أكد فضيلة الشيخ الدكتور عبدالعزيز بن محمد السعيد رئيس قسم السنة بكلية أصول الدين بالرياض على فضل العلم والعلماء وأهمية الرجوع إليهم، حيث ورثوا أعظم ميراث، وأجل ميراث وهو ميراث الأنبياء، فإن ميراث الأنبياء إنما هو العلم النافع الذي يتبعه العمل الصالح، ولهذا لما كان ميراث الأنبياء هو العلم نرى الله جل وعلا في كتابه الكريم كرر كثيراً وصف الأنبياء بالعلم قال الله تعالى عن آدم عليه السلام: {وّعّلَّمّ آدّمّ الأّّسًمّاءّ كٍلَّهّا ثٍمَّ عّرّضّهٍمً عّلّى المّلائٌكّةٌ فّقّالّ أّّنًبٌئٍونٌي بٌأّّسًمّاءٌٌ هّؤٍلاءٌ إن كٍنتٍمً صّادٌقٌينّ قّالٍوا سٍبًحّانّكّ لا عٌلًمّ لّنّا إلاَّ مّا عّلَّمًتّنّا إنَّكّ أّّنتّ العّلٌيمٍ الحّكٌٌيمٍ}. وأبان فضيلته انه لما كان ميراث الأنبياء وهو العلم جاء وصف الأنبياء بهذه الصفة ويراد به العلم الذي تحيا به القلوب، وتستنير به البصائر، ويقترب العبد به من ربه جل وعلا وينجو بما يرجوه من جنة الله تعالى ورحمته ويفوز برضا الله جل وعلا وينجو مما يرهبه من عذاب الله عز وجل وعقابه. جاء ذلك في المحاضرة التي ألقاها فضيلته مؤخراً في جامع الأمير عبدالله بن محمد في حي عتيقة بالرياض بعنوان «أهمية الرجوع إلى أهل العلم». عظم مكانة العلماء وأبرز الدكتور السعيد ان احترام واجلال العلماء، وتوقيرهم من تعظيم دين الله جل وعلا ومن تعظيم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ولهذا في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: «ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويعرف شرف كبيرنا»، وقوله ويعرف شرف كبيرنا ذكر العلماء انها تشمل الكبير في السن والكبير في الفضل، واكمل الناس فضلاً وأعلاهم شرفاً هم العلماء الذين ورثوا كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ولهذا تعظيمهم في دين الله عز وجل قدمهم النبي صلى الله عليه وسلم في الإمامة على من سواهم، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة» إلخ الحديث، فهم لأنهم حملوا الكتاب والسنة كانوا مقدمين ولما كان في غزوة أحد وقتل من قتل من المسلمين أمر النبي عليه الصلاة والسلام ان يقدم في اللحد أكثرهم أخذاً للقرآن فكانوا يقدمون أكثر الصحابة أخذاً للقرآن يقدمونه في اللحد على من بعده، وإنما كان كذلك لما لهم من الفضل عند الله جل وعلا لما حملوه من كلام الله عز وجل الذي هو أشرف الكلام وأتمه، وأصدقه، وأحسنه. وأوضح فضيلته انه لعظم مكانة العلماء وفضلهم، فإن الله جل وعلا جعل تواجدهم بين الناس وقيامهم بين ظهرانيهم منة ونعمة يستحق عليها رب العالمين الشكر والثناء وتستوجب على العباد ان يحمدوا الله تعالى على ذلك، قال عز وجل: {كّمّا أّّرًسّلًنّا فٌيكٍمً رّسٍولاْْ مٌَنكٍمً يّتًلٍو عّلّيًكٍمً آيّاتٌنّّا وّيٍزّكٌَيكٍمً وّيٍعّلٌَمٍكٍمٍ الكٌتّابّ وّالًحٌكًمّةّ وّيٍعّلٌَمٍكٍم مَّا لّمً تّكٍونٍوا تّعًلّمٍونّ فّاذًكٍرٍونٌي