للمرة الأولى منذ أكثر من 18 شهرا يهبط سعر الدولار الأمريكي في مصر إلى أقل من 6 جنيهات ، حيث سجل في تعاملات شركات الصرافة 5.99 جنيهات للشراء و6.05 جنيهات للبيع ، بينما سجل في بعض البنوك أسعارا متباينة تراوحت بين 5.98 جنيهات و6.02 جنيهات ، وذلك بعد أن كان سعره في يناير من العام الماضي قد تجاوز حاجز السبعة جنيهات. وتتوقع الأوساط الاقتصادية في مصر استمرار انخفاض سعر الدولار خلال الفترة القادمة ، حتى يصل إلى ما بين 5.80 و5.90 جنيهات ، مشيرة إلى أن الدولار سيعود إلى سعره الحقيقي ، الذي قدره الخبراء بمبلغ 585 قرشا وأن سوق الصرف الأجنبي ستعود إلى الانضباط ، بعد حالة الارتباك التي تعاني منها حاليا بسبب الانخفاض المستمر لسعر الدولار وتكالب حائزي الدولار على بيعه ،خوفا من استمرار هبوط سعره . (الجزيرة) استطلعت آراء نخبة من خبراء الاقتصاد والصرافة حول مستقبل انخفاض سعر الدولار في مصر وأسبابه وتأثير ذلك على الاقتصاد المصري. استمرار الانخفاض يقول علي الحريري سكرتير عام شعبة الصرافة في الاتحاد العام للغرف التجارية : إن تطبيق نظام الإنتربنك الدولاري على جميع البنوك خلال الأيام الماضية ساهم في إظهار كل المعروض من الدولار على شاشة واحدة متاحة للجميع ، فظهر أن العرض اكثر من الطلب وبالتالي بدأت الأسعار الحقيقية للدولار تظهر ، وتوقع علي الحريري استمرار انخفاض سعر الدولار خلال الفترة القادمة حتى يصل إلى 590 قرشا للدولار ، مؤكدا ارتباط الانخفاض بعدد من الأسباب إلى جانب تطبيق نظام الإنتربنك ، وأهمها زيادة معدلات التصدير وعائدات السياحة والإجراءات التي بدأت الحكومة اتخاذها خلال الشهور الماضية فيما يتعلق بالتخفيضات الجمركية ، وإقرار قوانين المنافسة ومنع الاحتكار والاتجاه إلى السوق الاقتصادي للتعامل باليورو مقابل الدولار ، والعجز الكبير في ميزان المدفوعات الأمريكي. وأشار الحريري إلى أن شركات الصرافة قامت بشراء كميات كبيرة من النقد الأجنبي خلال الأيام القليلة الماضية ، حتى ان بعضها استنفد السيولة المتوافرة من الجنية المصري ، ولم تجد سيولة لشراء المعروض من الدولار حتى تم بيع ما تم شراؤه للبنوك ، وهو ما أدى إلى ارتفاع قيمة الجنية المصري أمام الدولار الذي توافر في البنوك ، نتيجة اتجاه عدد كبير من العملاء لبيع ما في حوزتهم من الدولار ، خوفا من استمرار الانخفاض فضلا عن مصادر أخرى لتوافر الدولار سواء عن طريق عوائد السياحة أو التصدير ، وهو ما زاد من قدرة البنوك وشركات الصرافة على التلبية الفورية لطلبات المستوردين والعملاء من العملات الأجنبية والدولار. العملات الأخرى وحول تأثير انخفاض سعر الدولار على العملات الأجنبية الأخرى في سوق الصرف المصري يقول الدكتور محمد يوسف مدير مركز البحوث والدراسات التجارية : إن أسعار العملات الأجنبية في مصر مازالت مرتبطة بشكل كبير بالدولار ، لأن معظم الاحتياجات الموجودة لدينا والعملة المتداولة لتغطية الاحتياجات الخاصة بالعملات التجارية الخارجية ما زالت هي الدولار الأمريكي إلى حد كبير ، فالدولار يمكن أن يعتبر العملة الأجنبية الرسمية بشكل غير رسمي بالنسبة للتعاملات الخارجية ، وأن أي تأثيرات خارجية ليست لها علاقة باقتصادنا الداخلي على الدولار ، يمكن أن تؤثر سلبا أو إيجابا على سعر الجنيه أمام العملات الأخرى. وأضاف أنه في ظل سياسة تحرير سعر الصرف التي انتهجها البنك المركزي المصري منذ يناير 2003م ، فإنه لابد ألا تشغلنا كثيرا العلاقة الخارجية للدولار مقابل العملات الأخرى ، نظرا لتحرير سعر صرف الدولار مقابل الجنيه وعدم وجود ثبات لسعر الجنيه أمام الدولار ، وبالتالي يتعرض للانخفاض والارتفاع