حُب الشائعات وتضخيمها من الأمور المعتادة في مجتمعاتنا العربية. فكثيراً ما نسمع من هنا وهناك أن سيدة ما أصيبت بالبهاق وتناولت إبرة أتت بها من بلاد الصين وزال البهاق نهائياً ولم يعد مرة أخرى. وسيدة أخرى تشكو من مرض الصدفية ووضعت كريماً جاؤوا به إليها من بلاد السند والهند وبدهنة واحدة فقط أصبح الصدف أثراً بعد عين. ثم يأخذ الناس تلك الأحاديث ويتناقلونها فيما بينهم، وهذا يزيد قليلاً وتلك تضيف إلى الحديث بهاراً وأخرى ملحاً.. أو أنهم يخترعون قصصا وحكايات شيئاً كان وشيئاً لم يكن. وسأروي لكم اليوم إحدى القصص والروايات التي تعكس سريان هذه الشائعات في مجتمعاتنا. ولدت سيدة في الحي طفلاً ذكراً أسمته (سعيد) ولدى (سعيد) هذا وحمة صغيرة حمراء اللون تشبه الطماطم على فخذه الأيمن. زارتها في اليوم التالي لولادتها جارتها (أم خالد) ورأت الوحمة على فخذ الطفل. وأخبرت السيدة (أم خالد) جارتها الثانية (أم محمود) أن لدى الطفل (سعيد) قطعة طماطم على فخذه، و(أم محمود) أخبرت جارتها الثالثة (أم أحمد) أن السيدة (أم سعيد) ولدت طفلاً على فخذه قطعة من الطماطم وقليلاً من البقدونس، والسيدة (أم أحمد) أخبرت جارتها الرابعة (أم هشام) أن الطفل (سعيد) على فخذه قطعة من الطماطم وقليلاً من البقدونس وحولهما قليلاً من البرغل الناعم والجارة الرابعة أخبرت الخامسة أن (سعيد) ولد وعلى فخذه قطعة طماطم وقليلاً من البقدونس والبرغل الناعم وبجانبهم قطعة ليمون، ثم تناقلت الجارة الخامسة الخبر أن الطفل (سعيد) ولد وعلى فخذه الأيمن صحن من (التبولة) وشاع خبر (صحن التبولة) هذا بين نساء ورجال الحارة أجمع.. حتى أصبح حديث القاصي والداني، مع أنني أحب (التبولة) جداً وأقدرها حق التقدير لكنني - كطبيب - لا أستطيع تصديق مثل تلك الحكايات والروايات التي أسمعها في عيادتي كل يوم.