية القولونية    وزير الحرس الوطني يستقبل وزير الدفاع البريطاني    الخرائط الذهنية    «قمة الرياض».. إرادة عربية إسلامية لتغيير المشهد الدولي    لماذا فاز ترمب؟    الشؤون الإسلامية في منطقة جازان تقيم مبادرة توعوية تثقيفية لبيان خطر الفساد وأهمية حماية النزاهة    في أي مرتبة أنتم؟    الشؤون الإسلامية بجازان تواصل تنظيم دروسها العلمية بثلاث مُحافظات بالمنطقة    باندورا وعلبة الأمل    مدارسنا بين سندان التمكين ومطرقة التميز    خالد بن سلمان يستقبل وزير الدفاع البريطاني    أمير تبوك يطمئن على صحة مدني العلي    انطلاق المؤتمر الوزاري العالمي الرابع حول مقاومة مضادات الميكروبات "الوباء الصامت".. في جدة    البصيلي يلتقي منسوبي مراكز وادارات الدفاع المدني بمنطقة عسير"    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال 23 إلى لبنان    بحضور الأمير سعود بن جلوي وأمراء.. النفيعي والماجد يحتفلان بزواج سلطان    أفراح النوب والجش    استعراض جهود المملكة لاستقرار وإعمار اليمن    استعادة التنوع الأحيائي    كم أنتِ عظيمة يا السعوديّة!    إضطهاد المرأة في اليمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المسجد يحتل المكانة الأساسية في المنهاج التنموي الإسلامي
في بحث كتب ل الجزيرة حول رسالة المسجد في تنمية المجتمع ,, توفيق السديري يؤكد الإسلام منهاج شامل للحياة يستهدف إسعاد الإنسان
نشر في الجزيرة يوم 07 - 07 - 2000

للمسجد رسالة كبيرة في تنمية المجتمع,, وفي البحث الذي اعده لالجزيرة سعادة الاستاذ/ توفيق بن عبدالعزيز السديري وكيل وزارة الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد المساعد للشئون الاسلامية، اجاب فيه على ما يطرح من تساؤل عن التنمية التي يسهم المسجد فيها، خاصة وان مفهوم التنمية مفهوم معاصر، من المفاهيم التي طرحت في اطار الحضارة الغربية، وهو بحسب هذا السياق التاريخي الذي طرح في اطاره ينصب على العصرنة بحسب النموذج الغربي، فهل يمكن ان يسهم المسجد في تنمية هذا النمط؟ وكيف يتأتى هذا، والمسجد ينتمي الى الاسلام والحضارة الإسلامية؟!
يقول الاستاذ توفيق السديري:
ان هذا المصطلح وان طرح في اطار الحضارة الغربية لا يمكن قصر مضمونه على المفهوم الغربي للتنمية، فلكل حضارة مفهومها الذي يتفق مع رؤيتها، ومنهجها العلمي، وذلك باعتبار التنمية نهجاً مخططاً يتمثل في سلوك محدد يتركز على نسق من القيم، ويهدف الى اسعاد المجتمع باعتباره نسيجاً متكاملاً، وذلك بنقله من حاله التي هو عليها الى حال افضل عن طريق تطوير قدراته، وصقل خبراته، وتحسين انتاجيته، وتكوين المهارات لدى افراده.
ان التنمية بهذا المفهوم تصبح محايدة لا تنتمي الى حضارة بعينها، ويمكن في ضوئه تعدد نماذج التنمية، كما يمكن ان يستخدم المفهوم من قبل الحضارة الاسلامية، او الغربية، او غيرهما بحيث يفهم بناء على الاستخدام من قبل حضارة بعينها نوع السلوك والقيم، وحد التخلف والتقدم، والادنى والافضل، وطرق التطوير، والتكوين، وبناء على ما سبق يتضح المقصود من التنمية التي للمسجد اثر في انجازها, انها التنمية بحسب منهاج الاسلام.