أّّذًكٍرًكٍمً وّاشًكٍرٍوا لٌي وّلا تّكًفٍرٍونٌ}، وقال الله جل وعلا: {لّقّدً مّنَّ اللّهٍ عّلّى المٍؤًمٌنٌينّ إذً بّعّثّ فٌيهٌمً رّسٍولاْ مٌَنً أّنفٍسٌهٌمً يّتًلٍو عّلّيًهٌمً آيّاتٌهٌ وّيٍزّكٌَيهٌمً وّيٍعّلٌَمٍهٍمٍ الكٌتّابّ وّالًحٌكًمّةّ وّإن كّانٍوا مٌن قّبًلٍ لّفٌي ضّلالُ مٍَبٌينُ}. وعرف فضيلته مفهوم «العالمون» التي وردت في قوله تعالى: {وّتٌلًكّ الأّمًثّالٍ نّضًرٌبٍهّا لٌلنَّاسٌ وّمّا يّعًقٌلٍهّا إلاَّ العّالٌمٍونّ}، فقال: العالمون جمع عالم، والمراد به من يعلم كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ولهذا كان بعض العلماء رحمهم الله إذا ما فهم مثلاً في كتاب الله جل وعلا يبكي لأنه يقول لست من أهل العلم لأن الله قال: {وّتٌلًكّ الأّمًثّالٍ نّضًرٌبٍهّا لٌلنَّاسٌ وّمّا يّعًقٌلٍهّا إلاَّ العّالٌمٍونّ}، ثم انهم مع هذا العلم الذي أتاهم الله تراهم ليلاً ونهاراً يتعلمون هذه الشريعة يطلبونها ويقرأون فيها ويبحثون، وينظرون ويسألون حتى يعرفوا مراد الله ومراد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا أمر عظيم أمر الله به. صفات أهل العلم واستعرض الدكتور السعيد صفات أهل العلم، فقال: إن من صفاتهم انهم يخشون ربهم جل وعلا فهم أهل خشية الله يقولون ويعملون، وتُصدق جوارحهم ما في قلوبهم، وتُصدق أفعالهم أقوالهم فهم يخشون الله في قلوبهم فلا يقدمون على ما يغضب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ولا يتركون ما أمر الله به أو رسوله صلى الله عليه وسلم، بل هم أهل ورع وخشية وخوف من ربهم عز وجل لأن العبد كلما ازداد علمه بالله جل وعلا ازدادت خشيته له.. قال تعالى: {إنَّمّا يّخًشّى اللهّ مٌنً عٌبّادٌهٌ العٍلّمّاءٍ}. وواصل السعيد القول: ومن صفاتهم انهم يقبلون الحق ولا يردونه لأن الحق هو المنزل من عند الله تعالى، والباطل الله ورسوله بريئان منه، وقد بين الله عز وجل ذلك في قوله: {ذّلٌكّ بٌأّنَّ مٌنًهٍمً قٌسٌَيسٌينّ وّرٍهًبّانْا وّأّنَّهٍمً لا يّسًتّكًبٌرٍونّ وّإذّا سّمٌعٍوا مّا أٍنزٌلّ إلّى الرَّسٍولٌ تّرّى" أّعًيٍنّهٍمً تّفٌيضٍ مٌنّ الدَّمًعٌ مٌمَّا عّرّفٍوا مٌنّ الحّقٌَ يّقٍولٍونّ رّبَّنّا آمّنَّا فّاكًتٍبًنّا مّعّ الشَّاهٌدٌينّ و لّنّا لا نٍؤًمٌنٍ بٌاللَّهٌ وّمّا جّاءّنّا مٌنّ الحّقٌَ وّنّطًمّعٍ أّن يٍدًخٌلّنّا رّبٍَنّا مّعّ القّوًمٌ الصَّالٌحٌينّ}، وقال تعالى: {قٍلً آمٌنٍوا بٌهٌ أّوً لا تٍؤًمٌنٍوا إنَّ الّذٌينّ أٍوتٍوا العٌلًمّ مٌن قّبًلٌهٌ إذّا يٍتًلّى" عّلّيًهٌمً يّخٌرٍَونّ لٌلأّذًقّانٌ سٍجَّدْا وّيّقٍولٍونّ سٍبًحّانّ رّبٌَنّا إن كّانّ وّعًدٍ رّبٌَنّا لّمّفًعٍولاْ وّيّخٌرٍَونّ لٌلأّذًقّانٌ يّبًكٍونّ وّيّزٌيدٍهٍمً خٍشٍوعْا}. ومن صفات أهل العلم، أبان الدكتور عبدالعزيز السعيد انهم يتركون الجدال بغير حق والمراء بغير حق لأن ذلك لا يولد إلا قسوة القلوب ونفرتها، وتتابع