يرعى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والرئيس الفرنسي جاك شيراك في الساعة الرابعة من مساء اليوم في قاعة العروض الزائرة بالمتحف الوطني في مركز الملك عبدالعزيز التاريخي بمدينة الرياض افتتاح معرض (روائع من مجموعة الفن الإسلامي) الذي تنظمه الهيئة العليا للسياحة بالتعاون مع متحف اللوفر الفرنسي. وقد رحب صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية رئيس مجلس إدارة الهيئة العليا للسياحة برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وبضيفه الرئيس جاك شيراك للمعرض، مشيراً إلى أن الرعاية الكريمة من لدن خادم الحرمين تأتي في إطار دعمه المتواصل لكل ما من شأنه العناية بالتراث والثقافة بشكل عام وإبراز التراث والثقافة الإسلامية بشكل خاص، مؤكداً في الوقت نفسه أن هذا المعرض دليل على متانة العلاقات بين الحكومتين والشعبين الصديقين، وحري بأن يسهم في تفعيل الإطار العام لتعاون البلدين في المجالات الثقافية. وأشار سمو الأمير نايف في ختام تصريحه إلى أن الهيئة العليا للسياحة تولي اهتماماً كبيراً بقطاع الآثار والمتاحف السعودية لدوره في التنمية الثقافية والسياحية، مؤكداً أن هيئة السياحة أعدت استراتيجية شاملة لتطوير هذا القطاع سبق وأن أقرها مجلس إدارة الهيئة ورفعت للجهات المختصة لاعتمادها، وتشتمل هذه الاستراتيجية على رؤية للتطوير تمتد لعشرين عاماً وتستهدف تنمية هذا القطاع، وكذلك خطة تنفيذية للسنوات الخمس الأولى، تشتمل على تطوير نظام الآثار واللوائح المصاحبة له. من جانبه أكد سمو الأمير سلطان بن سلمان الأمين العام للهيئة العليا للسياحة على أهمية الرعاية الكريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، والرئيس الفرنسي جاك شيراك للمعرض الذي يأتي بهدف تعريف الجمهور داخل المملكة من مواطنين ومقيمين وزوار بمجموعة الفنون الإسلامية المعروضة في متحف اللوفر في باريس، كما يهدف إلى إبراز التراث الإسلامي، وتطوير الفعاليات الثقافية المقامة في المتحف الوطني بالرياض، والتأكيد على اهتمام المملكة بهذا النشاط الثقافي المهم دولياً، ويشكل أحد أكبر الأنشطة الجاذبة للسياح والزوار في مختلف الدول. وأوضح سموه أن المعرض يضم 120 قطعة من القطع الإسلامية النادرة والمعروضة في قسم الفنون الإسلامية في متحف اللوفر، مشيراً إلى أن هذا المعرض يأتي ضمن الاتفاقية الموقعة في 26 صفر 1426ه بين الهيئة العليا للسياحة ومتحف اللوفر التي تضمن برنامجاً علمياً يشمل مجالات البحث والتعاون العلمي والتقني، وتبادل إعارة القطع الأثرية بين الجانبين، وتنظيم عدد من العروض المؤقتة، حسبما نصت عليه المذكرة. وأوضح الأمير سلطان أن هذه الاتفاقية تعد من ضمن الجهود التي تقوم بها الهيئة لتطوير قطاعي الآثار والمتاحف بعد أن صدر قرار مجلس الوزراء بضم وكالة الآثار والمتاحف بوزارة التربية والتعليم إلى الهيئة العليا للسياحة لتحقيق التكامل بين الجهازين بما يرفع من مستوى أداء كل منهما، وتطوير قطاع الآثار والمتاحف بالاعتماد على حيوية السياحة وتنمية الموارد البشرية في القطاع والرفع من كفاءتها، وكذلك تطوير الأداء في مجال البحث العلمي والتنقيب الأثري والنشر، والرفع من مساهمة قطاع الآثار والمتاحف في التنمية، والتعريف بسياحة الآثار والمتاحف كأحد أبرز