بات بإمكان جراحي الجلدية والتجميل إجراء عمليات ترميم الشعر لعلاج مشكلة تساقط الشعر التي تؤرق الكثيرين، وإعادة المظهر الطبيعي لخطوط الشعر، وقد شهد العقد الماضي تطورات مهمة في طرق علاج تساقط الشعر لجعل هذه العملية أسهل وأكثر أماناً للمرضى ولإعطاء نتائج فعَّالة. وتعد طريقة زراعة بصيلات الدقيقة جداً من الوسائل التي جعلت بالإمكان الحصول على نتيجة تعطي منظراً للرأس طبيعياً للغاية، لكن ذلك يتطلب الخضوع لعدة عمليات قد تصل من ثلاثة إلى خمس عمليات. الخبر الذي يطمئن الذين يعانون من الصلع أن هذه العمليات أصبحت متاحة وتعد الطريقة الأفضل التي تضمن بقاء الشعر فوق فروة الرأس مدى الحياة، حيث تستخدم فيها تقنيات شديدة الدقة والتطور. عن هذه التقنية يحدثنا الدكتور محمد صالح قاري استشاري أمراض وجراحة الجلد * متى يكون تساقط الشعر لدى الرجال مشكلة؟ - إن تساقط 100 شعرة في اليوم عند الرجال يكون أمراً طبيعياً ويجب أن لا يبعث ذلك على القلق، أما في حالة حدوث التساقط بدرجة أكبر فإن هذا يلزم مراجعة الطبيب المختص للتحري عن الأسباب ووضع العلاج المناسب. وتؤدي هرمونات الذكورة دوراً في تساقط الشعر، وتبدأ علامات الصلع عادة مع نهاية العشرينات وبداية الثلاثينيات من العمر، حيث تبلغ هرمونات الذكورة قمة تركيزها. ويظهر الصلع على شكل مراحل تدريجية، ويتم تصنيف مراحل الصلع عند الرجل إلى 7 مراحل يبدأ التساقط فيها تدريجياً ابتداءً من الجبهة، منتشراً إلى قمة الرأس فتقل كثافة الشعر وتقل سماكته. * وماذا عن تساقط شعر المرأة؟ - لا شك أن الشعر أحد المكونات الرئيسية لجمال المرأة خاصة، وبالتالي فإن تعرضه لأي إشكال قد يؤثِّر على حياة المرأة وشخصيتها، وهناك نسبة لا يستهان بها من النساء تشتكي من تساقط الشعر، وتسعى في سبيل ذلك وراء العلاج بكافة صوره. ويتم تصنيف مراحل تساقط الشعر عند المرأة إلى 3 مراحل: 1- مرحلة ابتدائية. 2- مرحلة متوسطة. 3- مرحلة متقدِّمة. * لكن هل هناك أسباب لتساقط الشعر؟ - هذه الأسباب كثيرة إلا أن أبرزها العوامل الوراثية التي تعد أهم أسباب تساقط الشعر وظهور الصلع، ويتوارث الصلع عن طريق جينات متنحية أي أنه قد لا يظهر مباشرة في الأب أو الأم إلا أنه قد يكون موجوداً في أحد الأقارب وإن بعدوا كما أنه قد يختفي لأجيال ومن ثم يعاود الظهور مرة أخرى. ويظهر الشعر خفيفاً جداً خاصة في مقدمة الرأس ووسطه كما قد يبدأ في مرحلة مبكرة من العمر إلا أنه نادراً جداً أن يسبب الصلع الكامل، وبالإضافة إلى العامل الوراثي، فهناك هرمون الذكورة الاندروجين الذي يسبب زيادة تساقط الشعر نتيجة التأثير المباشر على إضعاف بصيلات شعر الرأس، يوجد هرمون الأندروجين بشكل عادي عند كل من الرجل والمرأة ويتم إنتاجه في خصيتي الرجل وفي مبيض الأنثى وبعض الغدد الأخرى كالغدة الكظرية. ويبدو أن انخفاض نسبة الايستروجين عند النساء وهو الهرمون المضاد للاندروجين يسبب تساقط الشعر عند النساء، لذا فقد ينصح في بعض الحالات باستخدام الايستروجين للنساء وذلك تحت إشراف طبي. * ما أفضل طريقة لزراعة بصيلات الشعر؟ - تعتبر طريقة زراعة البصيلات الدقيقة جداً من الوسائل التي جعلت بالإمكان الحصول على نتيجة تعطي منظراً للرأس طبيعياً للغاية، وإن كان ذلك يتطلب الخضوع لعدة عمليات (قد تصل من ثلاث إلى خمس عمليات)، هذه العمليات أصبحت متاحة وتعد الطريقة الأفضل، وهي تضمن بقاء الشعر فوق فروة الرأس مدى الحياة، حيث تستخدم في هذه العمليات تقنيات شديدة الدقة والتطور. ويفضَّل إجراء عملية زراعة الشعر قبل انتشار الصلع تماماً بفروة الرأس، حتى يتمكّن الجراح من استخدام الشعر المتوفر لتغطية المنطقة المزروعة، ولكن لا يستحب البدء بإجراء زراعة الشعر بالنسبة للأشخاص صغار السن، حيث يفضل هنا تجريب العلاج الطبي مثل دواء (فيناستيرايد) أو (مينوكسيديل) لأولئك الذين يعانون من فقدان الشعر بدرجة تتراوح بين بسيطة إلى متوسطة وذلك للمساعدة على الحفاظ على ما تبقى من شعر في أعلى الرأس. * ومن هم الأشخاص المؤهلين لإجراء زراعة الشعر؟ - المرشحون المثاليون هم الأشخاص الأصحاء، والذين عندهم كثافة في الشعر في جانبي وخلف الرأس، حيث يتم اخذ الأنسجة منها، كما أن الأشخاص الذين لديهم صلع واضح وشعر خفيف، أو من لديهم مناطق معينة لا يوجد بها شعر من أثر الجروح أو الحروق هم أيضاً مرشحون مثاليون لهذا العلاج، وقد لا تصلح هذه الطريقة لعلاج من عندهم كمية صغيرة متبقية من الشعر. * نود أن نتعرَّف على المراحل الأساسية التي تستغرقها هذه العملية؟ - تجرى العملية تحت التخدير الموضعي بحيث لا يحس المريض بأي ألم وفي نفس الوقت يكون واعياً بما يجري حوله. - يتم تحديد المنطقة التي يؤخذ منها الشعر خلف الرأس والتي عادة ما تكون بعرض 1سم وطول 15سم. - تستأصل شريحة من مؤخرة جلد فروة الرأس. - تقطع الشريحة إلى قطع صغيرة ومن ثم إلى بصيلات شعر عديدة. - تقفل فروة الرأس باستخدام خيوط أو دبابيس جراحية تلتئم بسرعة ومن ثم تختفي بعد عدة أشهر. - تعمل عدة ثقوب صغيرة جداً باستخدام إبرة رفيعة في المنطقة التي يحددها الجراح لزراعة الشعر بمقدمة الرأس وأعلاه. - تزرع بصيلات الشعر في المناطق المحددة بطريقة متفرِّقة بحيث تعطي منظراً طبيعياً عند نموها، كما تسمح الفراغات التي بين بصيلات الشعر بوصول الدم إليها لترويتها. - تستغرق العملية عدة ساعات بناءً على عدد بصيلات الشعر المطلوبة. - يخرج المريض إلى البيت في نفس اليوم. - يتساقط الشعر المزروع خلال 3 - 4 أسابيع لكن يبدأ دورة نمو جديدة ليظهر بعد 12 - 16 أسبوعاً من عملية زراعة الشعر. - في الجلسات المكثفة يتم عمل الفتحات بالإبرة بشكل متقارب جداً، ثم يتم زراعة أعداد كبيرة من البصيلات المتقاربة مع بعض والتي بعد نموها تؤدي إلى منظر طبيعي من جلسة واحدة. - للحصول على نتيجة ممتازة يتطلب إجراء عدة جلسات وذلك لملأ الفراغات التي بين بصيلات الشعر وعادة ما تأخذ 2 - 5 جلسات. - لا تقتصر عمليات الزراعة على فروة الرأس فقط، فبالإمكان إجراء عمليات الزراعة بالشفة العليا (الشنب) أو بالوجه (اللحية) أو بالأهداب أو الحواجب. * إلى أي مدى تختلف نتيجة العملية من مريض إلى آخر؟ - تختلف نتائج عملية زراعة الشعر حسب عدة عوامل منها مرحلة الصلع أو شدة تساقط الشعر وكمية الشعر المزروع، تعطي العملية نتيجة جيدة كلما كانت درجة الصلع شديدة، حيث يتم فيها استكمال عناصر الوجه التكوينية وذلك بتجديد الخط العلوي للوجه مما يساعد بالتالي على إعطاء الشخص منظراً جمالياً أفضل ويساعد على إظهار الشخص بعمره الحقيقي بدلاً من المظهر المتقدم في العمر بوجود الصلع، بالمقارنة مع الطرق الأخرى فإن زراعة بصيلات الشعر تعطي منظراً طبيعياً للغاية وذلك لمراعاتها التركيب الطبيعي للشعر والتدرج في الكثافة اعتباراً من الجبهة وحتى قمة الرأس، بهذا أصبح من الصعب على الإنسان العادي معرفة ما إذا كان الشخص الذي أمامه قد أجرى عملية زراعة الشعر أم لا. أضف إلى ذلك أن بصيلات الشعر المزروعة تعامل معاملة عادية وطبيعية جداً، حيث يمكن قصها وحلاقتها فتعود لتنمو من جديد كما يمكن صباغتها أو تمشيطها بالطريقة المناسبة للشخص، كما أنها لا تتأثر بممارسة الرياضة أو السباحة لكونها طبيعية في جميع خصائصها. * هل هناك مضاعفات معينة للعملية؟ - يصاحب كل عملية جراحية احتمال ظهور المضاعفات إلا أن هذا الاحتمال يعد نادراً في عمليات زراعة الشعر وعادة ما تكون خفيفة ومؤقتة وليست ذات أهمية ولا تؤثر على حياة أو صحة الشخص، من هذه النتائج السلبية ما يلي: صداع مؤقت، تنميل مع شد مؤقت في فروة الرأس، نمو بطيء، تكيس وحكة مؤقتة حول بصيلات الشعر وندبة حساسة أو التهاب بالجرح مع ذلك وفي حالة ظهور أي من هذه المضاعفات فإن هناك علاجاً يساعد على زوالها. هذا وقد يعاني قلة من الناس من تورم بسيط في الجبهة وحول العينين يزول خلال عدة أيام تلقائياً. * وكيف يمكن العناية بالشعر بعد الزراعة ؟ - يمكنني إجمال هذه الوسائل في التالي: الشامبو: خلال الأسابيع الأولى ينصح باستخدام شامبو الأطفال الذي يمكن أن ينظّف الشعر من دون أن يزيل الطبقة الحامية للشعر أو من دون أن يتسبب بأضرار في بصيلات الشعر بعد ذلك يمكن للشخص من العودة إلى استخدام الشامبو المعتاد والذي يجب استخدامه بطريقة دورية بهدف إزالة الزيوت من الشعر وفروة الرأس، وتنظيف الشعر من الملوثات البيئية. وتقليص عدد الجراثيم العالقة بالشعر أو فروة الرأس. - بلسم الشعر (مكيفات الشعر Conditioner) للتحكم في طريقة تصفيف الشعر بعد ما لا يقل عن أشهر من الزراعة وهناك أنواع عدة منها: - سريعة المفعول وتستعمل مع الشامبو