الشبه على الإنسان حتى يقع الزيغ الظلال ولهذا كان العلماء رحمهم الله يرشدون الناس إذا جادلهم أحد جادلوه بالحسنى فلم يقبل فإنهم يذكرون لهم سنة نبيهم صلى الله عليه وسلم ويسكتون عن الخوض معه إذا تبين من حاله انه لا يقصد أحداً، فهذا أدب الله عز وجل به رسوله صلى الله عليه وسلم، كما قال تعالى: {فّلا تٍمّارٌ فٌيهٌمً إلاَّ مٌرّاءْ ظّاهٌرْا وّلا تّسًتّفًتٌ فٌيهٌم مٌَنًهٍمً أّحّدْا}، وقال تعالى: {وّلا تٍجّادٌلٍوا أّهًلّ الكٌتّابٌ إلاَّ بٌالَّتٌي هٌيّ أّحًسّنٍ إلاَّ الّذٌينّ ظّلّمٍوا مٌنًهٍمً وّقٍولٍوا آمّنَّا بٌالَّذٌي أٍنزٌلّ إلّيًنّا وّأٍنزٌلّ إلّيًكٍمً وّإلّهٍنّا وّإلّهٍكٍمً وّاحٌدِ وّنّحًنٍ لّهٍ مٍسًلٌمٍونّ}. هداية الخلق وأضاف فضيلته قائلاً: ومن صفاتهم انهم يحرصون على هداية الخلق ويدعونهم إلى الله، وينصحون لهم، ولرسوله، ولكتاب الله، ولأئمة المسلمين وعامتهم اتباعاً لما دل عليه كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، يدعون الناس إلى الخير ويدعونهم بالرفق ويرجون لهم ان يكونوا من أهل الهدى والخير، ويحرصون على ذلك غاية الحرص ونبينا صلى الله عليه وسلم كان يحرص على هداية قومه حتى كاد صلى الله عليه وسلم ان يقتل نفسه من الهم كما ذكر الله عز وجل عنه في قوله: {فّلّعّلَّكّ بّاخٌعِ نَّفًسّكّ عّلّى" آثّارٌهٌمً إن لَّمً يٍؤًمٌنٍوا بٌهّذّا الحّدٌيثٌ أّسّفْا}، وقال تعالى: {لّعّلَّكّ بّاخٌعِ نَّفًسّكّ أّلاَّ يّكٍونٍوا مٍؤًمٌنٌينّ} يعني مهلكا نفسك ان لا يؤمنوا أولئك الكفار لشدة حرصه صلى الله عليه وسلم على هداية الخلق ولهذا قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم: {قٍلً هّذٌهٌ سّبٌيلٌي أّدًعٍو إلّى اللّهٌ عّلّى" بّصٌيرّةُ أّنّا وّمّنٌ اتَّبّعّنٌي اّسٍبًحّانّ اللهٌ وّمّا أّنّا مٌنّ المٍشًرٌكٌينّ}، يدعون الخلق بالرفق واللين كما قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم «إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع عن شيء إلا شانه». وقال فضيلة الدكتور السعيد: إن هؤلاء العلماء الذين وردت أوصافهم بالكتاب والسنة وهم حملة هذه الشريعة هم الذين أمرنا الله جل وعلا بسؤالهم والرجوع إليهم، لأن الرجوع إليهم هو رجوع إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، كما قال تعالى في موضعين من كتابه: {وّمّا أّّرًسّلًنّا مٌن قّبًلٌكّ إلاَّ رٌجّالاْ نٍَوحٌي إلّيًهٌمً فّاسًأّّلٍوا أّّهًلّ الذٌَكًرٌ إن كٍنتٍمً لا تّعًلّمٍونّ}، وأهل الذكر هم علماء الكتاب والسنة لأن الكتاب المطهر يطلق عليه ذكر، قال تعالى: {وّهّذّا ذٌكًرِ مٍَبّارّكِ أّنزّلًنّاهٍ أّفّأّنتٍمً لّهٍ مٍنكٌرٍونّ}، والسنة يطلق عليها انها ذكر، وجل من قال: {وّأّّنزّلًنّا إلّيًكّ الذٌَكًرّ لٌتٍبّيٌَنّ لٌلنَّاسٌ مّا نٍزٌَلّ إلّيًهٌمً}، والله تعالى قال: {فّاسًأّلٍوا أّهًلّ پذٌَكًرٌ} يعني اسألوا أهل الكتاب والسنة، فأوجب