الأنماط السياحية في المملكة. وأشاد سمو الأمير سلطان بن سلمان في نهاية تصريحه برعاية القطاع الخاص للمعرض، مؤكداً سموه أن القطاع الخاص يعد الشريك الرئيس والمهم لفعاليات وأنشطة الهيئة. من جهة أخرى أكدت صاحبة السمو الملكي الأميرة عادلة بنت عبد الله بن عبد العزيز رئيسة الهيئة الاستشارية للمتحف الوطني أهمية معرض (روائع من مجموعة الفنون الإسلامية لمتحف اللوفر) الذي يستضيفه المتحف الوطني في العاصمة السعودية الرياض الذي يشمل أكبر مجموعة إسلامية معارة من قبل متحف اللوفر لمتحف آخر في الشرق الأوسط. وقالت في تصريح صحافي ان هذا المعرض يأتي كخطوة في نتاج اتفاقية التعاون الثقافي المشترك الذي يفتح المجال للاستفادة من خبرات متحف عريق كاللوفر، ويؤكد حرص كلا المتحفين على بناء أواصر ثقافية، مؤكدة أهمية مد الجسور بين المؤسسات المتطابقة الرؤى بما يخدم أهدافها للارتقاء بالفكر الثقافي والحفاظ على الفنون العريقة، وتشجيع المتخصصين على دراسة وبحث المقتنيات الأثرية. وأوضحت سمو رئيسة الهيئة الاستشارية للمتحف الوطني أن المعرض الذي يمتد حتى 7 ربيع الاخر المقبل، يشير إلى منظومة التفاعل بين الحضارات ويدل على ما تأثرت به الحضارة الإسلامية من حضارات سبقتها وما أثرت عليه من حضارات قامت بعدها. وأشارت سمو الأميرة عادلة بنت عبد الله بن عبد العزيز إلى أن المعرض يعكس ما حظيت به الفنون الإسلامية من تقدير وتثمين من جميع الحضارات، مؤكدة أن المعرض سوف يسهم في تواصل الشعوب والتقاء الحضارات، ويعكس مفهوم التقدير المجرد للعمل الفني المميز. من جانبه أشاد رئيس ومدير متحف اللوفر هنري لواريت بمتانة العلاقة بين المملكة وفرنسا ودورها في تحقيق مصالح البلدين الصديقين والتقارب بين شعبيهما، وقال السيد لواريت إنه يتمنى استمرار العلاقات المنسجمة المثمرة لكي نتمكن من الإسهام معاً في تحقيق تعارف وتفاهم أعمق بين شعبي المملكة وفرنسا، وأشار رئيس المتحف الفرنسي إلى أنه يسعد متحف اللوفر تنظيم هذا المعرض في عاصمة المملكة العربية السعودية، وينتهز فرصة هذا المعرض ليشكر المملكة العربية السعودية على الاهتمام والدعم الذي تلقاه متحف اللوفر منها في تحقيق طموحاته. وحول سؤال عن أهمية مثل هذا المعرض، ومحتوياته، أجاب لواريت: إنني أدركت منذ تولي رئاسة المتحف أهمية مشروع انفتاحه على الحضارة الإسلامية وعلى هذه الثقافة الشاملة لقرون وبلدان عديدة، وذات الارتباط الوثيق بالثقافة الغربية وبجميع الميادين التي يغطيها متحف اللوفر، أما بالنسبة إلى القطع المعروضة، فقد تم اختيارها من بين أجمل قطع مجموعة الفن الإسلامي وأكثرها مدلولاً، وأشار إلى أن هذه الإعارة للمتحف الوطني بالرياض تعد استثنائية وفريدة بحجمها، إذ لم يسبق للمتحف أن خص بمثلها أي بلد في هذه المنطقة من العالم. محتويات المعرض يشتمل معرض (روائع من مجموعة الفن الإسلامي) الذي يقام في المتحف الوطني ويستمر مدة شهرين ابتداء من اليوم على مجموعة كبيرة ونادرة من التراث الإسلامي منها، لوحان من الخزف؛ الأول عبارة عن رسم للكعبة يعود تاريخه إلى 1049ه، والثاني للمسجد النبوي الشريف تظهر فيه الآية الكريمة: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}. وفي ناحيةٍ أخرى شمعدان مزين بمشاهد من البلاط ومناظر صيد يرجع إلى نهاية القرن