القادسية يعمق جراح الاتفاق بثنائية في ديربي الشرقية    الصحة.. الاستثمار والمستقبل    لبنان: استمرار العدوان..ورفض لمساعي وقف النار    ترمب وهاريس.. سباق محموم وتصعيد كلامي    إرسال 10 آلاف جندي إسباني إلى فالنسيا    زيلينسكي يطلب بوقف القوات الكورية الشمالية    ولي العهد.. ورؤية المملكة حول ما يجري في المنطقة    الفتح يتعادل مع الفيحاء إيجابياً في دوري روشن السعودي للمحترفين    القبض على 5 أشخاص في جدة لترويجهم مواد مخدرة    التوتر خلال الاختبارات طبيعي    وجاء رجل    المملكة تستعرض جهودها لحماية البيئة    التعاون يواصل التعثر في «دوري روشن» بالتعادل مع الخلود    فتيات ينتجن مستحضرات من التمور    دعوة لتبني تقنياتٍ جديدة لتعزيز استدامة البيئة البحرية    الهلال الأحمر بالجوف يرفع جاهزيته    طلاب جازان يتفننون بالابتكارات والبحوث    المُدن السعودية.. تنميةٌ واستدامة    خطيب المسجد الحرام: الزموا حفظ كرامة البيوت    خطيب المسجد النبوي: املؤوا قلوبكم بحُب الرسول والشوق إليه    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالتخصصي يُنقذ "ستينية" مصابة بالسكري من بتر الساق    «سعود الطبية» تنفذ 134 ألف زيارة رعاية منزلية في خمس سنوات    أول صور ثلاثية للغدة الزعترية    المملكة تعرب عن قلقها إزاء تصاعد العنف بالسودان    بالإجماع.. إعادة انتخاب عبدالله كامل رئيساً لإدارة مجلس «عكاظ» ل 5 سنوات    أودية ومتنزهات برية    مخالفو الإقامة الأكثر في قائمة المضبوطين    حين تصبح الثقافة إنساناً    "فيفا" ينهي تقييمه لملف ترشح المملكة لإستضافة مونديال 2034    مجلس إدارة رابطة أندية الدرجة الأولى للمحترفين يعقد اجتماعه 11    ميقاتي يتابع قضية اختطاف مواطن لبناني    فرع الصحة بجازان ينظم مبادرة "مجتمع صحي واعي" في صبيا    بلدية محافظة البكيرية تنفذ فرضية ارتفاع منسوب المياه وتجمعات سطحية    في الجوف: صالون أدب يعزف على زخات المطر    وزير الإعلام يرعى ملتقى المسؤولية المجتمعية الثاني في 20 نوفمبر    منطقة الجوف تكتسي بالبياض إثر نزول البرد مع هطول الأمطار الغزيرة    الهلال يطوي صفحة الدوري مؤقتاً ويفتح ملف «نخبة آسيا»    جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل تعقد المؤتمر العالمي لطب الأعصاب    اكتشاف قرية أثرية من العصر البرونزي في واحة خيبر    الأردن: لن نسمح بمرور الصواريخ أو المسيرات عبر أجوائنا    إطلاق مهرجان هيئة تطوير محمية الملك سلمان بن عبد العزيز الملكية    وسم تختتم مشاركتها في أبحاث وعلاج التصلب المتعدد MENACTRIMS بجدة    حقيقة انتقال نيمار إلى إنتر ميامي    مرثية مشاري بن سعود بن ناصر بن فرحان آل سعود    مثقفون يناقشون "علمانيون وإسلاميون: جدالات في الثقافة العربية"    معدل وفيات العاملين في السعودية.. ضمن الأدنى عالمياً    أمانة القصيم تقيم المعرض التوعوي بالأمن السيبراني لمنسوبيها    الكلية التقنية مع جامعة نجران تنظم ورشة عمل بعنوان "بوصلة البحث العلمي"    ماسك يتنبأ بفوز ترمب.. والاستطلاعات ترجح هاريس    المذنب «A3» يودِّع سماء الحدود الشمالية في آخر ظهور له اليوم    الرياض تشهد انطلاق نهائيات رابطة محترفات التنس لأول مرةٍ في المملكة    حائل: إطلاق مهرجان هيئة تطوير محمية الملك سلمان بوادي السلف    البدء في تنفيذ جسر «مرحباً ألف» بأبها    أمير المدينة يرعى حفل تكريم الفائزين بجوائز التميز السنوية بجامعة الأمير مقرن بن عبدالعزيز    خادم الحرمين وولي العهد يعزيان ملك إسبانيا إثر الفيضانات التي اجتاحت جنوب شرق بلاده    مدير هيئة الأمر بالمعروف في منطقة نجران يزور مدير الشرطة    أمير منطقة تبوك ونائبه يزوران الشيخ أحمد الخريصي    لا تكذب ولا تتجمّل!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.




