المطالع لأي من صحفنا المحلية لن يغلب في اكتشاف حجم الأجندة المزدحمة بالمهام والأعمال والأنشطة التي يحفل بها جدول أعمال سمو سيدي ولي العهد الأمير سلطان بن عبد العزيز من تدشين لأحد مشاريع الخير أو رعاية لنشاط عسكري أو مدني أو افتتاح لمنشأة أو مؤتمر أو معرض أو استقبالات محلية أو دولية أو تحضير لزيارات رسمية أو توجيه بتذليل عقبات أو تكفل بعلاج مريض.. الخ، وهو سعي يعكس في جوهره ما تضطلع به قيادة وطننا من أدوار متعاظمة بغية تعزيز مكانته اللائقة به ضمن منظومة من التحولات المتسارعة والأفكار الجديدة التي يتعاطى معها عالم اليوم. إن الإحساس الدقيق بترتيب الأولويات وإيلاء أقصى أهمية لكل شأن من شؤون الوطن والمواطنين هو وعي تتكامل منطلقاته ومحفزاته ورهاناته في ذهن سمو ولي العهد بصورة متناغمة حيث يتحول يومه وليلته إلى جداول عمل حافلة بالتفاعل والتواصل مع محيطة الإنساني. وكل نشاط منها لا شك بحاجة وافية من الدراسة والتحضير وترتيب التفاصيل المتداخلة وتهيئة المسارات المنطقية من أجل تعظيم عائده.. وهي في واقع الأمر جملة من الممارسات والخبرات والمعارف المتراكمة تعاطى معها سلطان الخير منذ أمد بعيد بشفافية عالية تأثراً بالقيم المتوارثة المستمدة من مدرسة الموحد عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود طيَّب الله ثراه. إن هذه الرؤية العميقة بضرورة إتقان العمل - وهو مبدأ نبوي كريم - أسهمت في يقيني بطريقة ملحوظة في تطويره المستمر - حفظه الله - لآليات استكشافه وتفحصه واستيعابه لشتى الأمور سواء ما تعلق منها بالجانب الرسمي أو الشعبي بطريقة ترقى بالفعل إلى حدود الأداء الاحترافي ومن ثم تسليط خبراته المتمرسة لحصد ثمار العمل المدعوم بعمق التجربة والتركيز. وسموه الكريم - حفظه الله - وبحصافة المسلم في نظرته إلى الأمور في إطارها الكلي لا يأنف عن الإفادة من أي تجربة إنسانية طالما كانت محفزة وهادفة إلى تجويد العمل وترقية العائد منه وهو نهج يواصل تلقينه إلى كل من يعمل معه لأصالته وعظم نتائجه. ولهذا سينتبه كل من ينظر إلى تلك الباقة المنوعة من أعماله وأفكاره وتفاعله اليومي إلى مجموعة من المعطيات أبرزها اتقان الأداء المنعكس عن فهم استثنائي وقراءة معمقة للظواهر أجادها دوماً سمو الأمير سلطان آخذاً ركائزها عن مدرسة الوالد المؤسس ومتيحاً لها فيما بعد تطوراً فريداً مستلهماً في ذلك مهاراته ومناهجه الأمر الذي هيأ لأعماله أبعاداً معتبرة من الحضور القوي والتأثير العميق ظل يدعمها ويغذيها بسلسلة من المحفزات الفكرية الملهمة. وبذل الخير وهو أحد ميادينه الأثيرة إلى نفسه تحول من خلال استيعابه الخاص لمعانيه إلى ما يوازي الصناعة بكل قوانينها وخصائصها إذ إن المفهوم القديم للعطاء الذي يلبي حاجة المحتاج الوقتية تحول على يديه الكريمتين إلى منظومة مبتكرة صارت شعاراً وطريقة تفكير بل ومنهج عمل لكل من يود أن يؤسس لعمل خيري وتلخصت في مقولته الخالدة (ساعدوا المحتاجين كي يساعدوا أنفسهم) وهي إشارة ذكية أشاد بها كاتيهيكو شيراي رئيس جامعة (واسيدا) اليابانية في حفل منح سموه الدكتوراه الفخرية ضمن زيارته الأخيرة التي أداها إلى اليابان (بناء على جهوده - حفظه الله - في المجالات الخيرية والإنسانية التي قدمها سموه للعالم أجمع) وعبَّر معالي مدير الجامعة حينها عن إعجابه الشديد بدلالات مقولة سموه وسعة معانيها وقدرتها على الإضافة وشحذ الطاقات وتعزيز ثقافة الاقتراب من ذوي الحاجة وحصار عوامل الحرمان.. وهي الرؤية الفلسفية التي أتاحت لسموه أعمق قراءة لاحتياجات الناس المعيشية والنفسية ما جعل بذله الكبير يتسع ليستوعب ويغطي متطلبات العديد من الشرائح الاجتماعية من ذوي الاحتاجات الخاصة والمعسرين والمرضى وطلاب العلم والمنح المبذولة للجامعات الإسلامية والدولية وهي مجموعة برامج ومهارات إدارية ومناهج قادت إلى إنتاج أعظم الإبداعات وتعزيز واقع جديد من الشراكة الكونية يلعب المسلمون دورهم الرائد في تلبية استحقاقاتها الثقافية والفكرية والتاريخية ضمن محددات التعايش والتعارف والسلام. يزدحم جدول الأعمال وتتراكم مفرداته وتتسع لاستيعاب الأفكار المستجدة لوطن يتعاظم نموه وسلطان الخير يرهن كفاءة خبراته لاجتذاب المزيد من أجندات العمل طالما ستضاف إلى رصيد الوطن العزيز.