الثالث عشر، وطبق مزين بأشكال لباقات من الزنبق والقرنفل تُرّخ ب 982ه، هذه بعض القطع التي من المقرر عرضها في معرض (روائع من مجموعة الفن الإسلامي) الذي تنظمه الهيئة العليا للسياحة بالتعاون مع متحف اللوفر الفرنسي، وذلك في قاعة العروض الزائرة بالمتحف الوطني في مركز الملك عبد العزيز التاريخي بمدينة الرياض. رئيس ومدير متحف اللوفر السيد هنري لواريت يوضح أن المعرض يضم أكثر من مئة قطعة التي تم اختيارها من بين أجمل قطع مجموعة الفن الإسلامي، وأشار إلى أن هذه الإعارة للمتحف الوطني بالرياض تعد استثنائية وفريدة بحجمها، إذ لم يسبق للمتحف أن خص بمثلها أي بلد في هذه المنطقة من العالم، وهذا أول إنجاز في اتفاق التعاون الموقع في إبريل 2004 بين الهيئة العليا للسياحة في المملكة العربية السعودية ومتحف اللوفر، ويرمي هذا الاتفاق إلى تنمية التعاون السعودي الفرنسي في مجال الثقافة والتربية. وتم اقتناء هذه المجموعة عبر الزمن بالهبات المقدمة للمتحف، وتعد هذه المجموعة من بين أكمل وأروع المجموعات في العالم، ويأتي هذا العرض في الوقت الذي بدأ فيه متحف اللوفر بإنشاء قسم كبير جداً في قلب المتحف، تلبية لرغبة رئيس الجمهورية الفرنسية التي عبر عنها منذ عام 2003 عندما أعرب عن أمله في تزويد المتحف بقسم جديد مخصص فقط للفنون الإسلامية، يليق بالثراء العظيم للحضارة الإسلامية وإسهامها الكبير في تراث الإنسانية. ومن بين المعروضات خطاب تزكية كتب على بردية، بحبر أسود وهبه جان دافيد فيل للوفر عام 1391ه، جاء فيه: (بسم الله الرحمن الرحيم، عافانا الله وإياك من السوء، إنَّ صاحب كتابي إليك له مني ناحية، أحب لها حفظه وإرفاقه، وقد توجه إلى ما قبلك رجا معروفك، ورفدك فأحب أن تعرف له ما أعلمتك من حاله عندي وتستوصي به وتحفظه وتوليه...). وفي ناحية أخرى من المعرض نجد (صحن الفرسان الثلاثة) الذي يعتقد أنه يعود إلى آخر القرن الثاني عشر - القرن الثالث عشر، وهو هبة من جمعية أصدقاء اللوفر، 1911م وتمثل الزخرفة الداخلية لهذا الصحن الصغير المقسم إلى ثلاث طبقات، كل منها مقسم إلى ثلاثة أجزاء واضحة بشكل رئيس أشكالاً آدمية. في الطبقة الوسطى منها ثلاثة فرسان، وفي الجزء الوسطي السفلي والعلوي هناك شخصان محاطان بغصنين كثيفي الأوراق ومتعددي الألوان، أما في الأجزاء الأربعة المتبقية، فهناك أربعة أشخاص يجلسون متربعين في وسط حلقة بيضاء محاطة بخلفية زرقاء مزخرفة بأشكال نباتية. في عام 1332ه -1914م اقتنى اللوفر كوباً صغيراً مزيناً برسم باقة مبتكرة، تشير مصادر إلى أنه عثر عليه في العراق في القرن التاسع، وهو فخار صلصالي ذو بريق معدني ورسم متعدد الألوان على طلاء زجاجي كثيف، ويشير اللوفر إلى أن هذا الكوب من بين القطع التي اشتهرت صناعتها بتقنية تضفي على الطلاء بريقاً معدنياً. ولقد كانت هذه التقنية نقطة تحول كبرى في الفن الإسلامي، ولا تزال إلى الآن تثير إعجاب الباحثين لإتقان الإبداع في صنعها منذ بداية القرن التاسع. وتتميز هذه الزخرفة بخاصة بصرية، فعند النظر إليها من زاوية معينة، يلاحظ تغير في اللون مع انعكاسات ضوئية معدنية ساطعة، ويتضح هذا في الكوب الذي بقي طلاؤه الزجاجي الممتاز النوعية على حالته الأصلية. وعلى الرغم من أن قسم الفنون الإسلامية يعد أصغر أقسام المتحف الثمانية، إلا أن إدارة اللوفر تشير إلى أن مقتنيات القسم تزداد سنوياً، وذلك عبر الهدايا التي يتلقاها والمشتريات، مؤكدةً أن القطع الموجودة في القسم تغطي 1300 سنة من التاريخ الإسلامي. عناق المتاحف هذه الخطوة من الهيئة العليا للسياحة بتعاونها مع متحف اللوفر الفرنسي لإقامة هذا المعرض في المتحف الوطني بمركز الملك عبد العزيز التاريخي لعرض النماذج من الفن الإسلامي أوجد نمطاً من أنماط الحوار الحضاري عبر نتاج بصري لا يحتاج إلى ترجمة أو تفسير أو إقناع مؤكداً قدرته على إثبات أن للفنون الإسلامية صفاتها وسماتها وجذورها السابقة والرائدة كما أن وجود هذا التعاون إشارة إلى نقلة معاصرة في لغة التقارب الفكري والثقافي بين الشعوب من خلال جسر بنته هيئة السياحة بين موقعين تاريخيين لكل منهم أهميته ومكانته في ذاكرة التاريخ. (المتحف الوطني بمركز الملك عبد العزيز، ومتحف اللوفر)، كما ان في وجود هذه الأعمال في متحف اللوفر من بين العديد من الفنون التي أبدعها الإنسان في مختلف العصور يعني أن للثقافة والفنون وبما خلفته لنا الآثار دوراً في اختصار المسافة والتعريف بسابق العلاقات والانفتاح الحضاري كاشفة مدى التواصل بين الحضارات والشعوب من خلال الفنون الإنسانية المختلفة مهما اختلف البيئات أو المواقع الجغرافية، كما أن في تخصيص جناح للفن الإسلامي في متحف اللوفر إشارة إلى التعامل بشكل متوازٍ دون انحياز لفن دون آخر وألا يتوقف البحث والاهتمام بالفنون الأوروبية فقط. ان في وجود الفنون الإسلامية في متحف عالمي له شهرته ومكانته ما يحقق الهدف بمعالمه ومقاصده الواضحة. في الانفتاح على آثار الآخرين، ولم يكن هذا التوجه من متحف بهذا القدر من الأهمية لاحتواء الفنون الإسلامية إلا لقناعة تامة أن الفنون الإسلامية لها خصوصيتها وتميزها وتاريخها المنافس بما تحتويه من جمال في مجال الهندسة والتصميم بمهارة فكرية وعقلية تنوعت فيها الإبداعات والخامات منها فنون (الآرابيسك) وفنون الخط والنسيج والمنمنمات أصبحت مصدر إلهام للفنون الأخرى. قدمت إضافة الكثير للباحثين والدارسين آفاقاً واسعة في المجالات الجمالية الإنسانية في مقدمتها إثارة التأمل والتخيل وصولاً إلى التأثير بشكل مباشر من خلال التنوع البارع في معالجة الأشكال والأنماط في الموضوعات والجمع بين الحاجة الجمالية في المظهر وبين قيمة الجوهر. الرئيس جاك شيراك والفنون الإسلامية ولنا هنا وبمناسبة عرض روائع من الفن الإسلامي المنقولة من جناح الفنون الإسلامية في متحف اللوفر أن نستحضر خبر تأسيس هذا الجناح، إذ تضمن إعلان وزير الثقافة الفرنسي جان جاك اياغون في باريس خلال خريف 2002 أن متحف اللوفر سينشئ قسماً جديداً يعرض فيه جزءاً من مجموعته الهائلة من الفنون الإسلامية. بناء على توجيه من الرئيس شيراك الذي قدم في خطاب له بهذه المناسبة في الرابع عشر من تشرين الأول (أكتوبر) من العام 2002م نظرة جديدة إلى أهمية اندماج الفئات المهاجرة داخل المجتمع الفرنسي خصوصاً الجاليات العربية والإسلامية, داعياً بذلك إلى نبذ كل أنواع التفرقة, مشيراً إلى ما كسبته فرنسا عبر العصور من الثقافات المختلفة. بعد ذلك عمل قصر (الإليزيه) على الإسراع في تحقيق هذا المشروع خصوصاً بعد العمليات الإرهابية التي أصابت نيويورك وواشنطن، وبعد أن بدأ بوادر التصدع بين الغرب