نشر في الجزيرة يوم 17 - 04 - 2006


*سارة يحيى الكناني الزهراني:
يا غربة أسقطت دمعاً من مقلتي
يا غربة أذبلت ورد حديقتي
إنها أقسى أنواع العذاب وأقسى أنواع الاغتراب. إنها الإحساس بالاضطراب الداخلي. إنها غربة الأحبة وغربة الروح عندما تنزع السعادة للأبد ويزرع الحزن ويسكن الأعماق ويؤلم الأجساد ويطول الألم حتى يشكو الجسد من شدة الجوى وتفقد الثمرة نضارتها ويسقط النوى.. عندما تحدث الابتسامة فجأة ويفيض القلب فجأة.. بريق العين يتجلى ثمة من مر كظل ثم ابتعد.. عندما تداهمنا الأحلام في خطوة عابرة تحدث الابتسامة ويفيض القلب ولكن..
إذا سألت عن من ولمن تبوح؟!! أخفت حالتها مثل كنز ربما يموت غدا أو بعد غد أو عندما يحين الوقت ولا أحد يستطيع أن يكتشفه.. لا أحد يرفع الستار ليكتشف سر الابتسامة المفاجئة التي تحدث وحدها وقلباً ينضج بصمت من يشبه ذلك الكنز؟؟ (انها المرأة) كنز بلا معنى يجهل المنقب ما بداخله، كنز هو ليس ككل الكنوز. كنز بلا معنى يجهل المنقب ما بداخله، كنز هو ليس ككل الكنوز. كنز مليء بروحها، بحبها وبزهور شبابها التي تمنحها إليه بدون مقابل. لقد أفقدها رونق وبهاء حديقتها بمجرد أن بحث عنها واكتفى بأنوثتها عن الروح التي تحملها. اسمح لي أيها المتحضر الذي تتوقع أن ترتقي بتفكيرك وتبلغ منزلة سامية تليق بما تشبعت به من معارف فكرية ومهارات عملية فقد خاب توقعك خيبة مريرة عندما انعكس وانحدر مستوى هذا الوعي ليلمس القاع ويتمرغ في مهاترات وأوحال دفنها عصرك منذ زمن وأدار ظهره لها. لم كل هذا الهجوم على نصف المجتمع؟ ولم كل هذه الزوبعة من الظلام التي تعيشها المرأة باختيار الرجل؟
لا يوجد شاعر ولا سياسي ولا فيلسوف لم ينتقد المرأة أو يهاجمها، شيء غريب أن ينتقد كل هؤلاء المرأة أم هي هكذا الأشياء المميزة في الحياة بينما لا نرى العكس.