على الناس أن يسألوا أهل الذكر فيما يحتاجونه في أمر دينهم. الثمرات الظاهرة وشرح فضيلته ان أمر رب العالمين بالرجوع إلى أهل العلم أمر له ثمراته الظاهرة التي لا ينكرها أحد بل هي موجودة في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فمن هذه الثمرات معرفة العبادة على وجهها الصحيح فالعبادة لا يمكن ان ندركها على الوجه الصحيح إلا بسؤال أهل العلم، فمن استنكف عن سؤال أهل العلم، ولم يسألهم فإن عبادته قد تقع على وجه لا يحبه الله، ولا رسوله صلى الله عليه وسلم. وقال: ومن ثمرات الرجوع إلى العلماء السلامة من البدع والمحدثات والشرك والضلالات فما أوقع كثيراً من الناس في البدع والمحدثات إلا انهم اعرضوا عن علماء الكتاب والسنة فسألوا الجهال، أو أخذوا بآرائهم، وأهوائهم فلو انهم رجعوا إلى أهل العلم ما وقعوا في هذه البدع والمحدثات، بل ربما وقع بعضهم في الشرك والكفر بالله تعالى من حيث يظن انه يعبد الله تعالى مع ان عبادته على هذا الوجه كانت هباء منثورا ليس له فيها حظ ولا نصيب، قال الله تعالى: {قٍلً هّلً نٍنّبٌَئٍكٍم بٌالأّخًسّرٌينّ أّعًمّالاْ الّذٌينّ ضّلَّ سّعًيٍهٍمً فٌي الحّيّاةٌ الدٍَنًيّا وّهٍمً يّحًسّبٍونّ أّنَّهٍمً يٍحًسٌنٍونّ صٍنًعْا}. واسترسل فضيلته قائلاً: ومن ثمرات الرجوع إلى أهل العلم ان تسلم الأمة والناس من البدع والمحدثات والضلالات ولهذا لما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ما يكون آخر الزمان من انتزاع العلم وقبض أهله ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ان الناس بعد ذلك يقعون في الضلال كما قال عليه الصلاة والسلام: «إن العلم ينتزع انتزاعاً وإنما يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا» فالناس إذا لم يرجعوا إلى علمائهم والأمة إذا خلت من العلماء فإن الناس يقعون في الضلال. ومضى فضيلته قائلاً: ومن ثمرات الرجوع إلى العلماء حفظ الأمة من الوقوع في الرذيلة، والمنكرات، والأهواء لأن الأمة إذا ما رجعت إلى علمائها فلابد وان تقع في المنكرات لأنها قد يخفى عليها الحق من الباطل وقد يُلبسوا أعداءها عليها الدين والشريعة فيحسنون الباطل ويبطنون الحق وهذه طريقة أعداء الله عز وجل ومن الثمرات ايضاً إصلاح القلوب ووعظها واحيائها ليس بذوات هؤلاء العلماء وإنما بالعلم الذي أتاهم الله، والقلب الذي يحيا بالإسلام والإيمان ويستنير به هو قلب حي ولا يدرك ذلك إلا عن طريق أهل العلم وسؤالهم والرجوع إليهم لأنهم هم أطباء القلوب وقد ذكر ذلك ابن القيم رحمه الله ووصفهم بأنهم أطباء القلوب واستدل بذلك بقوله تعالى: {يّا أّيٍَهّا النَّاسٍ قّدً جّاءّتًكٍم مَّوًعٌظّةِ مٌَن رَّبٌَكٍمً وّشٌفّاءِ لٌَمّا فٌي پالصٍَدٍورٌ وّهٍدْى وّرّحًمّةِ لٌَلًمٍؤًمٌنٌينّ}. إصلاح القلوب وزاد فضيلته في حديثه عن الثمرات الرجوع إلى أهل العلم بقوله: إن أهل العلم يحطم الله على أيديهم الشبهات التي ترد