والعالم العربي. وقد توج الرئيس شيراك هذا التوجه أيضاً بقوله: (إن هذا القسم يذكر الفرنسيين والعالم بما قدمته الحضارات الإسلامية من مساهمة أساسية في ثقافتنا). ويضيف الرئيس الفرنسي قائلاً: (إن فرنسا والعالم العربي نسجا على مر العصور علاقات وطيدة وأقاما حواراً لم ينقطع أبداً). ويخلص شيراك إلى القول: (إن ثقافتنا اغتذت من هذا التبادل المثمر, ذلك أن العالم الذي يرتسم أمام أعيننا لا يمكنه أن يوفر للبشر مستقبلاً من السلام والتقدم إلا من خلال معرفة الآخر واحترام التنوع والارتكاز على الحوار والتسامح. كما أبدى الرئيس الفرنسي جاك شيراك اهتماماً شخصياً بالموضوع من خلال تركيزه على دور الإسلام وعطائه الثقافي والإنساني بالنسبة إلى العالم أجمع. وأشار في أكثر من مناسبة إلى ما قدمته الحضارة الإسلامية الممتدة على أربعة عشر قرناً من الهند إلى إسبانيا على المستويات العلمية المختلفة، وفي مجالات متنوعة كالرياضيات والجبر وعلم الفلك والطب والفيزياء. كما يرى الرئيس شيراك أيضاً أن هذا المشروع هو جزء من الحوار الثقافي بين ضفتي البحر المتوسط, وهو تأكيد على الاعتراف بثقافة الآخر باعتبارها جسراً يربط الضفتين, ويوفر فضاء أوسع لإرساء مستقبل الشعوب, قائماً على التعاون والإخاء. من هذا المنطلق, جاء مشروع شيراك الجديد المتعلق بالفنون الإسلامية ومستقبلها في متحف (اللوفر). وسيصبح القسم الإسلامي في متحف (اللوفر) هو الآخر الأكبر في العالم أيضاً. وهكذا يتضح أن فرنسا ماضية في مشروعها الذي يجعل الفنون الإسلامية جنباً إلى جنب مع الأقسام التي يفتخر بها المتحف وفي مقدمها قسم الآثار والفنون الفرعونية. مبادرة حضارية من الهيئة العليا للسياحة منذ صدور القرار الملكي الكريم رقم (9) وتاريخه 12-1-1421ه، والقاضي بإنشاء الهيئة العليا للسياحة تأكيداً على اعتماد قطاع السياحة باعتباره قطاعاً ثقافياً واجتماعياً واقتصادياً مهماً، وتأكيداً على أن السياحة الداخلية واقع وطني يستلزم قيام الجهات المسؤولة بالتخطيط لتطويره وتنميته، خطت الهيئة خطوات فاعلة ومحققة للأهداف لمس المواطنون أثرها ونتائجها باعتبار أن المواطن والتنمية أهم أهدافها وفق أسس واضحة ومنظمة، لهذا تأتي إقامة هذا المعرض العالمي وبما تحقق من خلاله من تعاون بين الهيئة وبين متحف اللوفر نقلت على ضوئه هذه الأعمال والروائع الإسلامية في المتحف الوطني بمركز الملك عبد العزيز دليل جديد وإضافة بارزة في سياق ما تسعى إليه الهيئة ضمن برامجها وخططها القادمة لإثراء السياحة المحلية بروح عالمية سهلت بها السبل للسائح المحلي، مواطناً كان أو مقيماً للاطلاع على الثقافات والإبداعات العالمية مع ما يحققه هذا المعرض بشكل خاص من تكريم وتقدير للفنون الإسلامية والتعريف بها للمجتمعات والأجيال. جولة في المتحفين بهذه المناسبة المتمثلة في إقامة معرض (روائع من مجموعة الفن الإسلامي) الذي تنظمه الهيئة العليا للسياحة، في قاعة العروض الزائرة بالمتحف الوطني في مركز الملك عبدالعزيز التاريخي بمدينة الرياض بالتعاون مع متحف اللوفر الفرنسي.. يمكن لنا أن نسلط الضوء بإيجاز على المتحفين الدوليين. المتحف الوطني (المتحف الوطني بمركز الملك عبد العزيز التاريخي الذي أنشئ ليكون معلماً وطنياً على مستوى المملكة العربية السعودية يساهم في إثراء