أو بعده مباشرة وتساعد على تسريح الشعر بعد غسله مباشرة. - مكيفات عميقة وتوضع على الشعر لمدة 30 دقيقة ثم تغسل وعادة تحتوي على بروتينات تمتصها الشعرة وبالتالي تساعد على إصلاح التقصفات وتلف الشعرة الناتج عن استخدام مجففات الشعر أو كثرة صباغته. يفضل استخدام هذه الأنواع لعدة أشهر بعد ظهور الشعر المزروع. - مكيفات الشعر الطويلة المفعول وهي التي تستخدم بعد تجفيف الشعر وعادة ما تحتوي على مادة الجليسرين التي تساعد على تصفيف الشعر وتعطيه لمعة وبريقاً، كما تساعد على تمويه المناطق الخفيفة. تصفيف الشعر وتدليك فروة الرأس بصورة دورية يعد أفضل طريقة لتدليك البصيلات وتحفيز فروة الرأس ويجب مراعاة التمشيط باستخدام فرشاة أو باستخدام مشط بأسنان متباعدة، ومن الأفضل تصفيف الشعر إلى الخلف أو إلى الجانبين وذلك لتمويه منطقة الشعر الضعيفة أو القليلة الكثافة. حمامات زيوت الشعر شهرياً تساعد في التحكم بالشعر وتعطي لمعاناً وبريقاً طبيعياً للشعر المزروع بعد العملية. * نود في النهاية أن نتعرَّف على الطرق الأخرى - غير الزراعة - المتاحة حالياً أو مستقبلاً؟ - حتى الوقت الحاضر لم يظهر علاج للصلع أفضل من الحل الطبيعي وهو زراعة الشعر الطبيعي إلا أن هناك الكثير من الأفكار والمحاولات التي قد تعطي نتائج في المستقبل منها: - استنساخ الشعر: الذي قد يحل مشكلة محدودية توفر الشعر إلا أن هذه الطريقة لا تزال في المرحلة المبكرة جداً، حيث ما زالت قيد البحث والاختبارات ولم تصل إلى مرحلة التطبيق خارج المختبرات العلمية، يتم الاستنساخ عن طريق الهندسة الوراثية وذلك بأخذ خلية ووضعها في محلول غذائي يساعد على تكاثرها لتصبح مئات الخلايا إلا أن ذلك قد يؤدي إلى احتمال استمرار تكاثر الخلايا لتصبح خلايا سرطانية، لذا فإن استخدامها لم يصبح واقعياً حتى الآن. - علاج الجينات: على الرغم من أن الأبحاث أثبتت أن الصلع حالة وراثية إلا أن علاج الجين المسبب للصلع غير معروف بعد ولم يتوصل أحد إلى العلاج المناسب لذلك. - استخدام الليزر والتقنيات الجراحية الحديثة: على الرغم من نجاح الليزر في بعض العمليات الجراحية إلا أن استخدامه في زراعة الشعر لم يعط نتائج مرضية لذا توقف جراحو زراعة الشعر عن استخدامه، إلا أن المحاولات ما زالت قائمة وقد تتم من جهاز جديد يساعد في تقطيع البصيلات وزراعتها بطريقة دقيقة. الشعر الصناعي: حتى الآن ما زال غير شائع نظراً لما تسببه زراعة المادة الصناعية من تهيج في فروة الرأس وتليّف في الجلد مما يستدعي الاستمرار في استخدام الأدوية ومشتقات الكورتيزون لفترة طويلة وما يسببه ذلك من أضرار عامة بالجسم هذا وما زالت الشركات التجارية تسعى لاكتشاف مادة يتقبلها الجسم بكل سهولة. د. محمد صالح قاري استشاري أمراض وجراحة الجلد مستشفى الملك فيصل التخصصي بجدة ومستشفى جامعة الملك عبد العزيز بجدة