فالمرأة مميزة بما خلقها الله به وكل مميز يجب أن يشترط أن يعيش كما يريد كالزهرة التي تشترط التربية والبيئة والمناخ إن اختلفت هذه العناصر لا تنمو وإن نمت لا تزهر. من حقها إذا أن تعيش وفق طبيعتها التي خلقت عليها وإلا سوف تفقد بريقها وتفقد الاستمتاع بطبيعتها كالزهرة إذا عاشت في تربة صناعية أو بمناخ ملوث أو في بيئة لا ترعاها فستفقد جمالها وعبق أريجها وقوام منظرها. لقد كرم الإسلام حقوقها ولم يظلمها واختار لها مكانتها وحسم لها أمر معاملتهم لها واحترامها وصيانة عرضها والمحافظة عليها وسترها ومدافعة الشرور عنها وعدم إيذائها في حال إن كانت أي امرأة على وجه البسيطة فكيف بها أماً وابنة، أختاً وزوجة.. إن المسيئين لها كثيرون والأطباق التي تتزين بلحم عفتها صنعتها أقلام مفكرين وقدمتها أضحوكة للعالم في طبق العولمة المستنسخة من عقول أصحاب الأرقام والإحصائيات الذين لم يفهموا المرأة أو أنهم بالغوا في فهمها أو أنهم لم يقرؤوا التاريخ فمن لم يفهمها بات كمن يرصد النجوم على صفحة البحر والذي لا يعرف الفلسفة ينتقدها أو فهمه العميق لها جعله يكتشف جانباً لا يحب بالضرورة معرفته فنقدك أيها المتحضر لن يقدم ولن يؤخر فالتاريخ محفوظ.
لقد قرأنا عن الفضيحة العنصرية الرهيبة التي تمثلت في إجبار الآلاف من النساء اللاتي اعتبرن قدراتهن العقلية والجسمية دون المستوى المطلوب للحفاظ على نقاء وتفوق عرق الأمة على الخضوع إلى عمليات تعقيم قسرية لمنعهن من الإنجاب. إحدى ضحايا هذه الحملة الوحشية تقول إنها كانت تعاني وهي طفلة من ضعف نظر حاد يحول دون إدراكها لما يكتب على السبورة في الصف، وأسرتها الفقيرة عاجزة عن توفير نظارات لها وكانت النتيجة أن أضيف اسمها إلى لائحة الأطفال الذين وصموا بعار التخلف الذهني ومنعت من الإنجاب حتى لا تثقل كاهل الوطن بذرية تعرقل نموه وتعوق مسيرته. لا أدري بأي من الدول كانت هذه الفضيحة وأملي ألا تكون بإحدى الديار الإسلامية.. هكذا وبجرة قلم وئدت أمومة امرأة مظلومة عاشت مع غيرها في الظل وماتت بصمت وبقيت ذكراها نقطة سوداء تلطخ جبين مجتمعها وتذكر العالم بأن الإنسان يستطيع أن يتحول في لحظة غدر إلى وحش كاسر لا يعرف لينا ولا رحمة.. وما يزيد الغربة غربة ولوعة ما نشر بمقالة عرفت ب(تربية الدادات) كتبها أحد المثقفين العرب الذي يدعي الإصلاح ويخاف الفساد ونسي أن رب كلمة... تهوي بصاحبها في النار.
هذا الكاتب هو وأمثاله ممن كتبوا ونقدوا ونموا واحتقروا المرأة وطعنوا في تربيتها وانتقصوا من شأن محتضنيها هم والله العار الذي حملت به أمه وتحمله بلاده وهو المقال الذي نحتكم به أمام الله إن كان في قلبه ذرة إيمان بالله ورسوله، ورجائي من المنصفين أصحاب الأقلام المؤثرة بعدلها وقوتها مع الحق لا انحياز أو إسراف في التحيز أن تقف أقلامهم لترد على المستبد والظالم، ومن بين أنيابه عرضا من أعراض نسائكم أليست الصحافة كما يقال السلطة الرابعة التي تمكنكم من محاكمة الخارجين فيما ذهبوا اليه؟
إن ما تعانيه المرأة اليوم من شعور بالغربة أفقدتها جمالها وحبها لمن حولها سببه الرجل وهذا في ضوء معاناة الأغلب على الأرجح.. (امرأة تقول ذهبت إلى المنطقة الشرقية لأقضي مع أهلي إجازة العيد أوصلني زوجي إلى المطار وودعني بكل مظاهر الود والحنان، كنا ككل الأزواج نختلف قليلا ونتقارب كثيرا ولكننا في هذه السنوات السبع لم نفكر يوما بالابتعاد أو الانفصال عن بعضنا وبعد مرور أيام العطلة فوجئت بورقة الطلاق ونصف ملابسي ومتاعي مع موعد بإرسال الباقي بعد بضعة أشهر، وطلب مني أن أبقى عند أهلي دون التفكير بالرجوع إلى الرياض. تقول أحسست أني وقعت في دوامة من الحيرة أفقدتني القدرة على الصراخ والاحتجاج حاولت الاتصال به بلا فائدة، أمضيت الليالي مع الحبوب المهدئة أحدث نفسي: (لا تفكري لا تفكري)).