فالاسلام منهاج شامل للحياة يستهدف اسعاد الانسان بنقله من الانحراف والضلال والانحطاط الى الاستقامة والارتقاء عن طريق توجيه طاقته، وحفز قدراته، وتكامل الفرد والمجتمع، والتنمية بحسب الاسلام تنمية شاملة تربط المسألة الدنيوية بالاخروية، وتحقق التكامل بين فئات المجتمع من خلال القيم والمؤسسات التي تجسد تلك القيم وترسخها، وفي مقدمة تلك المؤسسات المسجد الذي يحتل مكانة اساسية في المنهاج التنموي الاسلامي لما له من وظائف متعددة.
بناء على ذلك فان رسالة المسجد في التنمية يمكن استجلاؤها من النظر في الاسلام بوصفه بناء متكاملاً، وموقع المسجد من ذلك البناء، كما يمكن استجلاؤها ايضاً من خلال بناء المجتمع الاول على يد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ودور المسجد في تلك العملية الحضارية.
1 فأما من الناحية الاولى: فالاسلام بناء متكامل يتكون من اصول، هي العقيدة، وتتأسس عليها قيم، وتشريعات تستوعب الحياة الانسانية، وتضعها في المسار الصحيح لتتحقق لها السعادة في الدنيا والآخرة.
وفي منهاج الاسلام يتم تطوير الفرد والمجتمع من خلال الترقي في مراتب الاسلام: الاسلام، فالايمان فالاحسان، فهناك حث دائم، وتوجيه وحفز، وترغيب والحاح في القرآن الكريم، والسنة المطهرة على الارتقاء بالسلوك الفردي والاجتماعي الى التقوى والاحسان.
وفيما يأتي نماذج من النصوص التي تحث على التقوى والاحسان، وتبين سمات المتقين والمحسنين، وتبين اثر ذلك في السعادة.
* واطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون وسارعوا الى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والارض اعدت للمتقين, الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيط والعافين عن الناس والله يحب المحسنين، والذين اذا فعلوا فاحشة او ظلموا انفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب الا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون، اولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها ونعم اجر العاملين .
* ليس البر ان تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله اليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب واقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم اذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس اولئك الذين صدقوا واولئك هم المتقون .
* واقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين، اتأمرون الناس بالبر وتنسون انفسكم وانتم تتلون الكتاب افلا تعقلون، واستعينوا بالصبر والصلاة وانها لكبيرة الا على الخاشعين، الذين يظنون انهم ملاقو ربهم وانهم اليه راجعون .
وفي الحديث الشريف قال: صلى الله عليه وآله وسلم:
* اتقوا الله وصلوا خمسكم، وصوموا شهركم، وادوا زكاة اموالكم، واطيعوا امراءكم تدخلوا جنة ربكم .
* قيل يا رسول الله من اكرم الناس؟ قال: اتقاهم .
تلك هي طائفة من النصوص التي تحث على التقوى والاحسان، وتبين مكانة هذا الصنف والجزاء الذي اعد له.
اذا كان الامر كذلك، فما مكانة المسجد من تحقيق ذلك الترقي.
ان المسجد انما اعد لعبادة الله عز وجل وذكره، فهو موضع تطهير الذوات، ووصلها بخالقها، والعبادة في المسجد لها بعدان، بعد نفسي في ذات العابد بتطهيره واصلاحه وترقيته وتزكيته، وبعد اجتماعي يحقق ترابط الجماعة وتماسكها وتكاملها وتكافلها، مكونة بذلك شبكة العلاقات الاجتماعية، كما في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً وشبك بين اصابعه .
وهكذا يتضح البعد التنموي المتمثل في بناء الشخصية الفردية والاجتماعية على اسس تؤدي الى فعاليتها، وانتاجيتها، واذكاء هذا الاساس بواسطة العبادة التي تصل المؤمنين بربهم، وتصل بعضهم ببعض من خلال اللقاء المتكرر خمس مرات في اليوم والليلة, هذا ما يتعلق بالناحية الاولى.
2 اما الناحية الثانية: التي يمكن من خلالها استجلاء رسالة المسجد في تنمية المجتمع، فهي البناء الحضاري الذي اقامه النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما سبقت الاشارة الى ذلك.
