دخل التعليم العالي في المملكة مرحلة التنفيذ بعمل أربع جامعات وخمس عشرة كلية أهلية.. تخفف بذلك الضغط على الجامعات الحكومية ومحاولة لاستيعاب الأعداد الكبيرة من الطلاب التي تتخرج من التعليم الثانوي كل عام.. تفرض الجودة نفسها كسؤال عن إمكانية هذه المنشآت من تلبية حاجة القطاع الخاص من التخصصات إضافة إلى تطور ما تقدمه وسائل تعليمية مقارنة بما هو في الخارج. إضافة إلى مدى إمكانية التوسع في التعليم الجامعي مستقبلاً للاكتفاء ومساعدة أبنائنا وبناتنا في التوقف عن تحمل المشاق للسفر للخارج من أجل الشهادة التي تمنح بتكاليف مرتفعة وغربة طويلة. كل هذه التساؤلات وغيرها من طموحات طرحتها «الجزيرة»على الدكتور صالح بن عبدالعزيز النصار المشرف العام على التعليم العالي الأهلي بوزارة التعليم العالي. * كم يبلغ عدد الجامعات الأهلية العاملة في المملكة؟ - يعد التعليم العالي الأهلي في المملكة العربية السعودية حديث العهد، حيث تضمنت الخطة السادسة للتنمية (1415-1420ه) ضمن أهدافها الاهتمام بتوسيع قاعدة التعليم العالي من خلال مشاركة القطاع الخاص بافتتاح الكليات الأهلية، وتضمن قرار مجلس الوزراء الموقر رقم (33) الصادر عام 1418ه الموافقة على تمكين القطاع الأهلي من إقامة مؤسسات تعليمية لا تهدف إلى الربح، وذلك على أسس إدارية وعلمية واقتصادية ومالية سليمة للمساهمة في تلبية احتياجات التنمية مكملة بذلك للدور الذي تقوم به الجامعات الحكومية. ثم صدر قرار مجلس التعليم العالي بجلسته المنعقدة بتاريخ 6- 2-1419ه المتضمن الموافقة على اللائحة التنظيمية للكليات الأهلية غير الربحية، والذي توج بالموافقة السامية الكريمة بتاريخ 3-4- 1419ه. ودعماً للقطاع الخاص للمشاركة في قطاع التعليم لما فوق الثانوي فقد صدر قرار مجلس الوزراء رقم 212 وتاريخ 1-9-1421ه بالموافقة على لائحة الكليات الأهلية والتي تسمح للقطاع الخاص بالاستثمار في التعليم العالي الأهلي وذلك بهدف الربح بناء على تحقيق الكلية الأهلية جميع متطلبات اللائحة والقواعد التنفيذية لهذه اللائحة. ومنذ صدور اللوائح المنظمة للتعليم العالي الأهلي وأعداد الجامعات والكليات الأهلية في تزايد مستمر، حيث وصل عدد الجامعات الأهلية إلى أربع جامعات هي: جامعة الأمير سلطان، وجامعة الأمير محمد بن فهد، والجامعة العربية المفتوحة، وجامعة الفيصل التي سبتدأ فيه الدراسة العامة المقبل بإذن الله. كما بدأت الدراسة فعلياً في خمس عشرة كلية أهلية تتوزع بين مناطق المملكة، والغالبية منها في مدينة جدة، ومدينة الرياض. كما تم منح عدد كبير من المستثمرين تراخيص مبدئية لافتتاح كليات أهلية في مناطق المملكة المختلفة، ويتوقع أن يتضاعف عدد الجامعات والكليات الأهلية في السنوات المقبلة بفضل الدعم والتشجيع الذي يلقاه هذا القطاع من خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين رعاهما الله، ومعالي وزير التعليم العالي الدكتور خالد بن محمد العنقري. * لماذا لا نرى جامعات أهلية متطورة مثل بقية دول العالم؟ - تعد الجامعات الأهلية التي بدأت فيها الدراسة مثل جامعة الأمير سلطان في الرياض، وجامعة الأمير محمد بن فهد في الخبر، متطورة إلى حد كبير، علماً أن تجربتها لا تزال حديثة جداً في السوق قياساً بالجامعات العالمية الأخرى التي مضى على إنشائها عشرات أو مئات السنين. وسيلمس المهتمون بهذا الموضوع مدى التطور الذي وصلت إليه الجامعات الخاصة في المملكة بعد زيارة مباني وإنشاءات تلك الجامعات والوقوف على أساليب التدريس والتقنيات الحديثة المستخدمة في التعلم والتعليم. كما أن التعليم العالي في المملكة سيشهد تدشين الدراسة في جامعة الفيصل في مدينة