القصص كثيرة جدا وتحمل الحقد والألم الدفين ضد نصف البشرية وفقدانها الثقة بعبارات الحب والغزل ولأنه قد يظن فئة من المجتمع أن المرأة هي دائما المخطئة بحق الرجل فيبدر منه مثل هذه التصرفات. أحدثكم بقصة إحدى قريباتي حدثت قبل أشهر عندما كانت تستعد لاستقبال مولودها البكر وقد قامت بتحضير كل مستلزمات القادم الجديد وهي في غاية الفرح به وعندما حان موعد الولادة وخروجها إلى منزل العائلة لقضاء فترة الولادة بحثت عن زوجها ليفرحا سويا بمولودهما فوجئت بانقطاع هاتفها النقال وهاتفه أيضاً وسفره الغامض إلى أهله ليزف عريساً بعد أيام من قدوم طفله الأول وبعد محاولة لمعرفة سبب ما حدث، وفرحة الأم التي لم تكتمل بطفلها،، ورغبتها في معرفة سبب غدره وتفسير ما قام به إلى أن اتضح أنه بذاته لا يعرف سببا لما فعله!! ولكم أن تتخيلوا حالة الأم وماذا أصابها صحيا ونفسيا نتيجة لغدر زوجها فقد تم الطلاق وها هو في ثوب مخلص من جديد.
إن الأفاعي وإن لانت ملامسها
عند التقلب في أنيابها العطبُ
حتى وبعد أن ودعنا القرن العشرين ودخلنا في عصر الآليات الإلكترونية بل مقتنياته والفكر المستقبلي بكل أبعاده لا تزال للأسف العلاقة الإنسانية بين الرجل والمرأة محصورة في إطارات التعاملات المؤقتة وحدود (السادية) وإن حضرت العدالة بأوج بهائها وجاء الإنصاف بكل أناقته تذكرنا حكاية القوامة تارة وقضية ناقصة العقل والدين تارة أخرى بدون إلمام تام ووعي كامل وفهم واضح لهذه المسائل الدينية التي لم تقف في وجه المرأة لمجرد أنوثتها فالله جل جلاله القائل في محكم كتابه {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ..}(198)سورة الأعراف.
فلماذا رفعت الجلسة وحكمت المجتمعات النامية بالرجعية والخوانية والسذاجة والغباء لمجرد أننا بنات حواء.. لماذا يرفع الرجال رؤوسهم حتى في عهد (الفضيحة)؟ لماذا أصواتهم عالية؟ لماذا الكلمة الأخيرة لهم؟ وأكثر ما يؤلم هو ظاهرة (المرأة خائنة) التي بدأت منذ سنوات تظهر وخاصة في مسألة الحب وكأن الأنثى لا تريد من الغرام إلا إشباع ما لا يشبع رغم أن هذه بالذات حكم عليها رجل أسطوري يدعى فكتور هوجو صاحب رواية البؤساء يقول: قد يكتب الرجل عن الحب كتابا ومع ذلك لا يستطيع أن يعبر عنه.. ولكن كلمة من المرأة عن الحب تكفي لذلك كله.
إذاً العلاقة بين المعنى المباشر لما أقصد وغير المباشر هو الكشف عن حالة وجدانية يصعب تحويلها إلى أشياء رمزية فالحب هو ردة فعل عادية لمن تحركت مشاعرة بأشياء داخلية وقد يكون لترجمتها أكثر من صورة لكن الكلمات تقف حائرة على أعتاب هذا السؤال كيف تحدث هذه العاطفة؟ وإن حاولت الإجابة بشيء من الواقعية وجمال اللفظية وصدق الإحساس فإنما هي مجموعة من المشاعر والأفعال واللحظات تكون كامنة فتأتي لحظة مفجرة لها في وجه الزمن فتعلن قدومها.
