إن من ثمار التطور الذي تشهده بلادنا الغالية إنشاء قسم الطب البيطري التابع لكلية الزراعة والطب البيطري في جامعة القصيم الذي يمنح الخريج منه درجة البكالوريوس في الطب البيطري. يتبع هذا القسم المستشفى البيطري التعليمي الذي يقوم بدور فعّال في خدمة المجتمع، وذلك عن طريق تقديم العلاجات الكاملة للحيوانات المريضة بالمجان وإعطاء النصائح والتعليمات المجانية لأصحاب الحيوانات والمشاريع الحيوانية. ويعتبر المستشفى البيطري التعليمي هو الوحيد من نوعه في المنطقة الوسطى الذي يزخر بوجود نخبة من الكوادر المؤهلين بيطريا على مستوى عال من الناحيتين العلمية والعملية؛ الأمر الذي جعل خدماته ليست مقتصرة على منطقة القصيم وحدها بل امتدت إلى مناطق أخرى من وطننا الغالي كمنطقة الرياض ومنطقة حائل. ويتراوح عدد الحالات التي ترد إليه ما بين 100 إلى 150حالة يوميا. وبالرغم من أن المستشفى البيطري يعالج جميع أنواع الحيوانات التي ترد إليه إلا أنه يولي اهتماما خاصا بعلاج الإبل. ونظرا للنجاحات التي حققها المستشفى البيطري التعليمي المتعلقة بعلاج أمراض الإبل بمختلف أنواعها التناسلية والجراحية والعيادية، فإن ذلك قد أعطى له شهرة واسعة وميزة لدى أصحاب الإبل، حيث ترد إليه العديد من أنواع الإبل كإبل السباق والمزايين وإبل الإنتاج وغيرها لغرض العلاج أو فحصها والتأكد من سلامتها وتقييم احتياجاتها الغذائية. وعلى سبيل المثال في مجال التناسل استطاع المستشفى أن يعالج بنجاح العديد من حالات نقص الخصوبة في ذكور وإناث الإبل. ويوجد لدى المستشفى جهاز التنبيه الكهربائي Electroejaculator الذي سهل من عملية جمع السائل المنوي من فحول الإبل ومن ثم تقييمه وإجراء الفحوصات المختلفة عليه وتقرير العلاج المناسب لكل حالة. هناك العديد من فحول الإبل المشهورة والغالية الثمن التي استعصى على أصحابها علاجها، ولكن بفضل من الله وتوفيقه استطاع المستشفى أن يشخص المشكلة ويعالجها بنجاح. من جهة أخرى فإن المستشفى يستقبل سنويا أعدادا كبيرة من النوق التي تعاني من مشكلات في خصوبتها وقد استطاع المتخصصون في المستشفى معرفة معظم أسباب نقص الخصوبة في النوق وتمكنوا بتوفيق من الله من علاج العديد من هذه الحالات. ومن الحالات النادرة التي وردت إلى المستشفى تلك الناقة التي تتميز بخصائص تجعلها في مصاف مزايين الإبل والتي أحضرها صاحبها إلى المستشفى البيطري التعليمي بعدما استعصى عليه علاجها، حيث كانت تعاني من نقص في خصوبتها. فقام الأطباء في المستشفى بتشخيص حالتها وقدم لها العلاج المناسب، وكانت النتيجة أن الناقة لقحت وحملت بتوائم تمت ولادتهم فيما بعد في المستشفى نفسه ولادة طبيعية دون أدنى مشاكل. إن توافر بعض الأجهزة في المستشفى خاصة جهاز الموجات فوق الصوتية Ultrasound قد ساعد في تشخيص بعض مسببات نقص الخصوبة في النوق. من الأعمال التي تجرى في المستشفى بصورة روتينية تشخيص الحمل في الحيوانات، وذلك عن طريق الجس اليدوي وباستخدام جهاز الموجات فوق الصوتية. وعلى الرغم من قلة الدراسات التي تتعلق بالحمل وتشخيصه في النوق إلا أن المستشفى استطاع وبتوفيق من الله من أن يكسب ثقة أصحاب الإبل في هذا المجال. في المجال الجراحي استطاع المستشفى أن يجري العديد من العمليات الجراحية الصغيرة والكبيرة في الإبل. وإن توافر جهاز