ان هجرة النبي صلى الله عليه وسلم لم تكن مجرد انتقال من بلد الى بلد طلباً للامان او الحرية، وانما كانت بهدف انشاء مجتمع جديد، وامة جديدة تكون انموذجاً للمجتمع السعيد، لذا فقد جاء التغيير على المستويات كافة، العقدية، والقيمية، والتشريعية، وكان الميدان الاساس الذي تتم فيه تلك التغييرات هو المسجد، لذا فقد كان اهتمام النبي صلى الله عليه وآله وسلم منذ وصوله الى المدينة المنورة مركزاً على انشاء المسجد، ولاهميته ومكانته في بناء المجتمع الجديد، فقد كان صلى الله عليه وآله وسلم يشارك في بنائه بنفسه، ويرغب في بنائه، ويحث عليه، ذلك لانه ميدان تربية الاشخاص وبناء الامة، وتعليمها، وشحن طاقاتها، وتوجيهها الوجهة السليمة، واقامة كيانها الحضاري, ان الاسلام لم يقصر رسالة المسجد على اداء الصلاة، بل كان الى جانب ذلك مكان ذكر، وتلاوة، واعتكاف، وتعليم، وتهذيب، ومجلس صلح وقضاء، وملتقى تعاون، وتكافل، ومكان رأي ومشورة، كما امتدت مهمة المسجد في ايام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الى استقبال سفراء الدول، ووفود القبائل، وعقد المعاهدات، وكان المنتدى الذي يلتقي فيه المسلمون، ويعقد فيه القران، بحيث اصبح مشعلاً حضارياً ومركزاً ثقافياً انبعث منه صفوة مختارة اسهمت في تطوير البشرية، وغيرت تاريخ العالم.
التربية والتعليم: فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم انما بعث معلماً ومربياً:هو الذي بعث في الاميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وان كانوا من قبل لفي ضلال مبين , والمساجد انما اقيمت لذكر الله عز وجل : في بيوت اذن الله ان ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال، رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله واقام الصلاة وايتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والابصار , فكان مسجده صلى الله عليه وسلم مقر تعليمه الامة قولاً وعملاً، وكان اصحابه يتحلقون حوله ليسمعوا حديثه كما روى ابو واقد الليثي رضي الله عنه قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في المسجد، والناس معه، اذ اقبل ثلاثة نفر، فأقبل اثنان الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وذهب واحد فوقفا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأما احدهما، فرأى فرجة في الحلقة فجلس فيها، واما الآخر فجلس خلفهم، واما الثالث فأدبر ذاهباً، فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا اخبركم عن النفر الثلاثة، اما احدهم، فأوى الى الله عز وجل فآواه الله، واما الآخر فاستحيا فاستحيا الله منه، واما الآخر فأعرض فأعرض الله عنه وكان صلى الله عليه وسلم ينوع الطرق في التعليم، ومن ذلك استخدام السؤال، لشد الانتباه، وشحذ الاذهان، وضرب الامثال لتقريب المعاني الى الافهام، وكانوا يسألون عما يشكل عليهم، اما الذين ليسوا من سكان المدينة المنورة، فكانوا يفدون اليه، ليتلقوا العلم، فينزلون في المسجد، ويتفقهون في الدين، ثم يعودون الى قومهم، ليعلموهم امور دينهم.
وتأتي الصلاة في مقدمة البرنامج التربوي الذي يمارس في المسجد، فهي عمود الاسلام، والمطهرة للذوات مما يعتريها اثناء حركتها الدنيوية، والسياج الذي يمنع الفرد والجماعة من الوقوع في المفاسد: ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله اكبر والله يعلم ما تصنعون .
ويبين النبي صلى الله عليه وآله وسلم اثر الصلاة في تطهير الانسان من ذنوبه فيقول: ارأيتم لو ان نهراً بباب احدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات، هل يبقى من درنه شيء؟ قالوا: لا يبقى من درنه شيء، قال: فذلك مثل الصلوات الخمس يمحوا الله بهن الخطايا .