ولأنه لا يوجد في القوانين طريقة تبين أو تشفع لهذه العاطفة فهي أولاً وأخيراً ليست جريمة أو خطأ يجب الاعتذار عنه. كذب من قال زهر العاطفة ينبت في ظل السور وجبان الذي يخاف الناس لو وقف على بابك والأدلة التاريخية الجنائية الذكورية في المحاولات اليائسة لإسقاط المرأة كثيرة.
فوقت أن أتوعد ابني بعقاب بسبب المخالفات التي ارتكبها في حقي أشعر بشيء من التجاهل ونسيان للوعيد ودافعي نحو ذلك هو حبي له وكرهي أن أراه يتألم وجعا. إنها عاطفة الأم السامية التي لا نحتسيها لحظة عطشنا أو نلتهمها لحظة جوعنا أو محطة استراحة نلجأ إليها لحظة عناء ساعات العمل الطويلة وإلا لكنا عديمي الإدراك والشعور.
نعم نحن النساء بطبيعتنا التعبير عن مشاعرنا وأحاسيسنا بشتى الوسائل وبكل الظروف ولكن أغلب الرجال يتصرفون ويقومون بالفعل بدل القول فهم تعودوا على القيام بأعمال مع آبائهم وابتعدوا عن سلطة الأمومة فالحب بالنسبة لهم مجرد....
فهل الشكوك والغيرة المفرطة والقذف بالألفاظ ورفع اليد من مستلزمات الأمسية المرعبة في نظر الرجل كرجولة؟؟ أم الصمت واللامبالاة والإهمال واستراق النظرات بالتطفل الخبيث والأساليب المستخفة بعقليتها والمزاجية في إهانتها تعتبر من أولويات هذه العلاقة المضطربة التي تعيشها معظم النساء؟
إن كل ما يُفعل بحق المرأة وفي ضوء معاناة أغلبهن هو من أفلام الرعب المشفرة عن أعين الناس فكم يقال ونسمع هي مظلومة ومن النادر والقليل أن تظلم المرأة الرجل؟ فهل يعقل أن يقابل الزوج صنيع زوجته وخدمتها له وتحمل طيش تصرفاته بحبسها في (دورة المياه) لثماني ساعات لتنام بحوض الاستحمام لمجرد أنها تأخرت عن خدمته وها هي تنزف جراحها بصمت.. كم الغربة لها قاتلة لرونق روحها وشبابها.. كم الغربة لها مدمرة لإرادتها التي تقودها مع ثنائي روحها إلى بر السعادة والأمان.. كم الغربة لها سجن مخيف من ضربات القدر الموجعة وطفيليات الفكر السامة.. كم الغربة لها حياة ذليلة تطلب من نفسها الصبر والعون الإلهي احتراما وحسن بصيرة وهو يجد ذلك انتصارا له وعليها. كم هي مدركة لحاجته إليها غير مبال هو باحتراقها من أجله. إنه أصبح بمثابة الكبريت الذي أحرقها بعد أن أحرق كل جميل حولها. يظن بها دائما كائنا لا يفكر بشيء بل تهوى كل شيء، إجحاف بحقها دون أن يمنحها حرية الحديث بدون تأويل مصطنع من بنات أفكاره المزعجة، يبدع بإطلاق الكلمات الجارحة وتنميق التشبيهات المجازية (العيارات) وتزييف المشاعر بمهارة، الحكم تعزيزاً بحقها ثم السؤال والمحاكمة،، إطلاق التفسيرات العشوائية على تصرفات عفوية وبريئة، انتهاك لا حد له ولا حصر بحق آدميتها لفظاً وبطشاً وعربدة وهي لا تزال صامدة تحسن العشرة وتمحو الإساءة بالحسنة وهو لو هاجمه المارون بسوء فعلته لجمع لهم كل مارقي الطريق ليسترد هيبته وكرامته وكبرياء مرضه الذكوري.. إن ما أقوله ليس إسرافا في التحيز لأني امرأة هذه حقيقة يخشى الآخر الاعتراف بها، المرأة بطبيعتها تفكر بقلبها وقد يخون عقلها قلبها فلا تفكر إلا بمشاعرها وتنسى من قد أساء إليها عن طيب خاطر وهنا ليس لأحد أن يعلق لأنها عاطفية التكوين تسامحاً ووداً وحسن تعامل مع تجاهل الإساءة وليس هذا كرماً منها لك أيها العاق في تعاملك معها فإنك أحيانا ما تثق بقلبك... إن المرأة وببساطة وحتى آخر (ها) في حياتها تصر على الحب والعطاء بلا حدود وعلى الحرية والجمال وكل هذا يقوده (الحق) فهي ضالة الإنسانية.
فقد تكون المرأة كالرجل في حب السيطرة والتملك أو مادية سيئة العشرة قد تكون أي جماد وتربة صلبة أو بلا مشاعر من الأصل ولكنها تبقى بالنهاية امرأة لن تذهب للصيد مع الرجل ولن تشاطره مصارعة الوحوش وتسلق الشجر والجبال ولن تذهب لميدان قتال أو تحمل حجارة للبناء لأنها مخلوق ضعيف ومختلف عن الرجل ولكن الأخير يسير ببرمجة متغطرسة أساسها أن كل ما يخصه من صفات وتوجهات فطرية هو الصح والأفضل وما سوى ذلك فهو (شغلات حريم) والآن نحن في زمن المرأة تحسن استخدام بعلومها لا لتمارس فطرة الثرثرة ولكن لتطالب بحقها في الكلام والرجل يشعر بورطة حينما يفتح أذنيه لسماعها والمصيبة تعظم حينما يقول: ماذا تريدين أن أقول أو أفعل فهذه ورطة جديدة فهي لا تريد أن تلقنه ما يقول وأن يتكلم تلقائيا وبفطرته وكذلك يتصرف، وأقسم أنه لو حرم الرجل هذه اللحظات لبحث عنها أو طلبها في مكان آخر، فلِمَ إذا كل هذا التذمر!!
لقد أثبتت دراسة علمية طويلة أن معدل حوار الرجل اليومي (ألفا كلمة) بينما المرأة (سبعة آلاف كلمة) الفرق كبير وشاسع وحين تشعر المرأة بقلة كلامه وتجعله يشعر بكثرة كلامها فالقضية ليست في الاختلاف بل في فن التعامل مع الاختلاف. الرجل هنا يُقيم الحب والتواصل والمعزة بأمور معينة من خلال عمله وكده أو بجلب هدية أو أخذها إلى رحلة ويستغرب ويتساءل: لماذا هي غير راضية؟
إن المرأة تعتبر أن الحديث معها ومبادلتها الحوار عن الحب وعن الحياة والعمل هي من أساسيات ما تحتاجه. إذا المسألة ليست بالأرقام كما يظن الرجل بل هي بفلسفة المعاني وهذا يعود لفطرتها الروحانية والأدهى أن الرجل لا يريد أن يتكلم. يريدها أن تفهمه وتكون لماحة وذكية ومحبة فإذا كانت (ألفا كلمة) في اليوم ليست كافية لأن تستقرئ مخك وفهم إحساسك فهل أنت قادر على فهم إحساسها وهي تقدم لك (سبعة آلاف كلمة في اليوم)؟؟
بقي أن تعرف أن هناك حقيقة علمية تقول إن التنفيس بالكلام يقلل الإصابة بالسكتة القلبية فلأجل صحة قلبك حاورها ولا تمل.
