** مصلحة معاشات التقاعد.. تمسك الناس، وكما يقول المثل المصري: (من اليد اللِّي بتوجعهم). ** هي مسؤولة عن رواتبهم التقاعدية.. وكما تعلمون.. فإن المتقاعد المسكين وكلكم كذلك ينتظر (الطِّفسة) آخر الشهر وأغلب المتقاعدين رواتبهم في بحر الألفين والثلاثة آلاف فقط.. وهم ملتزمون بفاتورة كهرباء.. وفاتورة هاتف.. وفاتورة ماء وبتجديد عدد من الخدمات.. والرخص كلها برسوم عالية.. هذا.. إذا سلم من خادمة أو سائق يقود هذا المتقاعد المريض (الطّايح). ** هذه (الطفسة) هي كل ما يملك.. ولولا وجود هذا المبلغ الشهري المتدني.. لتحوَّل إلى متسول أو مات جوعاً.. لأن الجيران ومن حوله وأقاربه.. سيتصدقون عليه مرتين أو ثلاثاً ثم سيتركونه يواجه مصيره.. والضمان الاجتماعي يحتاج معه إلى فترة طويلة كي يثبت استحقاقه وكي تتدبر أموره ويصرف له راتباً.. والراتب.. هو كما تعلمون (راتب شُوِنه). ** أقول.. مصلحة معاشات التقاعد.. لها (تحكمات) و(تصنيفات) وطلعات، والويل لمن يقول (بْرم) وكأنهم يعطونك شيئاً ليس من حقك.. ** ومن أبرز تحكماتهم.. أنهم حددوا لك بنكاً واحداً فقط لا غير.. تستلم راتبك التقاعدي منه.. وكأن البلد ليس فيه خمسة عشر بنكاً محلياً ومثلها أو ضعفها أجنبياً. ** عليك أن تذهب إلى هذا البنك بفروعه المحدودة.. وبإمكاناته البشرية المحدودة.. إذ لا يقارن بأي حال بالبنوك الكبرى.. وعليك أن (تِلِّطع في الطابور) إلى أن يصلك الدور بعد ساعة أو ساعتين.. وربما أكثر.. وإذا وصلك الدور.. سيكتشف الموظف أن عندك نقصاً.. أو أن الحساب مغلق كالعادة.. أو أن هناك مشكلة (ما) ثم تمسك سرى من جديد.. ولا مشكلة من تضييع يوم كامل أو يومين لتستلم استحقاقك (حقك.. معاشك.. عرق جبينك) هي فلوسك التي دفعتها من قبل.. ولا فضل لأحد عليك فيها.. ومع ذلك (تتمرمط) في هذا البنك حتى تستلمها.. أو تتسلم جزءاً منها.. أو حتى ترتِّب أمورك وتصلح وضعك؛ لأن البنك جاهز لإغلاق حسابك.. أو وضعه في القائمة عند أي تأخير ولو بسيطاً منك.. وعليك إثبات العكس.. أنك حي..!! ** هذا البنك الذي يشتكي شحاً في الموظفين ويشتكي أيضاً قلة خبرة في أكثر موظفيه.. لأننا نشاهد الموظف يطمر أكثر من مرة يشاور المدير أو يشاور زميله الأكثر خبرة.. ** في هذا البنك.. تجد الشيِّاب.. هذا (مْحَرْوَل) وهذا أعرج.. وهذا أعمى.. وهذا (أصْقَهْ)، وهذا معه سكر وضغط وقلب.. ومع ذلك.. عليهم كلهم أن يتمرمطوا في (السرى) لساعات وكأنهم (يطرُّون)؛ لأن موظفي هذا البنك مشغولون مع هذا وذاك.. ومع حالة متابعة الأسهم.. وبيع وشراء فلان ابن فلان الثري.. الذي (وراه نفع ومنه فائدة). ** أما هذا المتقاعد الفقير.. فعليه أن (يَنْطَقْ)؛ لأنه ليس بوسعه أن يقول كلمة واحدة.. فمصلحة معاشات التقاعد.. هي التي أرغمته بالقوة على هذا البنك.. وهي التي حددت البنك.. وهي التي تملك مصير راتبه التقاعدي الشهري.. وهي التي تملك أيضاً (مصع) أذنه لو خالف أو قال كلمة ليست في صالحه. ** أتمنى.. لو أن مفتشين من مصلحة معاشات التقاعد ينتشرون في فروع هذا البنك عند استلام هؤلاء الشيِّاب طفستهم ليروا كيف يكون الإذلال، وكيف يأخذ المسكين هذه (الدريهمات) وهو في وضع محزن للغاية. ** لا أدري.. لماذا نرغم هؤلاء المتقاعدين على بنك واحد فقط؟ ** لماذا لا نترك لهم حرية اختيار البنك الذي يريدون؟ ** لماذا هذا البنك بالذات؟ ** ثم كيف يتحول هذا المعاش المستحق الذي هو حق للموظف ولا منَّة فيه.. إلى شيء أشبه بالصدقة أو المنة أو (الطْرارَةْ)؟! ** إننا نتمنى من مصلحة معاشات التقاعد أن تتابع وضع هؤلاء المتقاعدين عند استلام صدقتهم.. أو إنهاء إجراءات حساباتهم (التجديد الدوري) أو غيره.. ليروا عن قرب.. ماذا يواجه هذا الشايب المسكين.. وأكثرهم مرضى أو معاقون أو متقدمون في السن ومع ذلك.. فالبنك يتعامل معهم كما يتعامل مع عامل في ريعان شبابه. ** قد يقول البنك: لماذا لا يأخذون بطاقات صراف ويصرفون.. وينسى أن (90%) من شيابنا.. لا يعرفون كيف يتصلون بالهاتف.. عوضاً عن أن يقدر على التعامل مع بطاقة إلكترونية وجهاز إلكتروني يتطلب التعامل معه ثقافة ووعياً ومعرفة وحضوراً ذهنياً وحساً وقدرة وكفاءة عالية. ** 90% من المتقاعدين لا يملكون القدرة على التعامل مع هذه البطاقة.. التي قد يضطر لإعطائها لابنه إن كان صالحاً.. وإن كان غير ذلك.. فقل على حساب المسكين السلام.. ليدخل في دوامة مشكلات أخرى. ** مطلوب توزيع هؤلاء المتقاعدين على أكثر من بنك.. أو ترك اختيار البنك للمتقاعد نفسه.. وهو حر في البنك الذي يريد.. ** أما أن نجبره على بنك.. وهذا البنك لا يراعي أوضاع هؤلاء ولا خصوصية السن.. ولا مشكلاتهم الأخرى.. فهذا.. فيه ظلم وإجحاف لهم.. وهضم لحقوقهم.. وتحويلهم في أواخر حياتهم إلى أشبه بالمتسولين.. مع أنها أموالهم وحقوقهم.. والمفروض أن تصل إليهم بكل يسر وبساطة ودون كل تلك (المرمطة). ** كيف يطبق عليهم البنك إجراءات التعامل التي تطبق على مراجع يأتي لأول مرة.. عامل سيحول فلوساً أو آخر يصرف عملة أو ثالث يسدد فاتورة؟ ** لماذا لا يكون لهم تعامل خاص داخل البنك.. ووضع خاص؟ ** لماذا لا يتفق هذا البنك مع مصلحة معاشات التقاعد ومع مؤسسة النقد لوضع نظام (مبسَّط) لهم يراعي أوضاعهم ويراعي.. إنها حقوقهم وأموالهم وإنهم يكابدون أوجاعاً وأمراضاً ومشكلات من كل جنس!! ** ألا يكفي.. أن أكثرهم فقير وأولاده عاطلون؟ ** ألا يكفي هؤلاء المساكين.. ضيقة الصدر.. من هذه (الطِّفسة.. اللّي ما تِسْوى تعبها)؟ ** إلى متى.. والناس (تِغْصَب) ويفرض عليها أنظمة بالية.. ومن وراء الخشم؟! ** أيها المسؤولون.. ارحموا من في الأرض.. يرحمكم من في السماء.. ارحموا شياب المسلمين.. أنقذوهم من أنظمة (سَنَةْ جَدِّي) أنظمة مصلحة معاشات التقاعد.