مسيرة التعليم والتوعية الثقافية وتطوير الانتماء والتعريف بتاريخ الجزيرة العربية العريق ولرسالة الإسلام الخالدة. يحتل المتحف سبعة عشر ألف متر مربع من الجانب الشرقي لمركز الملك عبد العزيز التاريخي في حين تصل المساحة الإجمالية لمبناه المكون من طابقين إلى ثمانية وعشرين ألف متر مربع، ويوفر المتحف بيئة تعليمية حديثة لشرائح مختلفة من المجتمع، وفي مستويات متعددة، متنوع المعروضات بالمتحف التي تشمل القطع الأثرية والوثائق والمخطوطات ولوحات العرض بالإضافة إلى استخدام وسائل العصر المتعددة فضلاً عن الأفلام الوثائقية والعلمية، ويمتاز المتحف بتكامل معروضاته في تقديم موضوع متسلسل من بداية خلق الكون إلى العصر الحديث، ويدور محوره الأساسي حول الجزيرة العربية. كما تنفرد كل قاعة من قاعات المتحف الرئيسة في تقديم عرض موضوعي مستقل ومتكامل، يحتوي المتحف على قاعتين للعروض الدائمة والمؤقتة فضلاً عن المكاتب الإدارية والمخازن والمرافق الخدمية العامة لزوار المتحف والعاملين فيه. ويتكون المتحف من ثماني قاعات عرض رئيسة مرتبة ضمن تسلسل تاريخي مضطرد يصل إليها الزائر بحسب تصميم معماري يراعى ترتيبها الزمني هي قاعة الإنسان والكون، قاعة الممالك العربية القديمة، قاعة العصر الجاهلي، قاعة البعثة النبوية، قاعة الإسلام والجزيرة العربية، قاعة الدولة السعودية الأولى والدولة السعودية الثانية، قاعة توحيد المملكة، قاعة الحج والحرمين الشريفين. متحف اللوفر يعود أصل اللوفر إلى قيام فيليب أوغست بتشييد حصنه على ضفاف نهر السين في عام 1200م. نشأت فكرة المتحف وبدأ بتنفيذ وتهيئة القاعات عام 1747م، ليصبح هذا المكان بعدها زاخراً بالمقتنيات الملكية، وفي عام 1779م أخذ المتحف في التوسع في المساحة والمحتويات من المقتنيات الأثرية والصور التراثية.. توالت الترميمات والتعديلات عام 1881م، استغرق العمل في المشروع ستة عشر عاماً، بعد ذلك تدفقت بقية المقتنيات على المتحف لمختلف الفنون، حتى أصبح أحد أشهر متاحف فرنسا والعالم. يضم متحف اللوفر مجموعة واسعة جداً من الأعمال الفنية والمقتنيات بعضها من النحت الفرنسي، والتحف الإسلامية والرومانية والشرقية والقبطية المصرية ولوحات هولندية وفرنسية وإيطالية وإسبانية. ينقسم المتحف إلى سبع إدارات تهتم كل منها بفترة معينة من الزمان، كما تم تقسيم المقتنيات المختلفة والمتنوعة على أجنحة المتحف الرئيسة كل على حسب تاريخها وأصلها ونوعها، وتصنف مقتنيات المتحف تاريخها من بداية الفن والحضارة حتى بداية النصف الأول من القرن التاسع عشر. ويتكون كل جناح من أجنحة المتحف من طابقين ودور أرضي وآخر تحت الأرض، وهي جناح سولي - Sully، وجناح ريشيليو - Ri chelieu - Denon، تشغل مساحة صالات العرض في متحف اللوفر ستين ألف متر مربع، وظفت كلها لعرض ثقافة وحضارة أحد عشر ألف سنة من التاريخ بينما تشغل الحديقة مساحة ثلاثين ألف متر مربع، وذلك بعد ضم حديقة تويلري وكاروسيل. يملك متحف اللوفر أيضاً نشاطات ثقافية أخرى من خلال معروضاته والمنتجات المختلفة بالإضافية إلى العديد من المطبوعات والإصدارات المتاحة، إما في المكتبة الموجودة في الهرم أو في صالات العرض.. لمحة عن قسم الفنون الإسلامية في اللوفر بدأت الفنون الإسلامية تحتل الموقع الأبرز في متحف (اللوفر) منذ عهد ميتران