بدأت الأحزاب والهيئات السياسية وجمعيات المجتمع المدني بتقديم القوائم الانتخابية لخوض الانتخابات المقرر إجراؤها في الثلاثين من شهر كانون الثاني (يناير) الشهر الأول من عام 2005م. والانتخابات التي لا يزال موعد عقدها بين أخذ ورد رغم إصرار الدولة المحتلة (الولاياتالمتحدةالأمريكية)، ووجود نص في قانون الدولة العراقية المؤقت بوجوب إجراء الانتخابات وعدم تأخيرها إلى ما بعد كانون الثاني (يناير) ومطالبة الأحزاب والمرجعيات الشيعية بالموعد المحدد.. إلا أن هناك شكوكاً في أن تحقق هذه الانتخابات الأهداف المرجوة من عقدها في ظل عزوف جهات عراقية عديدة من أهمها الأحزاب والجماعات السنية، بل وحتى تخوّف (حزب الحكومة) - الوفاق - الذي يرأسه السيد إياد علاوي وتيار مقتدى الصدر والتركمان السنة والأكراد غير المنضمين للحزبين الرئيسين حزب البرزاني وحزب الطالباني. هذه الجماعات والأحزاب كل له مبرراته وأسبابه.. فالجماعات السنية ينطلق تخوّفها من سببين رئيسين.. أولهما أن الأوضاع الأمنية لا تسمح بإجراء انتخابات نزيهة وحقيقية خصوصاً الأحزاب التي لا تؤيد وجود قوات الاحتلال والتي ترى أن وجود هذه القوات التي تتهم بعض هذه الجماعات إن لم يكن جميعها بأنها جماعات إما إرهابية أو مؤيدة للإرهاب، ولذلك فهناك تخوّف من أن تؤثر على حظوظ مرشحيها في الانتخابات. ثانيهما: تتخوف الجماعات والأحزاب السنية والتركمانية السنية، وأنصار الإسلام الأكراد والأحزاب الكردية غير الحزبين الرئيسين من أن تؤدي مقاطعة الانتخابات من قبل أنصارهم وتعرُّض من يتوجه إلى الانتخابات إلى ترهيب وتخويف مما يضعف فرصهم في التنافس مع القوائم الأخرى التي تحظى بدعم الحكومة وقوات الاحتلال وقوات الأمر الواقع كميليشيات الثورة الإسلامية (فيلق بدر) والبيشمركة الكردية. أمام هذا العزوف السني التركماني ونفر من الأكراد وتيار الصدر الشيعي فإن القوى المسيطرة الآن على الساحة العراقية باستثناء حزب الوفاق الذي يرأسه إياد علاوي تحاول أن تقتسم مقاعد البرلمان العراقي القادم، فبعد أن قدَّم حزبا البرزاني وجلال الطالباني قائمتيهما اللتين تقاسما فيهما المقاعد مع ترك 35 مقعداً للتركمان والآشوريين في شمال العراق. أما الأحزاب الشيعية فقدَّمت هي الأخرى قائمتها التي حاولت أن تشرك فيها عناصر غير شيعية، وقد كشف عن القائمة الشيعية التي وضعت بموافقة وإشراف ممثلي المرجع الشيعي علي السيستاني عن سيطرة الأحزاب الشيعية الثلاثة.. حزب المجلس الأعلى للثورة الإسلامية برئاسة عبد العزيز الحكيم، وحزب الدعوة برئاسة إبراهيم الجعفري، وحزب الله العراقي، بالإضافة إلى حزب المؤتمر العراقي برئاسة أحمد الجلبي.. وإلى جانب هذه الأحزاب الأربعة أعطت القائمة مقاعد للأكراد الفيليين وهم أقلية كردية شيعية والتركمان الشيعة واليزيديين. ظهور هاتين القائمتين الكردية والشيعية وغياب أي قائمة سنية يهدد بانقسام كبير خصوصاً لشخصيات سنية مثل الدكتور عدنان الباجة جي وغازي الياور وأعضاء الحزب الإسلامي وأعضاء هيئة علماء المسلمين.. إضافة إلى خلو القائمة الشيعية من شخصيات شيعية مهمة كإياد علاوي رئيس حزب الوفاق أقوى الأحزاب العلمانية وحميد مجيد رئيس الحزب الشيوعي. استبعاد الزعماء السياسيين (العلمانيين) عن القائمة الشيعية وأحزابهم رغم قوتها على الساحة العراقية لا بد وأن يدفع هذه الأحزاب وخصوصاً حزب الوفاق إلى تشكيل قائمتها الانتخابية والتي ستكرس على ابتعاد علاوي وحزبه الذي يتهم بأنه يضم قدامى البعثيين خصوصاً المعارضين لصدام حسين.. وحزب علاوي إضافة إلى قوته وتواجده في الجنوب والوسط العراقي ودعم قوات الاحتلال له سيكون منافساً قوياً للقائمة الشيعية، وحتماً ستنتزع قائمته مقاعد مهمة من القائمة الشيعية التي أراد السيستاني لها أن تكون موحدة وخالية من العناصر القومية واليسارية والعلمانية.. وهذا ما سيقطع (شعرة معاوية) ما بين علاوي وممثلي الأحزاب الشيعية.