وصف عضو مجلس الشورى الدكتور عبدالله بن يحيى بخاري، المجتمع السعودي بأنه (مجتمع صغير العمر)، مشيراً إلى أن التعداد السكاني الأخير قدَّر العدد بأكثر قليلاً من (24) مليون نسمة، فيما توقعت مصلحة الإحصاءات والمعلومات، أن يصل العدد عام 1450ه إلى زهاء (46) مليون نسمة. نقص الآن.. فكيف الحال الحال بعد 25 سنة؟ وكان (الدكتور البخاري) يمهد بهذه المعلومات لمداخلة حول أداء المؤسسة العامة للمياه المالحة، للعامين الماليين 1423-1424 و1424- 1425ه، لافتاً إلى أن المواطنين يعانون من نقص حاد في المياه العذبة، المحلاة من مياه البحر، والمستخرجة من مخزون المياه الجوفية، وتساءل: كيف يكون حال المجتمع السعودي بعد خمس وعشرين سنة من الآن؟ وطالب بالتوقف أمام هذه المشكلة، ودراستها، واتخاذ القرارات المناسبة. جدة والطوابير الطويلة من طالبي المياه وضرب على مدينة جدة كمثال على المدن التي تعاني من مياه الشرب وقال: (إنها تعاني في هذه اللحظة من نقص حاد في المياه العذبة، وهناك طوابير طويلة من مئات الأفراد، متكدسين أمام الإدارة العامة للمياه بمحافظة جدة، للحصول على إذن بشراء خزان مياه عذبة لمنازلهم وعائلاتهم، وهذا وضْع مخيف بالفِعْل). بعدان للمشكلة وشخّص مشكلة المياه في بُعْدين الأول: التناقص المستمر في مخزون المياه الجوفية غير المتجددة والآخر: المعوقات التي تواجهها المؤسسة العامة لتحلية المياه المحالة، واصفاً إياها بأنها (تحد من قدراتها ووظائفها الحيوية، في تشغيل وصيانة محطات التحلية). ضعف المحطات وتراجع الطاقة الإنتاجية وأفاد - استناداً على ما جاء في التقريرين - بأن كمية المياه المصدرة فعلياً من جميع محطات التحلية الثلاثين العاملة في المملكة، خلال عام 1423-1424ه بلغت أكثر من ألف مليون متر مكعباً، أي بمعدل (2.877.440) متراً مكعباً يومياً وقال معقباً: (لقد ضعفت الآن هذه المحطات، وتراجعت طاقتها الإنتاجية إلى أقل من ذلك). الاستهلاك الصناعي ولفت إلى أنَّه بلغ معدل الاستهلاك الصناعي للمياه، بلغ حتى عام 1425ه (550) مليون متر مكعب سنوياً، مبيناً أنه يتم تأمين وسحب هذه الكمية من المياه، من مخزون المياه الجوفية غير المتجددة. الزراعة: أرقام مضاعفة وبالنسبة للقطاع الزراعي أشار (الدكتور البخاري) إلى أنَّ أرقامه تتضخم وتتضاعف، إذ ارتفع استهلاك الزراعة من المياه الجوفية، من ألفي مليون متر مكعب عام 1400ه إلى قرابة (15) ألف مليون متر مكعب عام 1410ه أي بنسبة زيادة بلغت (750%) ثم ارتفع حجم المياه المستخدم لقطاع الزراعة إلى زهاء (18) ألف مليون متر مكعب، من المياه الجوفية غير المتجددة عام 1423-1424ه. مشكلة استهلاك الزراعة للمياه ومضى في مداخلته قائلاً: (إنه يمكن استيعاب حجم مشكلة الاستهلاك الزراعي للمياه الجوفية، إذ أُخِذَ في الحُسْبان ما أشار إليه التقريران، من أنَّ دراسات عام 1420ه أظهرت أنَّ الاستهلاك الكلي من المياه للمملكة هو (20) ألف مليون متر مكعب، بينما قُدِّر للاستهلاك الزراعي وحده حوالي (18) ألف مليون متر مكعباً من المجموع الكلي للطلب على المياه، على كامل مستوى المملكة)، لافتاً إلى أن قرابة (89%) من إجمالي المياه المستخدمة في الزراعة، يتم تأمينها من المخزون المائي غير المتجدد، أي بما يعادل قرابة (16) ألف مليون متر مكعباً في اليوم الواحد. أغلى وأعز مادة وبيّن أن المياه أصبحت من المواد الشحيحة في المجتمعات البشرية بعامة، ولكنها في المجتمع السعودي أضحت من أغلى وأعز المواد الناضبة والشحيحة، وطالبَ بالانتباه إليها، ودراسة أوضاعها وقال: (إنَّ الأمر خطير). أكثر أهمية من النفط ورأى أنَّ قطاع المياه في المملكة ينبغي أن يكون متميزاً، ومعتنى به أكثر من أي قطاع آخر، إذ لا يقل أهمية - إنْ لم يكن أكثر أهمية - عن قطاع النِّفْط (البترول)، مستغرباً عدم وجود قسم واحد في أي جامعة سعودية، أو المعاهد الفنية - حسب علمه - مختص بهندسة تحلية المياه المالحة، بينما المجتمع السعودي من أكثر المجتمعات اعتماداً على تحلية المياه، وافترضَ وجود كلية تطبيقية متخصصة في تقنية المياه، وهندسة تحلية المياه المالحة وإدارتها. الامتناع فوراً عن مياه الزراعة ورأى ضرورة الامتناع فوراً عن استنزاف مخزون المياه الجوفية وغير الجوفية في الأغراض الزراعية، وبخاصة زراعة الشعير والقمح، واستخدام مياه الصرف الصحي المعالجة ثلاثياً بدلاً من ذلك، موضحاً أنَّه إذا استمر الوضع على هذا النمط، فإنه من المتوقع أن تنضب المياه الجوفية في المملكة العربية السعودية، في الفترة بين عام 1436ه وعام 1440ه حسب دراسات خبراء المياه في جامعة الملك عبدالعزيز بمحافظة جدة. دعم المؤسسة ومحطاتها وخلص (الدكتور البخاري) إلى ضرورة دعم المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة، ومحطات التحلية المرتبطة بها، وتلبية كل طلباتها واحتياجاتها دون تردد، أو تحفظ، أو محاولة تحقيق وفر في ميزانيها من وزارة المالية.