سنّة حميدة استنّتها الدولة - رعاها الله - وهي تكريم المتقاعدين من ابنائها. وفي وزارة التربية والتعليم كان لكل جهة أو إدارة تعليمية اسلوبها في التكريم حتى ليشعر المرء من درجة حرارة هذا التكريم مدى ما قدم ذلك المتقاعد من عطاء طوال مدة خدمته، يجنيه حباً وتكريماً في مثل هذا اليوم. وكما أن للتربية الخاصة خصوصيتها، فقد انعكست تلك الخصوصية على تكريم احد المتقاعدين من قادتها الميدانيين في منطقة المدينةالمنورة، بعد أن خدم طويلاً في ميدان التربية الخاصة مشرفاً تربوياً، ورئيساً لقسم التربية الخاصة قبل أن يصبح مديراً لإدارة التعليم الموازي بالمنطقة نفسها حتى أدركته سن التقاعد، فخرج من الميدان خروج القائد المظفر الذي أبلى بلاء حسناً فاحتفى به كل من حوله، وكل من شاهد عن كثب صولاته وجولاته على الجبهات التربوية. ففي الرابع عشر من شهر ربيع الآخر من هذا العام أقامت الإدارة العامة للتربية والتعليم بمنطقة المدينةالمنورة حفل تكريم للأستاذ علي منسي عشكان، مدير إدارة التعليم الموازي بها بمناسبة بلوغه سن التقاعد. وتقديراً لنشاطه التربوي والتعليمي والاجتماعي في المنطقة طوال مدة خدمته - وهو ما تسجله سيرته الذاتية - فقد أصدرت الإدارة العامة للتربية والتعليم بمنطقة المدينةالمنورة كتيباً عن هذا الرجل بعنوان (الوفاء لرجل العطاء) تضمنت محتوياته ما يلي: 1- كلمة المشرف العام على التريبة الخاصة بوزارة التربية والتعليم. 2- كلمة مدير عام التريبة والتعليم بمنطقة المدينةالمنورة. 3- كلمة مساعد المدير العام. 4- كلمة قسم التربية الخاصة. 5- حياة الأستاذ - علي منسي، وإنجازاته في مجال التربية والتعليم. 6- الأستاذ علي منسي في صور. ولقد شعرت فعلاً أن هذا اليوم هو (يوم الوفاء لرجل العطاء). فاستحضرت في ذاكرتي ما قدمه هذا الرجل من خدمات لذوي الاحتياجات التربوية الخاصة ي منطقته، وبدأ قلمي يستشعر ما أحمله له من ذكريات طيبة، فأخذ يسطر له هذه الكلمات: في يوم الوفاء لرجل العطاء، لا أحسبني مبالغاً إذا قلت إن للعطاء اسماً مرادفاً هو (علي منسي عشكان).. فقد عرفته منذ توليت مسؤولية الإشراف على قطاع التربية الخاصة بالوزارة عام 1417ه، وكان - آنذاك - رئيساً لقسم التربية الخاصة بمنطقة المدينةالمنورة، وعهدت فيه الشخصية القوية الديناميكية، التي تتمتع بالنشاط والحيوية، وتتميز بالعقلية العلمية، وكل هذه المميزات في إطار من الإخلاص ونكران الذات. ولقد كان الزميل الفاضل الأستاذ علي منسي عشكان من المؤمنين بتطبيق الأساليب التربوية الحديثة، ولهذا فقد كان في مقدمة المتحمسين في منطقته للتوسع في تطبيق اسلوب دمج الأطفال ذوي الاحتياجات التربوية الخاصة في مدارس التعليم العام، وكان له باع طويل في المساعدة على نجاح التجربة في منطقة المدينةالمنورة. إن السجل المشرّف لأعمال الأستاذ علي منسي عشكان تزخر صفحاته بعطاء متدفق وإنجاز متميز في المجالات التربوية والتعليمية بدءاً من عمله معلماً عام 1383ه، ومروراً بعمله رئيساً لقسم التربية الخاصة، ووصولاً إلى عمله مديراً للتعليم الموازي بمنطقة المدينةالمنورة. وعلى صعيد التربية الخاصة فإننا نعد الأستاذ علي منسي عشكان واحداً من رموزها المرموقين، وقائداً من قادتها الميدانيين، إذ حين عمل مشرفاً للتربية الخاصة كان الميدان يشهد توسعاً كبيراً في برامج الدمج، مثبتاً للجميع أنه فارس مغوار من فرسان تربية وتعليم التلاميذ ذوي الاحتياجات التربوية الخاصة في مدارس التعليم العام، حيث أبلى بلاء حسناً محققاً نتائج باهرة - كماً وكيفاً - في منطقة المدينةالمنورة. والحق أن حروف لغة الضاد - على كثرتها - مهما تآلفت وتشابكت فلا أحسبها قادرة على إفراز عبارات تحقق لهذا الرجل ما يستحقه من التقدير والوفاء في مقابل الإخلاص والعطاء. وإذا كنا نسرد هذه المناسبة بشيء من التفصيل، فإنما أردنا بذلك أن تكون رسالة موجهة إلى أصحاب الرسالة التربوية والتعليمية بأن عطاءهم لا يضيع سدى، وإنما هو غرس يغرسونه طوال مدة خدمتهم ليجنوه في مثل هذا اليوم حباً وتكريماً يسجل لهم في سجل الشرف، فيكون مفخرة لهم ولأبنائهم من بعدهم.. ونحن في الختام إذ نذكر قول الله عز وجل في سورة الرحمن. {هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ}، فإننا بهذا المعيار الإلهي نقول للمتقاعدين من رجال التربية الخاصة (هل جزاء العطاء إلا الوفاء)؟