ويؤكد صلى الله عليه وآله وسلم على صلاة الجماعة لما فيها من الخير العظيم والتربية العالية، وبناء الجماعة وتماسكها، فيقول: صلاة الجماعة افضل من صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة , ويشدد صلى الله عليه وسلم على من تركها فيقول: والذي نفسي بيده لقد هممت ان آمر بحطب فيحتطب ثم آمر بالصلاة، فيؤذن لها، ثم آمر رجلاً، فيؤم الناس، ثم اخالف الى رجال فأحرق عليهم بيوتهم , ويبين الصحابي الجليل ابن مسعود رضي الله عنه مكانة الصلاة في منهاج الاسلام، فيقول من سره ان يلقى الله تعالى غداً مسلماً فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن، فان الله شرع لنبيكم صلى الله عليه وآله وسلم سنن الهدى وانهن من سنن الهدى، ولو انكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، ولقد رأيتنا، وما يتخلف عنها الا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف .
ومما كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يربي عليه اصحابه الانتظام في الصفوف، ويؤكد على اهميتها في وحدة الجماعة، وخطورة الخلل فيها، فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح مناكبنا في الصلاة، ويقول: استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم ليلني منكم اولو الاحلام والنهى، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم , تلك هي بعض القيم التي كان يربي النبي صلى الله عليه وآله وسلم اصحابه عليها، بالاضافة الى ما يكتسبه المسلم من خلال صلاة الجماعة، والتردد الى المسجد كالتعود على ممارسة العبادة، بل كانت تشمل جميع جوانب الحياة عبر الحلقات العلمية والخطب والمواعظ والتوجيهات مع الاتصاف بالاستمرار والتوازن بما يتحقق به تحلي المسلم بالاخلاق الفاضلة، وتطهيره من السلوكيات المذمومة والانضباط في حركته، والفاعلية في نشاطه، والتفاهم والاتساق في اعماله الدنيوية والاخروية.
22 التوجيه: اتخذ النبي صلى الله عليه وآله وسلم المنبر في المسجد لتوجيه المجتمع المسلم في شؤون حياته الدينية والدنيوية، وفي مختلف المناسبات، ولم يكن مقتصراً على خطبة الجمعة وخطب المناسبات كالعيدين والاستسقاء والكسوف والخسوف, بل كان عليه الصلاة والسلام يرتقي المنبر لاي امر يريد توجيه المجتمع اليه في المناسبات المختلفة والاحداث المستجدة والقضايا الطارئة، وذلك لتكوين رأي عام صحيح فيما يقع من احداث، او لتصحيح سلوك خاطىء، ولصلاح ذات البين، ونحو ذلك.
23 التدريب: وذلك بتطبيق الاعمال امام المسلمين لتدريبهم على اتقانها، وادائها على الوجه الصحيح كما فعل صلى الله عليه وآله وسلم في الصلاة، فقد روى ابو حازم رحمه الله تعالى ان نفراً جاؤوا الى سهل بن سعد رضي الله تعالى عنه فقد تماروا في المنبر من اي عود هو؟ فقال اما والله اني لاعرف من اي عود هو، ومن عمله، ورأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم اول من جلس عليه قال فقلت: يا ابا عباس، فحدثنا قال: ارسل رسول الله صلى الله عليه وسلم الى امرأة: انظري غلامك النجار يعمل لي اعواداً اكلم الناس عليها، فعمل هذه الثلاث درجات، ثم امر بها رسول صلى الله عليه وسلم فوضعت هذا الموضع، فهي من طرفاء الغابة، ولقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فكبر وكبر الناس وراءه وهو على المنبر، ثم رفع فنزل القهقرى، حتى سجد في اصل المنبر، ثم عاد حتى فرغ من آخر صلاة، ثم اقبل على الناس فقال: ايها الناس انما صنعت هذا لتأتموا بي ولتعلموا صلاتي .
