يستقبل المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها إطلالة العام الجديد من القرن الهجري الخامس عشر وكلنا أمل مشرق وتفاؤل كبير ببزوغ شمس هذا العام، آملين أن يحقق الله فيه الأمنيات للمسلمين جميعاً حكومات وشعوباً ويتحقق الصفاء والوئام والسلام والاخوة والتعاون وان يتحول السلاح الموجه إلى صدور المسلمين إلى صدور الأعداء المعتدين والمغتصبين لثالث الحرمين الشريفين وأولى القبلتين.. وأن يتحول العرب من ميدان الخصومة إلى ميدان التعاون والوفاق ومحاربة الأعداء الحقيقيين وأن يعيدوا سالف أمجادهم ويشيدوا حضارتهم ويرتفعوا إلى الذرا الرفيعة والقمم الشامخة على أساس من الإسلام ومثله النبيلة وقيمه الخالدة، فالقوة الحقيقية تكمن في المحافظة على ذلك والانطلاق من خلال تلك الأهداف.. نحو آفاق الغد مستفيدين من كل معطيات العلم ووسائله ومنجزاته.. وما أعظم ما تحمله الهجرة النبوية من تاريخ عظيم وعبرة وذكرى، فلكم أصلح النفوس وفتح القلوب وحفلت الهجرة بالذكريات المجيدة والأعمال الخالدة ذات الأبعاد والمدلولات.. وما زالت تعبق في النفوس تلك الذكرى ذات الامتداد التاريخي الطويل. حقاً إن هذه المناسبة العظيمة من أقوى الدواعي لنا إلى استذكار دروسها وعظمتها فكم من أمم وشعوب رحبت بالدعوة الإسلامية ودخلت في نطاقها فاتسعت رقعة الدعوة إلى مدى بعيد في كل مكان فلنستلهم أحداث الهجرة السنوية ونأخذ منها العبر في حياتنا لأن الهجرة حولت يثرب الجاهلية إلى مدينة منورة تحكم بتعاليم الإسلام بعدما أقام الرسول الكيان الإسلامي. إن علينا أن نستفيد من خبرات الماضي وتجارب الحاضر، وعلى تلك الأسس القويمة من مثل وقيم وأخلاق يقوم كل جهد وعمل في مجال التربية والإصلاح والتوجيه والبناء والتطور. والعمل أي عمل لا يمكن أن يثمر بدون دوافع الإيمان والإخلاص والتضحية والإيثار. وكم في السيرة النبوية من دروس وعظات تحتاج منا إلى التأمل والعمق فهي مصدر إشعاع فكري وعملي وتربوي يجدر بنا أن نحسن عرضها لأبناء الجيل الإسلامي الحاضر ويكون اهتمامنا بذلك شديداً لتأكيد أصالة الإسلام وقوته في مختلف مجالات الحياة والعلم، وخلاصة القول فان ذكريات الهجرة ما زالت تملأ القلوب على الرغم من مرور أربعة عشر قرناً وتتوهج بها النفوس المؤمنة وتستبشر بها لأنها تعطي معاني جديدة تثري الحياة وترسي قيم الخير والعدل والسلام ومواجهة التطرف والغلو وتعزيز الولاء الوطني ونحن نعيش بداية العام الهجري الجديد نتمنى أن يجعله الله عاماً حافلاً بالخير والأمن والسلام وأن نعيشه بكل جد وإخلاص وعزيمة ومثابرة في كافة مجالات حياتنا العلمية والعملية وأن تحقق خطط التنمية التي تعيشها بلادنا اليوم وتتحقق الإنجازات في مختلف المجالات - بإذن الله - وأن نحدد أسلوب ومنهاج عملنا وصياغة رؤية متكاملة للمستقبل تتناسب مع جسامة التحديات.. ونسأل الله أن يقي بلادنا الشرور والآفات ويحفظها من كل سوء ومكروه وكل عام والجميع بخير وصحة وأمن وازدهار الله المستعان.