أحيا الأديب والشاعر معالي الدكتور غازي بن عبد الرحمن القصيبي وزير المياه والكهرباء أمسية شعرية في مركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة للثقافة والبحوث الواقع بمحافظة المحرق في مملكة البحرين الشقيقة بدعوة من الشيخة مي آل خليفة صاحبة المركز بعد أن تأجلت إقامة الأمسية أكثر من مرة لظروف عمل معاليه وسفره في مهمات رسمية وكانت الشيخة مي آل خليفة في استقبال الأديب الشاعر الوزير الدكتور غازي القصيبي عند وصوله مقر الحفل. وتأتي هذه الأمسية الشعرية ضمن الموسم الثقافي الثالث فبراير - مايو 2004م لمركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة للثقافة والبحوث الذي اعتاد باستضافة عدد من المفكرين والأدباء والشعراء لاحياء مناسبات ثقافية في المركز . وفي بداية الحفل ألقى عريف الحفل الشاعر والأديب البحريني حسن كمال كلمة ترحيبية بالشاعر د. غازي القصيبي وألمح للحضور عن سيرته الشعرية ثم استأذن معاليه في إلقاء شعره وقد بدأ الشاعر د. غازي القصيبي كلمته بأنه سعيد في تواجده في محافظة المحرق وبين محبي شعره. ثم بدأ إلقاء قصائده عن حياته التي قضاها في حب البحرين وعما كتبه في الخمسينات وعن مراحل عمره ودراسته عبر حياة كاملة 40 سنة أو تزيد وشعر المراهقين يختلف عن شعر الكهل . ومن القصائد التي ألقاها الشاعر د. غازي القصيبي خلال الأمسية هي: جزيرة اللؤلؤ وأغنية حب للبحرين والعودة للأماكن القديمة وضرب من العشق التي تمثل جسر الملك فهد الذي يربط بين البلدين الشقيقين (السعودية والبحرين) . وتحدث عن مراحل معايشته لمشروع الجسر والذي عبر عنه بأنه يمثل جزءاً من حياته والذي كان تحقيقه حلماً راود الشعبين الشقيقين ثم القى الشاعر الدكتور غازي القصيبي آخر قصائده الحديثة بعنوان (يا أعز الرفاق) في وداع يوسف الشيراوي (رجل لا يتكرر) رثاء لصديق دربه. وقد حضر الأمسية نائب رئيس الوزراء وزير الشؤون الإسلامية الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة وسفير خادم الحرمين الشريفين لدى مملكة البحرين الدكتور عبدالله بن إبراهيم القويز وعدد من الأدباء والمفكرين والمهتمين وعدد من المدعويين كما حرص على حضور الأمسية كل من محافظ محافظة المحرق سلمان بن عيسى بن هندي ومحافظ محافظة العاصمة الشيخ حمود بن عبدالله آل خليفة. مقتطفات من الأمسية: 1- بدأت الأمسية متأخرة عن موعدها بنصف ساعة أي بدأت الثامنة والنصف بدلاً من موعدها الساعة الثامنة. 2- الشيخة مي آل خليفة صاحبة الملتقى الثقافي كانت شعلة من الجهد المتميز في حسن التنظيم وجودة المعروضات والمخطوطات الثقافية التي وضعت في مركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة للثقافة والبحوث. وطيلة الأمسية لم تهدأ في التوجيهات والإرشادات لانجاح الأمسية وكانت في استقبال وتوديع الحضور وبابتسامة مشرقة لم تفارقها وقد شكرها الحضور على دعوتهم وحسن الحفاوة التي لاقوها طيلة الحفل. 3- المفكر البحريني د. محمد جابر الأنصاري حضر الأمسية وأخذ موقعه في مؤخرة الحاضرين وجلس خلفهم تواضعاً. 4- د. غازي القصيبي علّق من خلال قصيدته على السمك وأنواعه . 5- صفق الحضور عدة مرات اعجاباً بقصائد د. غازي القصيبي. 6- في نهاية الحفل قام د. غازي بالتوقيع لمن طلب منه ذلك. 7- قام د. غازي القصيبي بعد ختام أمسيته الشعرية بزيارة إلى بيت عبدالله الزايد الصحفي وهو بيت قديم تراثي أشرفت عليه الشيخة مي آل خليفة صاحبته ويقع بالقرب من المركز الثقافي. *** جزيرة اللؤلؤ اليوم.. والأحلام ضائعةٌ مبددة الشبابِ والعمر أشلاءٌ ممزقةٌ بأنياب السرابِ اليوم إذ حان الرحيل وهمت في دنيا إغترابي ومضى شراعي واهن الخفقاتِ يبحر في الضبابِ اليوم.. تنكرني.. وتتركني وحيداً للعذاب *** ماضّر لو قبل الرحيل منحتني قُبَل الوداعِ؟ لو جئت عن بعدٍ تطالعني تلوِّح بالذراعِ؟ أو ما بدت في ناظريك عليَّ بارقة التياعِ؟ أوَ ما رثيت لذلك الملاح في ليل الضياعِ؟ ذاك المسافر لا يسامره سوى خفق الشراع *** أنا ذلك الطفل الغرير رمته للدنيا الخطوبُ تركته في صخب الجموع يكاد يخنقه النحيبُ أبداً به العيون تكاد تصرخ: يا غريبُ! من ذا رماني ريشةً في الليل تلفظها الدروبُ؟ لا هذه أرضي.. ولا أهلي لديّ.. ولا الحبيبُ *** أرضي هناك.. مع الشواطىء.. والمزارع.. والسهولِ في موطن الأصداف.. والشمس المضيئة.. والنخيلِ أمّي هناك.. أبي.. رفاقي نشوة العيش الظليلِ حيث الحياة تمر صافيةً معطّرةَ الذيولِ حلم شهيّ الطيف.. تقنع منه عيني بالذهولِ *** أرضي هناك.. مع الشواطىء والبحار الأربعهْ والأفق.. والشفق المخضب حين ينثر أدمعهْ فتظل ترمقه المياه كأنها تبكي معهْ حيث المساء يطل في صمت ويخطر في دعهْ ويعانق الآفاق.. يمنح كل قلبٍ أذرعهْ *** الضوء لاح.. فديت ضوءك في السواحل يا منامهْ فوق الخليج أراك زاهية الملامح كابتسامهْ المرفأ الغافي وهمسته يهنىء بالسلامهْ ونداء مئذنة مضوّأة ترفرف كالحمامهْ يا موطني! ذا زورقي أوفى عليك فخذ زمامهْ أغنية حب للبحرين بحرينُ! هذا أوان الوصل.. فانسكبي على بحرينِ من درٍ ومن رُطبِ تنفّسي في شجوني.. وادخلي حُرَقي واسترسلي في دمائي.. واسكني تعبي وسافري في عيوني.. يا معذبتي بالهجرِ.. يا ظمأي المعطاء.. يا سغبي يا فرحتي.. ورياح اليأس غاضبةٌ يا نشوتي.. حين يذوي موسم العنبِ يا ضحكتي.. والدموع الحمر تعصرني يا واحتي.. وهجير القفر يعبثُ بي حملتُ وجهك في روحي.. وطرتُ به على المحيطاتِ عبر البرقِ والسُحُبِ أخلو اليه.. فتؤويني بشاشتهُ وأحتمي فيه من رعب ومن وَصَبِ *** أتذكرين الفتى المخبوء في رجلٍ غضّ الهموم.. عجوز القلبِ.. مضطربِ؟ أتذكرين القدامى من قصائدهِ في أمسياتِ الصبا المغرور واللَعبِ؟ أتذكرين ندامى الليل..تحملهم إلى النجوم فراشاتٌ من الحَبَبِ؟ أتذكرين اسمها؟.. لو قلته انهمرتْ على القصيدة أمطارٌ من الذهبِ وهل تذكرّتِ وجهي رغم ما نقشتْ سود الليالي على خدَّي من كُتُبِ؟ الأربعون غضونٌ خطَّها قلم من الشجون.. وتاريخٌ من النصبِ والشيبُ في لمتى فجرٌ بلا مرحٍ يطل فوق مساءٍ خامدِ الشُهبُ ضربتُ في الأرض.. حتى ملَّ مضطربَي وطفتُ في البحرِ.. حتى ضج منقلبي وعدت طيراً جريحاً في ابتسامته ما يملأ الكون من أشجان مغُتربِ الريح في دمه.. والحزن في فمهِ وفي جناحيه آثارٌ من اللَهبِ *** سمراء! عشرون من عمري تعاتبني فأينّا أجدر الخلّينِ بالعتبِ؟ سمراء! هل يرجع الماضي إذا رجعتْ رؤاه تخطر بين القلب والهُدُبِ؟ وهل يعود إذا عدنا له زمنٌ من البراءةِ.. منقوشٌ على الحِقبِ وهل أعود صبيّاً كُلّه خَجلٌ؟ وهل تعودين بنتاً حلوَة الشغبِ؟ وهل تعود مكاتيبٌ بلا أملٍ تجرّنا لمواعيدٍ بلا أربِ؟ وهل يعود الهوى في بسمة لمعتْ خطفاً.. وفي نظرةٍ مرتْ ولم تؤبِ؟ سمراء! لا تحرميني وهم عودتهِ أحيا به ساعةً في جنةٍ كذَبِ حتى أفيقَ .. فلا طفلٌ وجارتهُ بل الغريبان.. في أرضٍ من الصخبِ *** بحرين! يا دانتي الصماء.. هل حَرجٌ إذا تأملّتُ في عينيك عن كثب؟ إذا ضممتك ضمّ البيد ظامئةً بشائر الوسم في عامٍ من الجدبِ إذا اخذتك في الاحشاء من ولهٍ إذا شربتك في الأضلاع عن رَغب؟ إذا صرختُ بما في العشق من ألم (وثبتُ نحوك مشبوب الدما.. فثبي!) *** بحرين! هاتي أغاني البحر هامسة فقد سئمت ضجيج المجد والنشب الصوت لحنٌ من الاغوار.. يأخذني إلى المغاصات.. مهد اللؤلؤ الرطبِ ومركب الهند يجري في مواجعه اوّاه لو نحن ندري حرقة الخشبِ وحدثيني عن البنت التي ذهلت عن القناع.. فألقته من الطربِ عن اغتنام زمان قبل فرقته عن العيون أصابتنا.. ولم تُصَبِ عن الشفاه - وما تحويه من عسل عن الخصور التي ماست على القصبِ بحرين! هذا اوان الوصل فأقتربي وحرّكي العود عن دُنيا من العجبِ العودة إلى الأماكن القديمة عدتُ كهلاً تجرّهُ الاربعونُ فأجيبي: أين الصبا والفتُونُ؟ مل روحي الظما.. فأين (عذاري)؟ وبقلبي الهوى.. فأين الجفون؟ ما تغيّرت.. أنت ليلى التي أعشقُ.. لكن تغيَّر المجنونُ عدت بحرينُ.. لا الفؤاد فؤادٌ مثل امس.. ولا الحنين حنينُ قدري كان بالجراح سخياً والذي يلثم الجراح ضنينُ الفُ شمسٍ تفجرتْ في جبيني عجباً كيف ما تلاشى الجبينُ؟ جرّعتني اوصابهَّن.. عصورٌ وسقتني اوجاعهن.. قرونُ عدتُ والشيب بارق عبر فودي وعلى مُقلتي غيمٌ هتونُ وسميراىَ: حرقتى والقوافي ونديماي: غربتي والشجونُ ألبستني ثوب الغبار الصحارى فأنا فيه لا أكاد أبينُ اتذكرّتِ يا حبيبة وجهي ام تُرى نكرّته هذي الغضون؟ لا عتابٌ إذا نسيت عهودي لك، شأن الحسان، قلب خؤونُ *** كان يغفو في أذرع البحر بيتي حوله الماء رقصة ولحونُ كنتُ أصحو.. والجزرُ خلٌ وفيٌّ كنت أغفو.. والمد جارٌ أمينُ والأماسي على الضفاف نعيمٌ (والهواري) لهوٌ.. وصيدٌ سمين زُرته اليوم فانثنيتُ وقلبي يتلوى.. كأنه المطعونُ ذهب البحر! من ترى اغتال بحري فهو صخر صلد.. وقار مهين؟ عندما تقتل الحضارة بحراً يعول الصمت.. والفراغ الحزينُ وتلفّ البحَار موجةُ يأسٍ وعلى الماءِ ينقش التأبينُ وتظّل النوارس البيض تبكي ضائعاتٍ.. ويجهش الدلفينُ يا خليجي القديم! إنك مثلي عاقبتني.. وعاقبتك السنونُ *** رحت في فُرضة المنامة أمشي فطوتني في ذكرياتي السفينُ أين (جالبوتنا)؟ شراعٌ قديمٌ يتحدّى الهوا.. وقِلعٌ متين اين منى (الحداقُ)(1)؟ (أين مياديري(2) واين (الربيان)(3)؟. أين العجينُ؟ و(السبيطي)(4)؟ و(نتعة)(5) تخلع القلب سروراً.. و(القبقب(6) الملعونُ أين منى الغروب ينزف شعراً فعلى الافق من دماه فنونُ؟ ورجوعي والليل شيخٌ وقورٌ طلعة حلوةٌ وقلبٌ حنونُ آه يا بحر! أنت في قاع روحي وأنا فيك سندباد سجينُ *** غبت في الحي أنبش الأمس نبشاً وهو في عالم الضباب رهينُ أين ذاك البقّال بسرٌ ولوزٌ وحمارٌ مُحنّطٌ مسكينُ؟ أين ذاك السقّاءُ نجري ونشدو خلفه.. والزقاق ماءٌ وطينُ اين (سالمين)(7).. والعصا.. وبخورٌ؟ أرعب الحيَّ كله (سالمين) أين ذاك الضجيج في لعبة (الصرقيع)(8) يعلو.. والقبّ والقليّنُ(9) أيها الحيُّ !غيرتّنا الليالي فكلانا بعد النقاء هجينُ *** أين نجلاءُ؟ بيتها كان قرب العين.. يا عينها! فدتكِ العيونُ نظرةٌ فابتسامةٌ فمكاتيبُ عليها تنفس الياسمينُ فاشتياقٌ.. فصبوةٌ.. فسهادٌ فهيامٌ.. فلوعةٌ.. فجنونُ فقصيدٌ تشكو الدفاتر منُه قلّ فيه الفصيح والموزونُ خير شعر ما قيل والقلب طفلٌ خير حبٍ ما مات وهو جنينُ أين نامليتنا(10) يطيش ويغضي فهو كالدهر ثورة وسكونُ أين نبتٌ غضٌّ على السيف يلقى كل عيدٍ(11) وأين (قرقاعونُ)(13)؟ غيرّت لمسةُ التطور حيّي فهو شكل فخمٌ ولا مضمونُ أيها الحيُّ! إن عتبتُ فقل لي (داس قلبي.. وداسك التمدينُ) أين نجلاء؟ مرَّ بي الفُ وجه إنما وجهها بروحي دفين ألفُ حبٍ.. لكنّ أول حُبٍ هو في مهجتي الأثير المصونُ *** أيها الناس! هل رأيتم شبابي؟ كان أحلى مما تظن الظنونُ ................ (1) الحداق: صيد السمك بواسطة السنارة. (2) الميادير: جمع ميدار وهو السنارة. (3) الربيان: الجمبري وعادة يستخدم كطعم في السنارة. (4) السبيطي: نوع من انواع الاسماك المشهورة في الخليج. (5) النتعة: شدة السمكة للسنارة. (6) القبقب: سرطان البحر. (7) سالمين: رجل أسود عجوز غريب الاطوار كان يرتدي بدلة عسكرية ويجوب الحي بعصاه وفي يده مبخرة. (8) الصرقيع: لعبة من العاب الصبية في البحرين. (9) القبّ والقلين: قطعتان من الخشب إحداهما قصيرة والأخرى طويلة تستخدمان في لعبة الصرقيع. ضرب من العشق - في الجسر بين المملكة العربية السعودية ودولة البحرين - ضربٌ من العشق.. لا دربٌ من الحجَرِ هذا الذي طار بالواحات للجُزُرِ ساق الخيام إلى الشطآن.. فانزلقتْ عبر المياهِ شراعاً أبيضَ الخَفَرِ ماذا أرى؟ زورقاً في اليم مندفعاً؟ أم أنّه جملٌ ما مل من سَفَر؟ وهذه أغنياتُ الغوص في أذُني؟ أم الحداة شدوا بالشعر في السَحَرِ؟ واستيقظتْ نخلةٌ وسنى.. توشوشني (من طوقَ النخلَ بالأصدافِ والدَرَرِ؟) نسيتُ أين أنا.. إن الرياضَ هُنا؟ مع المنامة مشغولان بالسَمَرِ وهذه جدةٌ جاءت بأنجمها؟ ام المحرّق جاءتنا مع القمرِ؟ أم أنّها مسقط السمراء زائرتي؟ أم أنّها الدوحة الخضراءُ في قطرِ؟ ام الكويتُ التي حيّتْ فهمتُ بها؟ أم أنها العين؟ كم في العين من حور بدوٌّ وبحارةٌ.. ما الفرق بينهما والبّر والبحرُ ينسابان من مضرِ؟ خليج! إن حبال الله تربطنا فهل يقربنا خيط من البَشَرِ؟