تسعى حكومتنا السعودية، وفقها الله، إلى مكافحة المخدرات ضمن دول العالم لمكافحة هذا الداء الوبيل. إذ خصصت حكومتنا إدارة كاملة الأجهزة لتوعية الشباب قبل أن يقعوا وعندما يقع أحدهم يسجن مدة قصد منها إبعاده عن رفقاء السوء ومساعدته على نسيان ما كان يتعاطاه. وجعلت له عدة حوافز لتخفيف مدة السجن منها حفظ القرآن الكريم أو شيء منه وتكثف زيارة المشايخ والمرشدين إلى السجناء في عنابرهم، فمن وجدت عنده النية الصادقة للتخلص من هذا الداء الخبيث وبعد اللجوء إلى الله سبحانه ودعائه والتضرع بين يديه فإنه يوفق ويتخلص مما هو فيه. فسجوننا ولله الحمد مدرسة إصلاح. فكم من مدمن وفق وترك الشر ودعاته حتى صار بعضهم دعاة ناصحين للآخرين. إذ إنهم عرفوا هذا الشر واكتووا بناره، وأذكر أنه منذ مدة سجن مواطن تركي بسجن بريدة وقابلته أكثر من مرة بحكم ترددي على السجن. فوجدته يحمد الله أن سجن هنا لأنه فيما قال لي رجع إلى إسلامه وتعلم أمور دينه وحفظ القرآن. وقال أنه سبق أن سجن في إحدى الدول العربية، فما استفاد وما عبد الله في السجن كما حصل له في سجن بريدة، حتى أنه تمنى أن لا تنتهي محكوميته بسرعة ليكمل حفظ القرآن الكريم. وبعد هذه المقدمة، فما بقي الآن إلا دور المواطن وإعادة النظر في التعامل مع هؤلاء المساكين المبتلين، أليسو هم أبناءنا؟ أليس إذا مرض أحدنا سعى الجميع لعلاجه، وهو من الأمراض البدنية غير الضارة بالعقل والدين؟ أما مرضى المخدرات فالمجتمع قد قصر في حقهم، إذ ينظر بعض الناس نظرة سوء واحتقار لمن ابتلي بهذا الداء، وهذا من الخطأ الذي لا يشجع المتعاطي على ترك ما ابتلي به. وإذا نظر المرء إلى تعامل الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم مع من ابتلي بشيء من المعاصي لوجد أننا قد أخطأنا بحق هؤلاء المساكين. إذ إننا جميعا معرضون للخطأ فالعصمة للأنبياء عليهم السلام. فهذا عياض بن حمار رضي الله عنه، أسلم وهو مدمن للخمر فكان يسكر ثم يؤتى به إلى النبي صلى الله عليه وسلم. فقال أحد الصحابة رضي الله عنهم: لعنه الله، ألا يستحي، فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لعنه، وقال: إنه يحب الله ورسوله، وهذا رجل غريب جاء إلى المدينة في ليلة شاتية باردة فسرق، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع يده، فقام فاتك أحد الصحابة فبنى له خيمة وأوقد له فيها ناراً، فلما رأى الرسول هذه الخيمة سأل عنها. فقالوا: يا رسول الله، هذه خيمة نصبها فاتك لهذا المسكين الذي قطعتم يده، فقال عليه الصلاة والسلام: جزى الله فاتكاً خيراً، أو كما قال. إذن فالواجب تجاه هؤلاء المساكين أن نتعامل معهم برفق ومحبة، وأن نسد حاجتهم ونعطيهم من الصدقات وندفع إيجار مساكنهم، ونساعدهم على إيجاد عمل لهم، هذا بالنسبة للمواطن. أما ما يرجى من الحكومة، وفقها الله، هو عدم فصلهم من وظائفهم، لأننا بذلك نزيد الطين بلة، فإذا كان موظفاً وفصل من وظيفته ولديه زوجة وأطفال وعدة التزامات ثم قطع مصدر رزقه اضطر للحصول على المال بأي طريقة مشروعة وغير مشروعة، حتى لربما تحول بعضهم من متعاطٍ إلى مروج، وعند إدارات مكافحة المخدرات نماذج من هؤلاء كثيرة. فالمرجو من حكومتنا الرشيدة وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله، حفظه الله، إعادة النظر في فصل الموظف المبتلى من وظيفته. ويكتفى بحرمانه من الترقية مثلاً مدة معلومة، أو تنزيله مرتبة وإبعاده عن أي مركز قيادي، وهكذا بشيء من العقوبة لا تكون سبباً في قطع رزقه ورزق أولاده، فما ذنب الزوجة والذرية. هذا والله المسؤول أن يحفظ شبابنا وشباب المسلمين من مضلات الفتن وأن يحمي بلادنا خاصة وبلاد المسلمين عامة من شر الفتن.