رحم الله الشيخ عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ، العالم الجليل والمفكر العزيز، ورجل المسؤوليات الكبيرة والمواقف المشرفة، جمع رحمه الله تعالى بين الدين والعلم والحجا مع سمو الأخلاق وكريمها كان علماً بارزاً في جميع مراحل حياته وشخصاً غير عادي يشار إليه بالبنان ويحظى بالاجلال والتقدير والاحترام من لدن الجميع، لقد رزئت الامة بفقده وخسرت البلاد بوفاته عالماً كبيراً، واجتماعياً مصلحاً ورجل دولة متمكن، ذي رأي سديد.. وفكر مستنير ورأي ثاقب وعمق وبعد نظر.. كان رحمه الله تعالى من أبرز تلامذة والده سماحة العلامة الكبير مفتي الديار السعودية ورئيس قضاتها الشيخ محمد بن الشيخ ابراهيم بن الشيخ عبد اللطيف بن الشيخ عبد الرحمن بن الشيخ حسن بن امام الدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب. وهو الابن الاكبر لسماحته، وبعده معالي الوالد الشيخ ابراهيم وزير العدل السابق ثم الشيخ احمد ثم الشيخ عبد الله وزير العدل الحالي متع الله الجميع بالصحة والعافية وأمدهم بطول العمر والبقاء. تولى معاليه رحمه الله العديد من المناصب القيادية البارزة ابتداء من نيابته عن سماحة والده رحمه الله في رئاسة القضاء وانتهاء برئاسة الهيئات والاستشارة في الديوان الملكي. وكان دائماً في مستوى المسؤولية الكبيرة ومحل الاشادة والذكر والتنويه من قبل الجميع. كان ذا شخصية مهيبة ومؤثرة تتسم بالخلق الرفيع وبالسماحة والقوة في الحق وحب الآخرين والحرص على تقديم العون لهم وكان متحدثاً بليغاً وحكيماً، مع خبرة عميقة بالحياة والناس، من انجازاته رحمه الله جهوده الكبيرة في تأسيس جامعة الإمام الإسلامية استكمالاً لما بدأه والده من عمل جليل في هذا الصدد فقد أقام كيانها كجامعة شامخة وأسس اركانها..على أسس راسخة حتى وصلت إلى ما وصلت اليه من مكانة عالية ورفعة وكانت بصماته ونجاحاته واضحة في كافة الأعمال القيادية والمهام والمسؤوليات التي تولاها (رحمة الله عليه) وهي مهام جسام وكبيرة كان في مستوى مسؤولياتها. إن مشاعر الحزن والأسى التي عمت الجميع، على فقد معاليه تدل على مكانة هذا العالم الجليل، والمصلح الكبير والمفكر الباني والقيادي البارز سليل هذه الأسرة المباركة التي ازالت الغمة وطهرت العقيدة وجددت الإسلام وخدمت الدين والأمة وبنت لها مجدا ًومكانة رائعة في الأفئدة ولكن لكل أجل كتاب.. حكم المنية في البرية جار ما هذه الدنيا بدار قرار طبعت على كدر وأنت تريدها صفواً من الأقذار والأكدار فالعيش نوم والمنية يقظة والمرء بينهما خيال سار فاقضوا مآربكم عجالاً إنما اعماركم سفر من الأسفار ليس الزمان وان حرصت بسالم خلق الزمان عدواة حرار وما أجل عنوان مقالة شيخنا الكبير عبد الله بن ادريس في أحد أعداد صحيفة الجزيرة (ما مات من خلف صالحاً) نعم وايم الحق ما مات من خلف رجلاً مثل الشيخ صالح بن الشيخ الفقيد عبد العزيز بن محمد، الشيخ صالح هذه القمة الشامخة والشخصية الفذة الذي حوى فوعى، وحاز المجد من جميع أطرافه لقد وفقت يا شيخنا في اختيار هذا العنوان الرائع، إنه عنوان الحقيقة والواقع الأبلج، ومعاليه امتداد إن شاء الله لذلك الرجل العظيم. من ذكرياتي مع معالي الفقيد: أتذكر مرة زرت فيها معاليه رحمه الله في منزله بالطائف عندما كان رئيساً للهيئات معرفاً باحدى الكفاءات المؤهلة الراغبة بالانضمام إلى ميدان العمل في الهيئات فقال رحمة الله تعالى عليه: (أنت ابننا وتعرف جيداً أننا لا نضم إلى كادر الهيئة الا من عرف بدينه وعلمه وحلمه وسمته وخلقه). فجمع رحمه الله منهجه في التوظيف في هذه الكلمات المعدودة المعبرة فقلت لمعاليه: نعم إن شاء الله يا معالي الشيخ إن هذا الشاب من هذه الفئة، ولا نزكي على الله أحداً. فشملنا معاليه رحمه الله كعادته بعطفه ولطفه ودماثة خلقه وزودني بنصائحه السديدة والحديث عن الفقيد يطول ولكن الحيز ضيق. رحم الله الفقيد الغالي واسكنه فسيح جناته وألهم الجميع فيه الصبر والسلوان. {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}. وسبحانه القائل جلت قدرته: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا }.