إن أساس نجاح الأعمال هو الاجتهاد، وهو الوسيلة الى ارتقاء درج الكمال، واذا كان ذلك العمل في خدمة هذا البلد العزيز فان كلاً منا يعمل بكل ما أوتي من قوة حباً لتراب هذا الوطن وللحفاظ على مكانته وسمعته، وولاء لقيادته الرشيدة، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون. قدر لي ان اكون عضواً في وفد المملكة المكون من علماء في الشريعة وخبراء في الادارة والقانون، المكلف مناقشة تقارير المملكة حول انضمامها الى اتفاقية مناهضة التمييز العنصري امام اللجان الدولية بهيئة الاممالمتحدة بجنيف برئاسة سمو الامير الدكتور تركي بن محمد بن سعود الكبير وكيل وزارة الخارجية المساعد للشؤون السياسية ورئيس الادارة العامة للمنظمات الدولية، ذلك الوفد الذي ساده التعاون واحب عمله حباً جماً، وشهادة حق فلقد عمل هذا الوفد جاهداً حتى انه واصل بعض اعماله في بعض ايامه الى ساعات الصباح الاولى، واعتقد ان الوفد ولله الحمد ادى ما وجب عليه وقام بعمل جميع ما أسند اليه من مهام ومسؤوليات، فاكتسب أعضاؤه سروراً لا يعدله سرور على النتائج التي حصل عليها من اللجنة الدولية وشكرها للوفد المتميز.كل ذلك النجاح جاء من حرص سمو رئيس الوفد وتفانيه وعطائه المتدفق لاجل ذلك وجدت لزاماً علي ان اكتب هذه الاسطر عن سموه، لا لانني حظيت منه بخطاب شكر على الجهود التي بذلت الذي أسعدني بقدر ما اسعد جهتي، بل هو شعور آثرت أن يسطر وان كنت متيقناً كل اليقين بأن اثقل ما عليه ان يكتب عنه. لقد كان سموه قبل أن يكون رئيساً للوفد خبيراً ينهل الوفد من خبراته الدبلوماسية والادارية والقانونية، كان محل تقدير الجميع لما يتمتع به من حس دبلوماسي نابض ورؤية ثاقبة، ولما يتميز به من نضوج في الفكر والرؤى.. لقد كان سموه قمة التواضع وانكار الذات يعمل مع الوفد بجهده ووقته، فجمع بين الخبير والانسان دمث الخلق والتواضع.. يتمتع بعلاقات وثيقة وشديدة الاحترام مع رجال القانون الدولي من خلال لقاءات العمل التي وجدت فيه نموذجاً للدبلوماسي العالم بالقضايا التي يتناولها والدارس لها والمهموم بقضايا امته، المتمسك بثوابتها، وذلك من خلال اتصالاته ولقاءاته قبيل مناقشة تقارير المملكة، عكس تقدير وسرور اللجنة اثناء مناقشتها مع الوفد السعودي.. يجيد لغة الحوار ومهاراته وآدابه بمفاهيمه الصحيحة من خلال عطاء حضارتنا الاسلامية بما حملته من مصادر الفكر والثقافة وبما عرفته من صيغ التسامح التي اثرت حياة الفكر الغربي. ان استيعابه الواعي لتحديات العصر جعل منه خير مثال للدبلوماسية السعودية التي تنأى بنفسها عن الضجيج الذي يصك الآذان بالالفاظ الرنانة التي نسمع ضجيجها ولا نجد وراءها طحناً، ولا غرابة في ذلك كون سموه تابع الاحداث السياسية بالمعرفة والموضوعية وهما أمران قلما توافرا في شخص واحد، فأصبح بحق «فارساً من فرسان الدبلوماسية». وبعد فلعل ذلك يكشف ما يكنه الضمير من مزيد الارتياح وجميل الثناء وحسن الاغتباط على هذه الهمم الساهرة التي تبدع في المحافل الدولية وهي بلا ريب من اعظم الاعمال التي يقوم بها المجاهدون المخلصون في سبيل اوطانهم.دامت لبلدي رجالاته وحفظه الله من كل سوء.