34 التكافل: قيمة اساسية من القيم الاسلامية، وقد وجه النبي صلى الله عليه وآله وسلم اليها، وتمت ممارسة هذه القيمة في المسجد، وقد كان في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مكان يسمى الصفة، يسكن به من لا سكن له من الفقراء، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يشركهم فيما يهدى اليه، ويخصهم بالصدقة التي تأتيه، ومما ورد في حثه صلى الله عليه وسلم على التكافل ما رواه جرير بن عبدالله رضي الله عنه قال: كنا في صدر النهار عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فجاءه قوم عراة مجتابي النمار او العباء، متقلدي السيوف، عامتهم من مضر, بل كلهم من مضر، فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى بهم من الفاقة، فدخل، ثم خرج، فأمر بلالاً فأذن واقام، فصلى، ثم خطب فقال:
يا ايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة الى آخر الآية ان الله كان عليكم رقيباً والآية الاخرى التي في آخر الحشر: يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد تصدق رجل من ديناره، من درهمه، من ثوبه، من صاع بره، من صاع تمره، حتى قال: ولو بشق تمرة، فجاء رجل من الانصار بصرة كادت كفه تعجز عنها، بل قد عجزت، ثم تتابع الناس حتى رأيت كومين من طعام وثياب، حتى رأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يتهلل كأنه مذهبة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من سن في الاسلام سنة حسنة، فله اجرها و اجر من عمل بها من بعده من غير ان ينقص من اجورهم شيء، ومن سن في الاسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل به من بعده من غير ان ينقص من اوزارهم شيء .
35 التكامل بين النشاط الفردي والاجتماعي فقد كانت التوجيهات الشريفة تحقق التكامل بين نشاط الافراد، ونشاط الجماعة المسلمة بما يؤدي لاندماج النشاط الفردي في النشاط الاجتماعي ويوجد البناء السليم المتماسك:مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، مثل الجسد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ، وفي الحديث الآخر: المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا ، وفي توجيه نبوي آخر يقول صلى الله عليه وآله وسلم:المسلم اخو المسلم لا يخونه، ولا يكذبه، ولا يخذله، كل المسلم على المسلم حرام، عرضه وماله ودمه، التقوى هاهنا، بحسب امرىء من الشر ان يحقر اخاه المسلم .
تلك هي اهم الوسائل التي صاغ بها النبي صلى الله عليه وآله وسلم المجتمع الجديد من خلال حلقة الاتصال الرئيسة والمتمثلة في المسجد، بحيث اصطبغت الامة بالصبغة الربانية، وبلغت مرحلة عالمية من الفعالية في السلوك، والجودة في الانتاجية والاحكام في البناء، وحازت قصب السبق في نشاطها بعامة، واستطاعت ان توجه العالم وجهة حضارية سامية.
3 من خلال ما سبق يتضح ان رسالة المسجد في تنمية المجتمع تتمثل خطواتها العامة فيما يلي:
تأسيس التنمية على قاعدة تحقق غاية الانسان وكرامته.
اشباع الحاجات الانسانية، ومراعاة طبيعة الانسان.
بناء الشخصية السوية الفاعلة المنتجة.
انشاء شبكة العلاقات الثقافية والاجتماعية.
التكامل في الجهود بين الفرد والمجتمع.
تهذيب الدوافع الانسانية، وتوجيهها نحو الاستثمار النافع بمفهومه الشامل للدنيا والآخرة.
وفي الختام اوصى بما يلي:
الدراسة المتعمقة لرسالة المسجد في الاسلام من خلال النصوص الاسلامية والسيرة النبوية.
دراسة التطور التاريخي لرسالة المسجد في بناء المجتمع الاسلامي عبر العصور الاسلامية ودوره في الحضارة.
الكشف عن عوامل الضعف واسباب القصور في اداء المسجد لرسالته في الوقت الحاضر.
الاهتمام باحياء رسالة المسجد، وتوجيه الجهود، وتضافرها من اجله.
التكامل بين تجارب المسلمين المعاصرة في محاولة احياء المسجد.
جعل المسجد محور الحياة في مدن العالم الاسلامي واريافه.
الحاق المسجد ببعض المرافق الثقافية والاجتماعية التي تربط المجتمع به.
الاستفادة من التقنيات المعاصرة في اداء المسجد لرسالته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.