الرياض في القريب العاجل - بإذن الله- وهي جامعة عالمية ذات بعد بحثي وأكاديمي وتقني متطور، ولها شراكة أكاديمية مع جامعات عالمية عريقة مثل هارفارد وأم آي تي وغيرها. ويتوقع أن تقود الجامعات الأهلية في المملكة عمليات التحديث والتطوير في التعليم العالي نظراً لما تتمتع به من استقلالية مالية ومرونة في اتخاذ القرار، ورغبة في المنافسة مع الجامعات الأخرى على استقطاب المتميزين من الطلاب وأعضاء هيئة التدريس، وهو ما سينعكس إيجاباً على منظومة التعليم العالي الحكومي والخاص. * لماذا لا يكون هناك تعاون بين مستثمرين محليين وجامعات عالمية حتى نتخلص من الابتعاث المكلف؟ - معظم الجامعات والكليات الأهلية في المملكة تقيم شراكة أكاديمية مع جامعات عالمية متطورة في المجالات التخصصية المختلفة. وتشمل هذه الشراكة الأكاديمية تطوير المناهج والخطط الدراسية، واستخدام البرامج التقنية المتطورة في عمليات التعليم والتعلم، والاستفادة من بعض الكوادر الإدارية في المساعدة على تشغيل بعض وحدات الجامعة أو أعضاء هيئة التدريس في التدريس الدائم أو الجزئي، وتوجيه بعض الطلاب على إكمال دراساتهم في تلك الجامعات أو حضور بعض ورش العمل وحلقات النقاش والفصول الصيفية لتقوية الخبرات العلمية ولافنية والتقنية لهؤلاء الطلاب. وهذا التعاون مع الكليات أو الجامعات العالمية المتميزة أسهم بشكل كبير في الرقي بمستوى الجامعات والكليات الأهلية، وتحقيقها لمعايير الجودة الأكاديمية وتقوية مخرجاتها لتخدم سوق العمل بالمتميزين علمياً ومهارياً. * هل هناك خطط لدى الوزارة للتشجيع وتقديم التسهيلات المالية والنظامية للرفع من عدد هذه الجامعات؟ - انطلاقاً من الدعم السخي والاهتمام الكبير الذي يوليه خادم الحرمين الشريفين حفظه الله، وولي عهده الأمين حفظه الله، لمسيرة التعليم بصفة عامة والمؤازرة الكريمة لتشجيع القطاع الخاص في مزاولة مختلف الأنشطة الاقتصادية فقد صدرت عدة قرارات تصب في صالح التعليم العالي الأهلي وتشجع المستثمرين على توسيع نشاطاتهم فيه. فقد صدر قرار مجلس الوزراء الموقر رقم 87 وتاريخ 6-4-1423ه بالموافقة على تأجير الأراضي الحكومية المناسبة التابعة لوزارة الشؤون البلدية والقروية وغيرها من الجهات بأسعار رمزية، لإقامة كليات أهلية مرخص لها وذلك بموجب عقد إيجار يبرم بين الكلية الأهلية الجهة الحكومية ذات العلاقة تكون مدته متزامنة مع سريان الترخيص الممنوح بإنشاء الكلية على أن يتم ذلك بالتنسيق مع وزارة المالية والاقتصاد الوطني، ووزارة التعليم العالي، ووزارة الشؤون البلدية والقروية، والجهة الحكومية ذات العلاقة. كذلك تقوم وزارة المالية بالتنسيق مع وزارة التعليم العالي بتقديم قروض ميسرة للكليات الأهلية المرخص لها، أسوة بالمستشفيات الأهلية الصادر بشأنها قرار مجلس الوزراء رقم 1832 وتاريخ 27-9-1394ه. كما صدرت موافقة المقام السامي برقم 6304-م ب وتاريخ 18-8-1427ه على قرارات مجلس التعليم العالي على مشروع المنح الدراسية لطلاب وطالبات التعليم العالي الأهلي. وتضمن مشروع المنح الدراسية الذي وافق عليه المقام السامي الجديد (10.000 منحة دراسية) موزعة على (5 سنوات)، وقد تم رصد مبلغ (80.000.000 مليون ريال) في ميزانية الوزارة هذا العام لصرفها على المنح الدراسية لعام دراسي كامل. وسيستفيد من هذه المنح ما يقرب من 30% من إجمالي عدد طلاب كل جامعة أو كلية حققت شروط الاعتماد العام والخاص. وسيسهم هذا الدعم والتشجيع في إقبال المستثمرين الجادين على فتح المزيد من الجامعات والكليات الأهلية لتكون مخرجاتها محل ثقة سوق العمل، ولتسهم في خدمة المجتمع ومساندته على الأخذ بأسباب التقدم والتطور.