حسين.. لم يكن بخلدي أن آخر اتصال معك مساء يوم الثلاثاء 1-3-1425ه أثناء حديثك عن معاناتك مع سيارتك التي استلمتها من احدى الورش في الصناعية القديمة وقبل وصولك إلى منزلك تعطلت، وكنت تطلب الفزعة من ابن عمك الذي كان معي وقتها من أجل أن يرسل لك (سطحه) لكي تنقل السيارة. حسين أين أنت الآن؟ أنا موجود على الدائري الغربي وارغب إعادة السيارة إلى الورشة قبل أن تقفل لعلهم يصلحوا العطل لكي أذهب إلى الدوام غدا لأنني سوف أعمل بدل زميلي بسبب ظروفه. لم يكن بخلدنا جميعا أن هذا هو آخر اتصال من ذلك الشاب الوديع الخلوق صاحب الجسم النحيل والبشرة السمراء التي تشع حيوية، لقد كان رحمه الله يتحلى بأدب جم، قليل الحديث، قليل المزاح، لا يتكلم ولا يخوض في حديث لا يعرف عنه شيئا. عرفته صادقا مع نفسه ومع أبناء عمومته، كان يأتي إلى زيارتهم في نهاية الأسبوع وأول سؤال يتبادر إلى ذهنه: هل طلبتهم عشاء الليلة؟ (عشاكم علي) أنا اليوم تسلمت الراتب وسوف أعشيكم.. ثم يسأل واحدا من أبناء عمومته: (أنت ليش ما كلمت والدتك، متصلة من الديرة تسأل عنك.. والله جوالي ما فيه شحن.. طيب خذ بطاقتي باقي فيها 70 ريال اتصل وخلها معك). كان رحمه الله كريما مع أبناء عمومته مع محدودية امكانياته، فرحا بعمله بعد تخرجه من الثانوية العامة، سألته عن الجامعة التي يرغب الدراسة بها فرد علي: أريد العسكرية.. فقلت له: مجموعك لا يؤهلك لدخول الكليات العسكرية فرد علي: أريد العسكرية، أريد أن أكون جنديا أخدم بلدي وأعين والدي. تحقق له الحلم وكان سعيدا بعمله وببدلته العسكرية ولكن القدر لم يمهله كثيرا واختاره بإذن الله شهيدا شفيعا لوالديه إن شاء الله. لقد انتقلت إلى الرفيق الأعلى بطلا بشجاعتك وغيرتك وحرصك على وطنك وأبناء وطنك، حاولت بجسمك النحيل وبكل ما أوتيت من قوة منع ذلك الإرهابي المجرم، ولكن إرادة الله فوق كل شيء وحصل ما حصل وما يزيدك فخرا واعتزازا أنك وبرحمة من الله خففت من وقع الكارثة. رحمك الله وجعلك مع الشهداء الأبرار وإننا بفراقك لمحزونون ولشجاعتك وشهادتك لفخورون.