اوصى إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ صالح بن محمد آل طالب المسلمين بتقوى الله عز وجل ومراقبته وإطاعة امره سراً وجهراً . وقال في خطبة الجمعة التي القاها أمس في المسجد الحرام: أيها المسلمون والمسلمات الحياة الهانئة ضرورة من ضرورات الحياة ليستقر المجتمع ويحصل النماء والبناء ويتفرغ الخلق للعبادة والعمارة. والنفس البشرية قد جبلت على ان تسكن وتطمئن الى نفس اخرى لذا قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}.. نعم ازواجا لتسكنوا اليها ولم يقل لتسكنوا معها فهو دليل على ان الزواج سكن واستقرار وهدأة وراحة بال ومن هنا جاءت أهمية الزواج في الاسلام والعناية بالأسرة فرغب الشرع في الزواج وحث على تيسيره وتسهيل طريقه ونهى عن كل ما يقف في سبيله أو يعوق تمامه أو يعكر صفوه فالزواج من سنن المرسلين وهدى الصالحين. واضاف يقول: لقد عني الاسلام بتكوين الأسرة المسلمة واستصلاحها لأن الأسر أساس المجتمع الذي يقوى ويشتد بقدر تماسك وترابط أسره ولذا شبه النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين بالبنيان المرصوص الذي يشد بعضه بعضا فأمر بتزويج الاكفاء ونهى عن عضل النساء وبين في الكتاب والسنة الحقوق والواجبات بين الزوجين ذلك أن استقرار البيوت وصلاح الأسر لايكون الا باستقرار الزوجين ونجاحهما في حياتهما الزوجية والأب والأم التعيسين في حياتهما الزوجية لن يقدما لمجتمعهما شيئا فضلا أن ينشئا اجيالا صالحين قادرين على البناء والقيادة. واكد إمام وخطيب المسجد الحرام أن الزواج الناجح نجاح للمجتمع اما خراب البيوت فهو خراب الديار لذا قال النبي صلى الله عليه وسلم ان ابليس يضع عرشه على الماء فيبعث سراياه فادناه منه منزلة اعظمهم فتنة يجئ احدهم فيقول فعلت كذا وكذا فيقول ما صنعت شيئا ثم يجئ احدهم فيقول ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته قال فيدنيه منه ويقول نعم انت.. واذا كان هذا شأن ابليس الرجيم فان اتباعه من المفسدين قد حرصوا على هدم هذا الكيان وتفكيك اواصر المجتمع وروابطه عن طريق تفكيك الاسر حتى انتشرت معدلات الطلاق بشكل مخيف وارتفعت نسبة العنوسة بشكل اسوء. وشدد على أن هذا خطر كبير ففيه تفرق المجتمع وضياع الأولاد وعنوسة النساء وانتشار الفساد ونبات الضغينة بين الأسر. وقال إمام وخطيب المسجد الحرام أن الواجب على المربين والمصلحين والاعلاميين العناية بهذا الجانب فانتشار المشكلات الزوجية وتشعبها وتنوعها مؤذن بالخطر فما بين زعزعة البيوت وهدمها تدور المعضلات. اننا نعلم جميعا ان الكمال عزيز وان الاختلاف من طبيعة البشر وان الزوجين لا يمكن ان يكونا نسخة لبعضهما في الطبائع والاخلاق والرغبات والتفكير فيكفي من المفارقات انهما ذكر وانثى كما انهما لا يعيشان منعزلين بل في داخل مجتمع له متطلباته وتأثيراته، لذا فقد تهب عواصف الخلاف على بعض الاسر وقد يختلف الزوجان ولم يسلم بيت حتى بيت النبوة على صاحبها أفضل الصلاة والسلام، فهذه سنة الحياة، الا ان البيت الصالح المؤسس على التقوى والذي عرف فيه كلا الزوجين ما لهما وما عليهما فانه لا يتأثر بأي خلاف بل يزيده تماسكا وثباتا ويكسبه وعيا وادراكا فيصلح الخطأ وتسد ابواب الشر للمستقبل. واضاف الشيخ صالح آل طالب قائلا: وفي نظرة سريعة مشفقة الى أسباب المشكلات الزوجية نجدها نابعة من معصية الله سبحانه وتعالى ومخالفة أمره في كثير من شئون النكاح حتى اصبحت بعض الزيجات نكدا ونقمة بدلاً من ان تكون سكنا ورحمة والله تعالى يقول {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ}. واكد ان من اعظم المصائب خراب البيوت فمن بارز الله بالمعاصي فهل ينتظر توفيقا منه ومن عصى الله ولم يطعه فكيف يطالب زوجته بان تطيعه وكذا بالنسبة للزوجة فمن قصرت في جنب الله فلا تنتظر من زوجها تماما الا ان المعصية من احد الزوجين ليست مببررا للآخر ان يقصر في حق شريكه أو يقابله بالاساءة والعقوق. وبين فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام ان من المعاصي ما هو عام كتضييع الصلوات واقتراف المحرمات ومنها ما هو خاص بالنكاح وهو التعدي أو التقصير في الحقوق والواجبات الزوجية، فبقدر ما يكون التفريط في هذه الحقوق تقع الخلافات.وقال إن المعصية الخاصة وهي تضييع الحقوق لمن اشهر المعاصي التي تهاون فيها الناس وتساهلوا مع عظيم اثرها وليعلم من قصر في حق زوجته أو قصرت في حق زوجها انه عصى الله قبل كل شيء وينبغي للزوجين ان يستحضرا حال الوفاء بالحقوق انهما يقدمان طاعة لله بامتثال امره بل بالاحتساب يكون ذلك عبادة وقد اخبر النبي صلى الله عليه وسلم ان المسلم يؤجر حتى في اللقمة يضعها في فيه امرأته مع ان النفقة واجبة عليه اصلا. وفي الصحيح ايضا اخبر النبي صلى الله عليه وسلم ان في جماع الرجل زوجته اجر مع ان هذا تدعو اليه الطبيعة. اذاً اهم الحلول واولها لمن اراد السعادة الزوجية القيام بحق الله تعالى وطاعته وامتثال امره والقيام بما اوجب من حقوق. فمن اراد الحياة الهنية فليقرأ قول الحق سبحانه وتعالى {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً}.