شهد الحوار الوطني المصري أول خلاف علني منذ جولته الأولى التي انطلقت في يناير الماضي حيث رفض ايمن نور رئيس حزب الغد الذي يشارك في الحوار لأول مرة بعد خروجه من الحبس الاحتياطي التوقيع على تعديل المادة 76 من الدستور المصري الذي اقره مجلسا الشعب والشورى مؤخرا بعد طلب الرئيس مبارك بتعديلها من الاستفتاء الرئاسي إلى اختيار الرئيس بين اكثر من مرشح. وأشار نور إلى انه لن يوقع على المادة المعدلة حتى يتم وضع الضوابط الخاصة بها واكد نور الذي خرج من الحبس الاحتياطي بكفالة 10 الاف جنيه اثر توقيفه بتهمة تزوير توكيلات حزب الغد ان رفضه التوقيع على تأييد تعديل المادة الدستورية لا يأتي في نطاق تصفية الحسابات مشددا على أنه يتخذ مبدأ الحياد في موقفه مع المختلف معه سياسيا، وأوضح ان الحوار ليس معناه الموافقة على طول الخط. وكانت الجولة الثالثة للحوار الوطني التي جرت الثلاثاء الماضي قد أسفرت عن اتفاق الاحزاب المصرية ال 15 على رفضها التدخل الاجنبي في الشؤون الداخلية وتلقي مساعدات من جهات أجنبية فيما اختلفت حول النظام الانتخابي المناسب لها حيث اشار البعض إلى ضرورة اتباع النظام الفردي في الانتخابات القادمة وتمسك البعض الاخر بنظام القائمة النسبية غير المشروطة. ويرى المراقبون ان نتائج هذه الجولة من الحوار الوطني التي كان ينظر لها على انها الاهم بعد مبادرة تعديل الدستور لم تكن على مستوى الحدث حيث كان من المنتظر ان يتم خلالها حسم الخلافات المشتعلة بين الحزب الحاكم واحزاب المعارضة حول التعديل الدستوري وضمانات الترشيح لانتخابات الرئاسة وهو ما يعني ان هذه الخلافات ستظل مؤجلة إلى جولات اخرى وان الجانبين يرفضون تقديم تنازلات لبعضهما في هذا الاطار حيث تصر المعارضة على مطالبها بشأن تعديل مواد اخرى من الدستور خاصة تلك التي تحدد سلطات رئيس الجمهورية ومدة توليه المنصب وتؤكد رفضها لفرض اي قيود تحرم الجميع من حق الترشيح للرئاسة. وأمام تهديد المعارضة بمقاطعة الانتخابات الرئاسية في حالة عدم الاستجابة لمطالبها بدأت في كواليس الحزب الحاكم محاولات لايجاد صيغة توافق مع الاحزاب الاخرى وجاء اعلان الرئيس مبارك امام مؤتمر الاصلاح في مكتبة الاسكندرية عن انه سيطلب من البرلمان تعديل قوانين تتعلق بعملية الاصلاح السياسي كتأكيد على استمرار الاصلاحات السياسية وان الامر لن يتوقف عند تعديل المادة 76 من الدستور الا ان مصادر برلمانية اكدت ان التعديلات الدستورية الجديدة التي ستصدر نهاية مايو القادم لن تتضمن أي تغيير في المادة الخاصة بمدة الرئاسة وهو احد المطالب الهامة للمعارضة لكن المصادر اشارت إلى ان هناك اتجاهاً قوياً للاستجابة لمطالب المعارضة بشأن عدم اسناد رئاسة اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات إلى رئيس مجلس الشعب وعدم ضم رئيس مجلس الشورى إلى عضويتها مع قصر تشكيلها على رؤساء الهيئات القضائية (الدستورية العليا ومحكمة النقض ومجلس الدولة) ومعهم 4 اعضاء من الشخصيات العامة يختار احدهم لرئاسة اللجنة. وتتبقى النقطة الاهم في الخلاف دون حسم وهي الخاصة بضوابط الترشيح لمنصب الرئاسة حيث تشير التوقعات إلى أن اللجنة التشريعية بمجلس الشعب تتجه لتحديد النسبة المطلوبة لتزكية المرشح بحوالي 500 عضو من مجلسي الشعب والشورى واعضاء المجالس الشعبية المحلية بسبع محافظات في حين ترفض المعارضة هذا الشرط مؤكدة أن الحزب الحاكم يسيطر على هذه المجالس بالاغلبية مما سيعيق ترشيح أحد من خارج الحزب وتطالب المعارضة بضمانات اخرى تتيح الحق للجميع في الترشيح كأن يحصل المرشح على 50 الف توقيع موثق من المواطنين المقيدين في جداول الناخبين.