خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز جملة لها وقع خاص في نفوس الناس حيث ارتبط هذا الاسم بكل نواحي حياتهم ومعاشهم وبكل نواحي النمو والتطور الذي شهدته هذه البلاد منذ حوالي ربع قرن من الزمان، ليس المكان ولا الوقت مناسباً لسرد مآثره وتعداد إنجازاته الداخلية والخارجية التي تراوحت بين خدمته ورعايته واهتمامه اللامحدود بالحرمين الشريفين وما يخصهما من خدمة الحجاج والمعتمرين والزائرين إلى انجازاته في طباعة المصحف الشريف وفي مجالات التعليم والصحة وإرساء الأمن والحنكة والسياسة الخارجية التي كان من شأنها أن تبوأت المملكة العربية السعودية مكانة هامة في منظومة الدول المؤثرة في الشرق الأوسط والعالم أجمع.كل ما سبق لم يأت فيه جديد والشواهد على ذلك كثيرة لكل متابع ومنصف. لقد شرفت منطقة القصيم بزيارة كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك فهد -رحمه الله تعالى- في عام 1408ه وقد حرص رحمه الله واسكنه فسيح جناته- كما هي عادة ولاة أمرنا- على الاهتمام بالعلم والعلماء وزيارتهم وتقديرهم، فحظينا بزيارته غفر الله له في منزل والدنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين الطيني بمدينة عنيزة وقد صادف عند وصوله -رحمه الله- إلى المنزل أن كان الوالد عليه رحمة الله لم يعد حتى تلك اللحظة من صلاة العصر وعندما نزل أحد مرافقي خادم الحرمين وسأل عن الشيخ أخبرناه بأنه لم يعد حتى الآن، فقال -رحمه الله- هل أبناء الشيخ موجودون؟ قالوا نعم. قال: فيهم الخير والبركة. كان وقع هذه الكلمة وما يزال في أذهاننا وكأن هذا الموقف قد حصل بالأمس ولم تمر عليه قرابة العشرين عاماً. ترجّل غفر الله له من السيارة وتشرّفنا بمصافحته، الكبير والصغير ثم دخل الوفد المرافق معه إلى مجلس الشيخ رحمهما الله تعالى.وفي هذه الجلسة أو الزيارة كنت أتأمل كيف أن لدى هذا المسؤول المتوّج على عرش هذه البلاد من القدرة على المناقشة والبحث في تفاصيل أي موضوع يطرح حتى كأنه قد أعدّ وحضّر له قبل قدومه، ولكن بالمتابعة والرصد لسيرة هذا الملك الراحل فإننا يمكن وبوضوح وثقة تامة أن نصفه بأنه (ملك التفاصيل)- بكل ما لهذه الكلمة من معنى- فإذا اجتمع مع العلماء وجدته يناقشهم ويستفسر منهم ويفتح الله عليه أبواباً للمحاورة في جميع ما يخص العامة والخاصة في شؤون دينهم، أما إذا قُدّر وشاهدته في لقاء مع المثقفين والأكاديميين وأساتذة الجامعات فهو الأكاديمي المخضرم يناقش في أدق التفاصيل فمن الخطط الدراسية إلى أساليب التدريس مروراً بالبحوث والدراسات، وعندما ينتقل إلى افتتاح مشروع زراعي أو صناعي تقول إنه -رحمه الله- من قدامى المزارعين أو الصناعيين، كما تجده كذلك يبحث ويناقش أدق التفاصيل عندما يفتتح مشروعاً أو يستقبل أعضاء البعثات الرياضية وهو كذلك في العلاقات الخارجية والمؤتمرات دائماً ما يهتم بتفاصيل التفاصيل.هذه مقالة قصيرة سطرتها على عجالة مع أن الأمر يحتاج إلى صفحات وصفحات لتغطية هذا الجانب من حياة هذا الفذ -رحمه الله.نسأل الله العلي القدير أن يعين الأمة في مصابها الجلل وأن يغفر لوالدنا وقائدنا خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز ويسكنه فسيح جناته وأن يجعل الخير في عقبه وأن يوفق خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ليكمل مسيرة الخير والأمن والنماء إنه سميع مجيب. وصلّى الله وسلّم على نبيّنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. رئيس مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية