رغم أن السفر مع العائلة قطعة من عذاب، وفيه المشقة والتعب والعناء، إلا أن فيه المتعة والسعادة والراحة والهناء.. كيف لا والمرء يذهب بأبنائه ليقضوا قسطا من الراحة بعيدا عن المنزل. صحيح أنه يُلاقي في سفره تعبا ونصبا وأذى كثيرا بسبب الضوضاء والخلافات بين الصغار سواء كان ذلك في السيارة أثناء السير في الطريق إلى المكان المراد الذهاب إليه، أو أثناء التجوال، أو في المنزل المُستأجر للإقامة، لكن كل ذلك في سبيل راحة أبنائه فلذات كبده هيّن، وهذه سنة الحياة، لا بد من الأذى والتعب؛ إذ لا مرتاح على ظهرها. ويا لسعادة المرء عندما يراهم يسرحون ويمرحون ويلعبون أمامه، وينادونه بين الفينة والأخرى باسمه أبي نريد كذا وكذا، أبي نريد أن نذهب إلى المكان الفلاني!.. وإذا تأمل كل إنسان في ذلك وجد أنه حق من حقوقهم، فإذا لم يذهب بهم والدهم، ويصبر عليهم وعلى أذاهم فمن سيصبر عليهم ويتحملهم إذا تركهم وهم ينظرون إليه بشوق ولهفة متى يذهب بهم للنزهة؟!.. وإنني أتعجب أشد العجب من أولئك الآباء الذين يشتكون من أبنائهم ليلا ونهارا دون تحمل للمسؤولية، وصبر واحتساب للأجر من الله، وهم يعلمون أن الدنيا هكذا! ألم يعلموا أن هؤلاء أبناؤهم ومن حقهم أن يهتم بهم وبما يحتاجون إليه في هذه الحياة من تربية، وتلطف، وحسن معاملة، ولين جانب، ومراعاة لمطالبهم بحدود المعقول إذ لا إفراط ولا تفريط، إضافة إلى حاجتهم كغيرهم من الأبناء للتنزه بقضاء وقت ممتع معه في أي مكان بعيد عن المدينة، وكل ذلك يُقربه عندهم زُلفى ويحببهم فيه؟!. ويزاد عجبي من الآباء الذين يهملون أولادهم ولا يهتمون بهم وبالجانب الترفيهي لأبنائهم ب(تطنيشهم)، وعدم الالتفات لما يريدون، وتوبيخهم بين تارة وأخرى، وعدم السماع لهم.. وكم من أطفال حُرموا حنان الأبوة، وحُرموا السفر مع العائلة بسبب تجاهل الآباء لهم عندما ظلوا محبوسين في البيت في الإجازة وغيرها، ولا أبالغ عندما أقول إن بعض الآباء هدانا الله وإياهم لا يجلس مع أبنائه حتى على مائدة الطعام التي هي أقل ما يتمناه البعض من الأبناء من أبيه.. فليتق الله هؤلاء الآباء في أبنائهم، وليقوموا بحقوقهم ويستشعروا عظم تربيتهم التربية الصالحة، ويدعوا لهم بكل خير، ويصبروا على أذاهم وما يأتي منهم من تعب ومشقة.. وكل ذلك له أجره عند الله، والله لا يضيع أجر من أحسن عملا، ويسجنون ثمرة ذلك في المستقبل خيرا بمشيئة الله تعالى، ثم ليعلموا أنهم أمانة في أعناقهم استرعاهم الله عليها سيسألون عنها يوم القيامة، وليقوموا بإسعادهم ورسم البسمة والبهجة والسرور على وجوههم ليعيشوا سعداء مع أب وأم حنونين عطوفين في بيت مملوء بالحب والتقدير، والمودة، والعيش الرغيد.. وهذا هو المفروض وما يريده الأبناء ذكورا وإناثا، والله الموفق والهادي إلى كل خير.