عند الحديث عن التنمية والتطور على مستوى العالم، فإننا نجد أن الدول المتقدمة قطعت شوطا كبيرا في مجال الترجمة، أما العرب في العصور المتأخرة فهم كعادتهم يأتون دائما في آخر القائمة. والترجمة (Translation) ليست معرفة اللغات الأخرى لهذا العالم بل هي تحويل الإنتاج العلمي العالمي من لغة لأخرى ومنها الترجمة من اللغات الأخرى إلى اللغة العربية، وأطلق العرب على هذا التحويل اسم التعريب (Arabicization). والملاحظ أن التعريب حاليا ما هو إلا جهود فردية ولست مؤسسية وكان من المتوقع من جامعة الدول العربية أن تتبنى فكرة إنشاء مركز عربي للترجمة، يكون له فروع في كل العواصم العربية بالتنسيق مع وزارات الثقافة في تلك البلدان، ويقوم هذا المركز بإيجاد وتدريب كوادر عربية مؤهلة تقوم بترجمة الإنتاج العالمي العلمي والثقافي إلى اللغة العربية. ففي تاريخنا الإسلامي العظيم نلاحظ أن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - هو أول من أمر بتعريب الدواوين نقلا عن الفرس، فأسس ديوان الجند لتسجيل أسماء الجنود ورواتبهم. وكذلك كانت الترجمة في ذروتها في عصر الخليفة المأمون ابن هارون الرشيد حيث أنشأ بيت الحكمة وجمع فيه كل ما أمكنه الحصول عليه من كتب اليونان والسريان والهنود والفرس والرومان، وكان يتقاضى المترجم وزن ما يترجمه ذهبا ومن هؤلاء المترجمين حنين بن اسحق. وكانت نتيجة تلك الجهود من الترجمة أن جاء الجيل الجديد ليدرس ويتعلم تلك الإبداعات العلمية والثقافية بلغته الأم فكان خروج فطاحلة العلم وكبار الفلاسفة أمثال الكندي والفارابي وابن سينا وابن النفيس والبيروني وابن البيطار وابن رشد وغيرهم كثير. وعندما بدأ الغرب في القرن السابع الهجري (الثالث عشر الميلادي) بترجمة مؤلفات العلماء السابقين - المذكورين أعلاه - من العربية إلى اللاتينية واللغات القومية الأوروبية، بدأت بعد ذلك النهضة العلمية في الغرب وبعد ذلك خرج فطاحلة العلم عندهم مثل روجر بيكون، وفرانسيس بيكون ولكود برنارد وغيرهم حتى يومنا هذا. نخلص من كل ما سبق إلى أنه إن أردنا لأمتنا العربية الازدهار والتفوق فإنه يجب علينا تعريب العلوم والتراث الإنساني، ومن ثم دراستها بلغتنا العربية وليس دراستها بلغتهم هم، لأنا بغير ذلك سنكون وسنظل أقل منهم وليس منافسين لهم أو ساعين للتفوق عليهم.