تباعا. أما بالنسبة لعلاقة الدولار باليورو فهو موضوع خارجي ليس له علاقة بالاقتصاد المصري ، ولا يمكن اتخاذ أي إجراءات اقتصادية لمواجهته لأنه لا يعنينا بشكل مباشر ، لأنه يرتبط بسياسة الولاياتالمتحدةالأمريكية وأولوياتها الاقتصادية وتعاملاتها التجارية مع شركائها الخارجيين. القضاء على الدولرة وحول الاحتياطي المصري من النقد الأجنبي وتأثيره على سوق الصرف يقول الدكتور حسين عمران رئيس قطاع البحوث بوزارة التجارة الخارجية : إن دور وزارة التجارة الخارجية يتحدد في إعداد الموازنة السنوية للنقد الأجنبي ، التي تتم في ضوء الاستخدامات المطلوبة والموارد المتاحة ، حيث يتم تحديد الموارد من قطاعات الدولة المختلفة ، ومنها وزارات وهيئات اقتصادية وخدمية التي تتبع المعايير الفنية التي يحددها القانون المختص بالموازنة العامة للدولة ، ليتم عرضه ومراجعته من وزير التجارة الخارجية ، حتى يتسني رفعه إلى رئيس الوزراء ليكون ضمن الموازنة العامة للدولة ، ثم تعرضه الحكومة على مجلس الشعب لمناقشته وإقراره ، ثم يأتي دور المتابعة بمعدل ربع سنوي من وزارة التجارة الخارجية ، بالتنسيق مع البنك المركزي لمقارنة الموازنة التقديرية بالأرقام الفعلية في بيان ما تنتهي إليه المتغيرات وتأثير الأحداث العالمية الجارية وأسباب الاختلاف . ويضيف أن السياسة الرشيدة للبنك المركزي وتدفق النقد الأجنبي ، وارتفاع حصيلة النقد الأجنبي من تحويلات العاملين بالخارج وقناة السويس والسياحة وارتفاع أرقام الصادرات ، مع تراجع الواردات أدى إلى انخفاض الدولار إلى أقل من 6 جنيهات في السوق المصري ، ويتوقع تراجعه خلال الفترة القادمة نتيجة لتراجع الواردات من الدول الآسيوية ، بعد الكارثة الطبيعية التي لحقت بهم ، وهو ما يدفع إلى مزيد من التراجع قد يدفع إلى أن يصبح قيمة الدولار خمسة جنيهات في ظل تخلص السوق المصري من ظاهرة الاكتناز للدولار ، التي كانت تشكل عامل ضغط على العملة ، حيث كان يتم الاحتفاظ بالدولار لحين ارتفاع سعره ثم بيعة لجني الأرباح ، بالإضافة إلى تطبيق الإنتربنك الذي يعطي سيولة أكثر في التعامل على الدولار بين البنوك. اختفاء السوق السوداء وعلى الجانب الآخر أكد محمد الأبيض رئيس شعبة الصرافة أن سوق الصرف المصرية شهدت مع التراجع المستمر في سعر الدولار ، قيام العديد من أصحاب الودائع الدولارية بسحب ودائعهم وتحويلها إلى الجنيه المصري ، كما شهدت شركات الصرافة هجوماً من المواطنين المصريين على بيع ما بحوزتهم من النقد الأجنبي وبالأخص الدولار الأمريكي ، ولم تستطع الشركات مواجهة وتلبية احتياجات المواطنين بشراء النقد الأجنبي منهم ، وتوقفت في فترات من اليوم خلال الأسبوع الماضي عن شراء الدولار ، بحجة عدم توافر السيولة من الجنيه المصري. وأكد الأبيض أن الشركات تدفع أجورا للعاملين ومصاريف أخرى عديدة ، لذلك يجب أن تراعي البنوك هذه النقطة ، موضحاً أنه لهذا السبب قامت شركات عديدة برفض شراء الدولار معظم الأوقات وفضلت الشراء في الأوقات بعد انتهاء العمل اليومي الرسمي بالبنوك ، التي يستقر فيها الدولار حتى اليوم التالي .. وبعيداً عن هموم أصحاب شركات الصرافة الذين غالبا ما يشتكون منها سواء ارتفع الدولار أو انخفاض ، كانت تعاملات السوق المصرية مستقرة للغاية ، وتم تماماً القضاء على السوق السوداء حيث إن المضاربين تلقوا خسائر كبيرة في الأيام الأخيرة ، لأنهم كانوا يراهنون على ارتفاع الدولار مع العام الجديد ، ولكن لم يحدث ذلك وكان التراجع المتوالي للدولار درسا قاسيا لهم هذه المرة ، ومن المؤكد أنهم سيبتعدون تماماً عن السوق التي بدأت تشهد الاستقرار في ظل استقرار السياسة النقدية.