على قلوب كثير من الناس، وجعل الله جل وعلا هؤلاء العلماء مرصاداً لهذه الشبهات التي ترد على القلوب والشبهات التي تورث عن الإسلام فهم يدافعون عن الإسلام وهم سبب في اصلاح القلوب ويجاهدون أعداء الله تعالى الجهاد الأكبر بالقلم واللسان الذي ذكره الله في قوله سبحانه وتعالى: {وّلّوً شٌئًنّا لّبّعّثًنّا فٌي كٍلٌَ قّرًيّةُ نَّذٌيرْا فّلا تٍطٌعٌ الكّافٌرٌينّ وّجّاهٌدًهٍم بٌهٌ جٌهّادْا كّبٌيرْا}، فهو الجهاد في العلم، الذي أصله القرآن، لعظم منفعته ولقوة سلطانه، ولهذا كان السلطان في كتاب الله جل وعلا يراد به الحجة والعلم، كل لفظ سلطان في القرآن انه يراد به الحجة والعلم، وإنما سماه الله جل وعلا سمى العلم سلطانا لأنه يستحوذ على القلوب، ولا شك ان القلب إذا انقاد اعظم من انقياد البدن لأن البدن قد ينقاد بالسيف والسنان ولكن القلب لا ينقاد إلا بالعلم فإن القلب ينقاد وإذا انقاد القلب إلى دين الله وشرعه تبعته الجوارح، وفساده فساد أسمدة الجوارح. وواصل الشيخ السعيد قائلاً: وكذلك من ثمرات الرجوع إلى أهل العلم من اجتماع الكلمة، ووحدة الصف، وترك الفرقة، والاختلاف الذي يتسلط به العدو على هذه الأمة، لأن أهل العلم يجمعون الناس على الهدى والحق ويبينون لهم سنة نبيهم صلى الله عليه وسلم، مشيراً إلى انه بالرجوع إلى العلماء تتحقق مصلحة الأمة سواء كان ذلك في الأمن والخوف، أو في الحرب والسلم، فالرجوع إلى العلماء تعظم حاجته ويشتد احتياج الناس إليه إذا كانت الأمور على غير المعتاد وإذا حصلت الفتن وانقلبت الأمور وحصل الخوف فإن حاجة الناس إلى أهل العلم الذين يبينون كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم تكون حاجتهم إلى ذلك أعظم وأشد ولذلك ذكر الله عز وجل الرجوع للعلماء في حالين الأمن والسلم وثمرات الرجوع لأهل العلم كثيرة. فتارى الجهال ونبه فضيلة الدكتور السعيد إلى ان ما يضل الناس بسبب المدعين للعلم وهم إما جهال لا يعرفون اصول الشريعة ومقاصدها وقواعدها، وإما ان يكونوا أصحاب أهواء ومقاصد سيئة ينادون على أنفسهم حتى يضلوا الناس وخاصة مما ينشر ويذاع في وسائل الإعلام ممن ينصبون أنفسهم لفتوى الناس بغير علم بل على جهل وضلال. وقال: فينبغي للمسلم في أمر دينه إذا كان ناصحاً لنفسه راغباً في جنة عدن ألا يسأل إلا أهل العلم وخاصة في أوقات الفتن فإنها تظهر رؤوس، وأقوام يزعمون انهم علماء وهم جهال، ولهذا يقول كثير من السلف «إن هذا العلم دين فانظروا عمن تقتدون دينكم» ونحن في بلادنا قد من الله عز وجل علينا بعلماء معروفين في التوحيد والاستقامة على دين الله، ومعروفين بالعلم، يعلمون الناس يتعلمون ويعلمون، وينصحون لهذه الأمة فالواجب سؤال مثل هؤلاء وترك سؤال غيرهم، فالواجب علينا ان نهتم بسؤال أهل الذكر الذين أمرنا الله عز وجل بسؤالهم لما فيهم من الحرص على مصلحة هذه الأمة، والاعتناء بما يفتون به الناس والتورع عن الفتوى فيما لا يعلمون.