وقعت عيني على التحقيق الذي أعدته آسية آل رشود يوم الخميس 24 من محرم 1427ه عدد 12201 تحت عنوان: الفتيات بعد الأحداث.. إلى أين..؟ ومع من؟ إذ كان يدور التحقيق حول خروج الفتيات بعد الحدث أو ما كانت تعانيه مسبقاً من أخلاقيات أو مصيبة ما ألمت بها في مقتبل عمرها الثمين ولا تعلم هل الأهل ينتظرونها بفارغ الصبر ويستقبلونها استقبالاً حاراً يملؤه الحب والدفء مفترشاً في مقدمة البيت بالورد، أم استقبالاً بارداً فيه نوع من الحقد والكراهية عليها وزرع أنواع الأشواك بطريقها وتعذيبها أشد العذاب وبلهجات مشمئزة ينفر منها الفتاة والفتى السوي الذي عاش عيشة هنيئة، فكيف بمن أغواه الشيطان ووقع فريسة ومصيدة لبعض الشباب المستهتر بأعراض بعض من محارم مجتمعنا المسلم؟ وكيف به أن يتحمل تلك الإهانات؟ فبعد قراءتي لهذا التحقيق لا أخفيكم أنني حزنت حزناً شديداً على ما آلت إليه بعض من فتيات مجتمعنا المسلم، وكيف أن سيطر الشيطان على عقولهم وهوى بهم في طريق المنزلقات والمنحنيات المظلمة. والبعض منهم غرر بهم وزين لهم ومن ثم عظوا على أيديهم وقاسوا أشد الندم.. نعم والله ان البعض منهم وأجزم أن أقول جميعهم ممن سار على هذا النهج المنحدر لضياعهم انتهت حياتهم بنهاية عفتهم وكرامتهم، فهذه الفتاة المسلمة جوهرة متلألئة متزنة متزينة متحجبة بما أملى عليها دينها لكي تصون عرضها من الانخداش والضياع، وبضياعه ربما يؤدي بها إلى الموت بفقدان عرضها ومن ثم تلجأ إلى الانتحار.. يجب علينا جميعاً الحفاظ على فتيات مجتمعنا الكريم من جميع الفتن، نحن اليوم نعيش انفتاحاً عظيماً ومنفتحاً على مصراعيه بجميع المغريات، فالخطر قادم، وإن لم نتدارك الأمر ومتابعة الفتيات والفتيان بتوجيههم بالكلمة الطيبة بالحسنى واللين وردع من ينهش ببناتنا وأخواتنا المسلمات - بلا شك - سوف يحل بنا خلل في مجتمعنا وأخلاقيات لا تحمد عقباها ومصارعة للحياة وضياع كامل وتشتت يوماً بعد يوم إلى أن يستفحل الأمر ويصبح في غاية الصعوبة ويصعب نزعه من جذوره. نعم، أين تذهب الفتيات بعد الأحداث ومع من؟ ففي التحقيق يبدو أن هناك آباء نزعت منهم الرحمة، إذ يصور لنا التحقيق بعضاً من أصناف العذاب الذي لاقته تلك الفتيات الضعيفات، وأذكر بعضاً منها: هناك آباء وضعوا فتياتهم في غرفة مظلمة موحشة تحيط بها الحشرات. وهناك آباء أجبروا بناتهم بالنوم على برودة البلاط دون غطاء، وهناك آباء حبسوا بناتهم في غرفة ما يقارب أربعة أشهر، وأظهر عليها قوته وجبروته، وأكال عليها بالضرب والعذاب المبرح.. لا أريد أن اسرد لكم المزيد من أصناف العذاب تجاه تلك الفتيات المسكينات مما يلاقينه من بعض أولياء الأمور بسبب ما قاموا به من أعمال منافية للدين.. فلماذا لا يعدها الآباء زلة قدم، وسوف تعبر - بإذن الله - مع مرور الأيام يملؤها النصح البناء والتوجيه السليم لا بذلك العذاب المهلك الذي ربما يؤدي إلى نتائج سلبية. سبحان الله.. أي قلب يحمله بعض الآباء أو الإخوان من هذه القساوة والابتعاد عنهم..! فأين يذهبون؟ لا بد من الوقوف معهم ومواساتهم ونسيان ما حدث وتذكيرهم بأن التوبة تَجُبُّ ما قبلها وفتح صفحة جديدة مع النفس ونسيان الأشياء المهلكة من أخلاقيات ومخدرات وضياع.. علينا جميعاً المضي معهم قدماً لجلب السعادة ونسيان شباك الأحداث، فلماذا البعض يبغضهم ويتغاضى عنهم؟ علينا أن نتكاتف لمعالجة تلك الحالات التي يمر بها الشاب والشابة لمثل هذه الظروف الصعبة، فالأهل عليهم دور كبير يجب ألا ننفرد عنهم، فربما زاد الأمر صعوبة وأصبح أصعب من ذي قبل. فعلى الجميع من الإخصائيين النفسيين والإرشاد الديني ومعلمين ودكاترة وكل من لديه قدرة قدماً على البحث والتوجيه لكل ما هو صالح لأبناء مجتمعنا وتحذيرهم من الوقوع في مزالق الحياة.. علينا جميعاً بذل الطاقات البشرية لجلب أناس متخصصين في تلك الأحداث ومتفهمين لها ولخواطرها النفسية. فالحديث عن هذا الموضوع المهم جداً يذكرني أيضاً بهموم الشباب بعد خروجهم من السجن.. أين يذهبون؟ ومن الذي يستقبلهم بحفاوة بالغة؟ ومن الذي يعولهم؟ ومن الذي يقبله لكي يكون صالحاً نافعاً في مجتمعه؟ أوجه رسالة عاجلة لعزيزتي الجزيرة التي توصل الكلمة إلى مسؤولي الدولة.. رسالتي هنا عاجلة إلى ملك الإنسانية صاحب القلب الكبير صاحب الأيادي البيضاء صاحب القلب الرحيم على الضعفاء خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود حفظه الله. أقول له وكلي احترام وتقدير له: انظر بعين الشفقة والعطف على أبنائك الذين كانوا في سنين ماضية لبنة صالحة لمجتمعهم المسلم ثم تكالبت عليهم الظروف إلى أن اصبحوا أسرى السجون ثم بعد خروجهم أين يذهبون؟ لماذا لم يتم النظر في شؤونهم وإرجاعهم إلى أعمالهم السابقة، فمنهم الضابط والإداري والمدرس والعريف الذين كانوا في السابق في حمى الوطن بعد الله سبحانه وتعالى فأين يذهبون الآن؟ أبا متعب أليس من حقهم الرجوع إلى وظائفهم وفيهم الكثير الذي تاب وندم على ما جرى في فترة أعمارهم الماضية.. هل من لمسة حانية من ملك عرف عنه النبل والشهامة للنظر في أحوالهم لكي يصبحوا مثل بقية إخوانهم نافعين للمجتمع.. يا صاحب النظرة الواسعة المدى التي تنير بصائر أبنائك في المستقبل لكي ينهلوا من هذا الوطن العزيز يا خادم الحرمين الشريفين انظر إلى معاناة الشباب السعودي، فأنتم سندنا بعد المولى جل جلاله.. وفي الختام حفظ الله شبابنا وشاباتنا من جميع المنكرات المشوشرة على حياتهم، ووفق الشباب إلى ما فيه الخير.. ودمتِ يا حكومتنا الرشيدة وألبسك الله ثوب الصحة والعافية. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. خالد بن ناصر الحميدي