أجل الحياة العصرية أقنعة وضغوط ولكن الكثيرين يخلعون هذه الأقنعة ويريدون الراحة من عناء هذه الضغوط داخل منازلهم وبين أحضان هذه الإنسانة الوحيدة التي تحملت كل شيء لأجله فهي أحوج إنسان إليك فلا تحرمها من أقنعة أو مجاملات عصرك إن كنت لا تحسن معاملتها فربما قد تكون هي ذكية وتكتشف هذه المسرحية وترفض أن تعيش أحداثها ليعيش كل منكما في كواليس حياته المفضلة أو أن تكون ممن غلبه الزمن فلا أب يطالب في حقها أو أخ يكرمها ولا مجتمع يأذن في بث فصول معاناتها والحجر عليها بقولهم (ناره ولا جنة هلك) فتخضع مسلمة قانعة بهذه المسرحية وفصولها سواء لبس هو القناع أمامها أو كشر عن أنيابه.. قد تغار المرأة على أبيها أو أخيها أو زوجها ودافعها الحب وإن غار الرجل عليها هل دافعه لذلك الحب أم أنه بدافع حب التملك؟ تقول إحداهن إنها كانت تقدم له كل ما يتمناه بدافع حبها له وهو كل يتسلى مع أصدقائه في سرد أحاديث الليل لهم ويحكي لهم عني بلا رحمة حتى نقلت لها خبره إحدى زوجات أصحابه وأنه لا يقدّر أو يحترم خصوصيات حياتهم حتى يخبر بلحظات أنسها معه. وكانت الصدمة وتم الطلاق فمثل هذا لا ندم ولا احتراق من أجله، بل وحتى عندما يشك الرجل وتنقل أخبار لا صحة لها في زوجته أو أخته أو ابنته لا يتردد بإشعال النار في جسدها وهي تشك وتصمت وتؤكد شكوكها وتصمت أيضاً بدافع أن تعيش معه حتى لحظات طيشه بدون أن تحاسبه وتعاقبه وتتحمل الشر الذي يأتيها منه وتستمر آلامها وتثقل همومها وهو لا يدرك حجم حبها وغيرتها وأنه وحده قائد لمملكتها وكان سيصبح ميرزبا الافاق لو أنه احترم أنوثتها.
سرد شاب قصته وهو في المصحة النفسية للعلاج من الاضطراب الذي أصابه بعد أن تسبب في موت أخته التي اكتشف تورطها بقصة حب مع صديقه عندما رأى صورتها في يده وهو يخبره أنها صديقته لم يحتمل الشاب عندما شاهد صورة أخته فذهب إلى منزله ووجدها تقلي لهم البطاطا فسحب المقلاة وقذف بها وجه أخته فلم تتحمل آلامها وماتت وبعد أحلام وكوابيس مزعجة لاحقته في منامه ويقظته ذهب يطلب الفتوى فقيل له أن يتأكد من صحة ما قيل عن أخته وبعد تردد ذهب لصديقه يسأله عن صحة ما روى قبل أعوام وبعد أن تذكر قال له: حقيقة جئت يومها لأدعوك إلى منزلي ورأيت صورة لا أعلم صاحبتها وأخذتها حتى أوهمكم أنها صديقتي، (كانت صورتها قد سقطت منها أثناء نزولها من باص المدرسة قرب منزلهم)، فأصيب بعدها باضطراب ذهني نتيجة معرفته الحقيقة.. أليس من حقها أن تسأل عن ذنب اقترفته أم لا؟
أو أليس من حقها أن تعرف لم أخيها تسبب في إطفاء شمعة حياتها وهي تنظر إليه نظرتها الأخيرة؟؟ يا أخي إن المتهم بريء حتى تثبت إدانته وحتى بعد إدانته العقاب هو شرع رب العالمين فمن أنت يا مسكين حتى تحكم عليها بالموت؟ ومن يوجه عواطفنا التي خذلتنا إن حكم عليها الآخرون بالموت وعدم الرحمة؟ يا الله إن عبادك ظلموا وتجبروا واستهانوا بدماء حرمتك ولا رادع لهم إلاك يا الله؟
إن المذنب له رب رحيم هو خالقه وهو المتكفل بعقابه وقد عفا وتاب وأمهل وليس أنت أيها الإنسان الفقير المبتغي عفو ربك وتوبته.. وهذه المرأة التي حاولت صديقتها أن تزوجها لأخيها ورفضت بحجة أن أهلها لن يوافقوا وعندما تزوجت عرفت صديقتها برقم هاتفها وأعطته لأخيها حتى ينتقم منها وأخبرته عن علامة مميزة لها كانت قد عرفتها منها أيام الدراسة وهي شامة سوداء تحت صدرها من اليمين فاتصل بزوجها وادعى معرفته السابقة بها وأنها تحبه فذهب بها الزوج لبيت أهلها وتركها وأخبر أهلها فذهب بها والدها إلى دار المسنين وتركها وهي قبل عامين تقص قصتها وتقول دعوت على من ظلمني وعلى أهلي الذين لم ينصروني ويأخذوا بحقي وإذا بخبر الرجل الذي ادعى عليها أنه مات ميتة شنيعة وأخته أصيبت بالسرطان واعترفت قبل موتها لوالد صديقتها وزوجها وعندما جاؤوا لأخذها من الدار رفضت وقالت هذا المكان الذي برأني وهو المكان الذي سأموت فيه وماتت قبل عامين وهي ساجدة شاكرة لنعمة الله عليها واثقة أن ما فاتها في الدنيا سيعوضه لها في الآخرة..
لا تخلي الشك يحرمنا جميع
من غرام ما هقينا أنه يصير
دائما يساء إليها قولا وفعلا وتحمل كرامتها التي أهانها وتعود وتضعها بين يديه أملا ورغبة في مستقبل تحلم به.
نمسي على حلمنا والخوف ذابحنا
نصبح ولا غيرها الخيبات تدنينا
فالذين يسيؤون لها كثير أب وأخ وزوج ومجتمع وأرجوكم أن لا تقيسوا معاناة أي رجل بما تعانيه المرأة وإن كانت حواء هي من أخرج آدم من الجنة ولكنها تابت وتاب ربها عليها وجعلها أم البشرية ورزقها وزوجها القبول في الأرض وكل ذلك لحكمة هي من عند الله.
وإن كانت قد تمردت عاطفتها الصادقة على مرارة واقعها وقسوته وهي في النور فكيف لها أن تمارس عطاءها وهي في الظلام. هذا ويبقى الواقع واقعا بالنور كان أم بالظلام ينبئنا في كل حين بأن العمر يمضي والعزاء يتيم والزمن وحده فيصل الظالمين.
راح العمر يوم ويومين
وعيا الرجا ينقاد بينك وبيني
مليت من قولت يمدي وبعدين
ما تدري ان العمر زهرة سنيني
من منا يتحمل وزر هذه المغالطات؟ لماذا نصر عندما نتقدم خطوة أن نتراجع خطوتين؟؟ وكأننا نناور الظل أو نحتمي خلفه! لماذا يعتقد هؤلاء أنهم أفضل من حواء وأقوى جبروتا من فرعون؟ أهو إحساس مرضي بالتميز؟ أم خوف من المقارنة؟ أم نزعة رجولية طبيعية تهيأت لها الظروف المطلوبة لكي تكبر وتتحول إلى أورام خبيثة تثقل أوصال الإنسانية؟!
نعم الواقع مزيج من كل شيء لنتأمل حاضرنا (نتنفس الهواء الملوث بالسموم التي تقذفها عوادم السيارات والمداخن الصناعية، نئن تحت وطأة سيل عارم من المشاكل من غلاء وبطالة وفساد أخلاقي وفيضانات وزلازل وحروب وأناس تقتل كل شيء حتى نفسها، ونعاني من كل الأمراض والتقلبات المزاجية والحالات المادية المتنوعة) ورغم كل هذا يجد البعض منا الوقت والجهد اللازم ليقحم المرأة في صراع عبثي مع نفسها المسكينة من أجل الدفاع عن سراب يربط رجولته بمستوى هيمنته على حياتها وسعادتها المزيفة. إلى أي حد ستقود الحماقة أولئك.. إنها مخلوق عاطفي ضعيف تحتمي بظلك فلا تخذلها وتدارك العمر معها فقد مضى الكثير والحساب عظيم،،، (اللهم إني أعوذ بك من قهر الرجال).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.