وصولاً إلى عهد الرئيس شيراك الذي أعلن البدء في تنفيذ جناح الفنون الإسلامية ليدخل به اللوفر حلبة التنافس مع المتاحف الكبرى في العالم التي احتضنت هذه الفنون منذ قرون، مع ما سيواكب افتتاحه من تظاهرات ثقافية عدة منها سلسلة معارض كبرى تستمر لغاية العام 2007م بعد اكتمال توسيع قسم الفنون الإسلامية في (اللوفر). تبدأ بمعرض أول يحتوي على نحو ثلاثين قطعة يؤتى بها من متحف (الميتروبوليتان) في نيويورك.. وكانت فكرة إنشاء جناح للفنون الإسلامية تعود إلى مطلع القرن العشرين. إلا أن هذه الفكرة تعثرت لفترة طويلة باعتبار أن فنون العالم الثالث, الإفريقية والآسيوية, فنون من الدرجة الثانية مقارنة مع الفنون الأوروبية. كما هو معروف عنها في مناهج المعاهد الفنية لفترات طويلة منها (معهد اللوفر)، فقد كان ينظر خلالها لهذه الفنون بوصفها فنوناً تزيينية. تلك النظرة بدأت تتغير في النصف الأول من القرن العشرين بمساهمة, فنانون نظروا إلى فنون الحضارات الأخرى التي طالعتهم في متحف (اللوفر) نظرة جديدة استلهموا منها الكثير من أعمالهم منحت لهذه الفنون قيمتها وأعادت إليها الاعتبار. منهم على سبيل المثال بابلوبيكاسو، وألبرتوجياكوميتي، وهنري ماتيس، وقد بدأ القسم الإسلامي في (اللوفر) في الدخول بمرحلة جديدة في العلاقة مع الجمهور، فقد أصبح يفتح يومياً على غرار بعض الأقسام الأكثر شهرة بعد أن كان يفتح أبوابه لأيام معدودة في الأسبوع.. مع ما يقام من فعاليات ونشاطات تعرف بهذه الفنون على نطاق واسع. كما حظي قسم الفنون الإسلامية باهتمام كبير من قبل إدارة المتحف وأقيم لتصميمه مسابقة مفتوحة شارك بها كبار المصممين، وفاز بها المعماري ماريوبيليني وزميله الفرنسي رودي ريكيوتي. وجاء اختيار لجنة التحكيم لهذا التصميم لفرادته وبساطته التي تحترم البصر، ولأنه يتماشى تماماً مع واجهات هذا المتحف التي أنشئت في القرن السابع عشر. وكان من أبرز ما يلفت النظر في التصميم وجود سقف من أرضية متماوجة مصنوعة من الكرات البلورية والعوارض المعدنية، يسبح في مساحة تقع بين الأبنية القديمة للمتحف، مثل بساط علاء الدين السحري الطائر. وقد نجح المهندسان في التعامل مع المواد التي تحتاج إلى إنارة خاصة، وتلك التي تتألف في الظل. فالطابق الأرضي من قسم الفنون الإسلامية سيكون سابحاً في النور، بينما يخيم جو من العتمة على الطابق الواقع تحت الأرض، إذ ستعرض القطع الحساسة للنور والتحف الهشة، تبلغ الكلفة الإجمالية لهذا المشروع 56 مليون يورو.. تقدم الدولة الفرنسية مبلغ 26 مليوناً منها وتغطي التبرعات القسم المتبقي منها ما تبرع به رجل الأعمال السعودي الأمير الوليد بن طلال بمبلغ 17 مليون يورو مساهمة منه في إنشاء القسم الجديد في المتحف.. يحتضن القسم المجموعة المهمة التي يمتلكها اللوفر للفنون الإسلامية. ويقدر عدد قطع هذه المجموعة بأكثر من عشرة آلاف، تتألف من مواد مختلفة؛ من المخطوطات والمنمنمات والخشب والخزف والنسيج والبلور والعاج.. كان عرضها مقصوراً على التقسيم الجغرافي، إذ تندرج حيناً في قسم آسيوي وأحياناً أخرى في أقسام من الفنون الشرقية. تضاف إليها ثلاثة آلاف قطعة موجودة في متحف فنون التزيين. وبهذا، فإن القسم الجديد في المتحف الباريسي أصبح كفيلاً بمنافسة ما هو موجود في متحف المتروبوليتان في نيويورك.