في مثل هذا اليوم من عام 1982 قامت اليابان بابتكار تليفون محمول يمكن وضعه في الجيب، وقد أحدث اختراع الهاتف نقلة هائلة في تاريخ البشر، حتى أن بعض الناس أصيبوا في أيامه الأولى بالرعب لظنهم أن من يتحدث على الطرف الآخر ليس بشراً بل جنياً. فلم يكن من المتصور أن تسمع صوت شخص على بعد أميال بعيدة، يتحدث إليك وتتحدث إليه. واليوم ونحن في القرن الحادي والعشرين تبدو دهشة الناس في عصر التليفون مثيرة للابتسام، فلقد تطور الهاتف وأصبح محمولاً. وبفضل ذلك يستطيع المرء استخدامه من أي مكان. بدأ الهاتف المحمول في نهايات السبعينات كخدمة خاصة على ترددات قريبة من تلك التي يستخدمها البث الإذاعي. ونظراً لارتفاع تكلفتها ظلت قاصرة على المؤسسات الكبيرة والأجهزة الحكومية. ورغم قصر عمر التليفون المحمول الذي لا يزيد عن ربع قرن فإن ثورة هذا الاختراع لا تقل أهمية عن ثورة التليفون العادي، فقد نجحت في تغيير مفهوم الاتصال على المستوى الشخصي وأصبحت علاقة الإنسان بالعالم المحيط به وثيقة على مدار الساعة، حتى في الأماكن النائية المعزولة التي لا تصلها خدمة الهاتف العادي، وظهر شكل جديد من التواصل عن طريق الرسائل القصيرة SMS التي تكتب لإبلاغ خبر موجز، وهي بذلك تأتي في مرتبة وسط بين الرسائل البريدية والرسائل الإلكترونية. وقد ساهم انخفاض أسعار خدمة المحمول مع مرور الوقت في ازدياد الإقبال على استخدامه، حيث تقدر دراسة أجرتها مؤسسة فورستر لأبحاث السوق أن عدد مستخدمي التليفون المحمول في أوروبا الغربية عام 2004 وصل إلى 293 مليون مستخدم. وعلى الصعيد الاقتصادي، ساعدت ثورة المحمول في تسريع وتيرة الأعمال وتسهيل حركة الأموال. فلقد أصبح بإمكان رجال الأعمال اتخاذ القرارات المناسبة بسرعة أكبر. ولم يعد تواجدهم خارج أماكن عملهم يقف عائقاً أمام إطلاعهم على دقائق الأمور والمعلومات. والبورصة هي المجال الذي يظهر فيه بوضوح تأثير الهاتف المحمول وشقيقته الإنترنت، إذ يمكن للمتعاملين متابعة أدق تحركات الأسهم في جميع بورصات العالم، وعلى ضوئها اتخاذ قرارات سريعة.