التشخيص الإشعاعي قد ساهم بشكل فعال في تشخيص إصابات المفاصل والعظام بصورة خاصة وبعض إصابات الأنسجة الرخوة في الإبل وكذلك في متابعة مدى كفاءة علاج بعض الإصابات. كذلك ساعد توافر جهاز التخدير الاستنشاقي Inhalation anesthetic machine في زيادة أمان إجراء العمليات الجراحية في الحيوانات لا سيما أن أجهزة مراقبة الحيوان أثناء التخدير قد اكتمل تواجدها في المستشفى؛ لذا أصبح من الممكن إطالة مدة إجراء العمليات الجراحية دون الشعور بالقلق تجاه الحيوان المخدر. كذلك فإنه أصبح بالإمكان إجراء العمليات الجراحية التي كان سابقا يستحيل إجراؤها بسبب قصر وقت التخدير بالحقن الذي كان يطبق سابقا. من الأجهزة الحديثة المتوافرة في المستشفى البيطري جهاز منظار المفاصل Arthroscope الذي يعد نقلة حضارية في تشخيص وعلاج إصابات المفاصل في الحيوانات بصورة عامة وإبل وخيل السباق بصورة خاصة. كذلك فإن توافر المنظار الداخلي Endoscope قد ساهم مساهمة كبيرة في دقة تشخيص ومن ثم علاج إصابات الجهاز التنفسي العلوي والجهاز الهضمي العلوي في الإبل بصورة عامة وإبل السباق بصورة خاصة. يتوافر في المستشفى كذلك طاولة عمليات هيدروليكية خاصة للحيوانات الكبيرة، وهذه تسهل من عملية التحكم والسيطرة على الحيوان وتقلل من احتمالات حدوث أي مشكلات أثناء تخدير الحيوان وإجراء الجراحة له، كما أنها تساعد الجراح في جعل الحيوان في الوضعية المناسبة أثناء إجراء الجراحة. حديثا يتوافر في المستشفى جهاز المجهر الجراحي Surgical microscope؛ الأمر الذي سهل إجراء الجراحات المجهرية الدقيقة في الحيوانات كجراحات الأوعية الدموية والعصبية. هناك العديد من العمليات الجراحية التي تطبق في المستشفى والتي لاقت نجاحا عاليا، ومنها حالات الإصلاح الجراحي لكسور الفكوك في ذكور الإبل وإصابات القوائم في الإبل. وفي المجال العيادي فإن المستشفى قد خطا خطوات متقدمة في تشخيص وعلاج الأمراض التي تصيب الإبل، حيث استطاع المستشفى أن يكتشف العديد من حالات النقص الغذائي في الإبل، كما تمكن من علاج هذه الحالات بنجاح، وقد ساعد وجود الأجهزة التشخيصية المعملية كجهاز قياس صورة الدم وجهاز تقدير مستوى المعادن وكذلك جهاز قياس مستويات المكونات الحيويكيميائية في دقة تشخيص الأمراض، ومن ثم كفاءة العلاجات المناسبة المقدمة لكل حالة. كما أن التشخيص الميكروبيولوجي والزراعة الجرثومية قد ساعدا في تحديد نوع المسببات المرضية، وأسهمت اختبارات حساسية الميكروب في تحديد المضادات الحيوية الفعالة لكل مسبب مرضي. كما أن المستشفى لم يهمل جانب العلاجات الشعبية المستخدمة عند أصحاب الإبل، بل تمت دراستها وتطويرها واستخدامها بطريقة علمية في علاج بعض الأمراض التي تصيب الإبل، وقد أثبتت بعض من هذه العلاجات نجاحاتها، وبالنسبة للعلاجات الحديثة فإنه يوجد في المستشفى صيدلية متكاملة تحتوي على مختلف الأدوية الحديثة المستخدمة في الحيوانات. ومن الجدير بالذكر أن الكلية حاليا بصدد إنشاء مستشفى بيطري تعليمي على أحدث طراز مساحته حوالي 8000 متر مربع، يتكون من معامل تخصصية لمختلف أنواع الحيوانات الكبيرة والصغيرة؛ الأمر الذي يصور مدى اهتمام جامعة القصيم في ظل توجيهات القيادة الرشيدة بتخريج كوادر وطنية مؤهلة للنهوض بالثروة الحيوانية إلى المستوى المنشود عند المواطن.