سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
في افتتاحه لملتقى قراءة النص في نادي جدة الأدبي .. الأمير فيصل بن عبدالله: إننا مطالبون أمام الله ثم أمام الأجيال القادمة بإيجاد السبل لإثراء ثقافتنا
الوزان: هكذا هي الأندية الأدبية حركة دائبة
أبو مدين: إننا نقيم هذا الملتقى في وقت عصيب
رعى صاحب السمو الأمير فيصل بن عبدالله بن محمد بن عبدالعزيز وكيل الحرس للقطاع الغربي مساء يوم الاثنين الماضي في جدة في النادي الأدبي الثقافي ملتقى قراء النص - الترجمة. وقد كان التفاعل الأدبي مع هذا الملتقى كبيراً بحضور الرموز الأدبية والإعلامية.. وجاءت كلمة الأستاذ عبدالفتاح أبو مدين في بداية اللقاء معبرة عن عظيم الشكر وبالغ الثناء للذين تفضلوا بحضور هذا الملتقى حيث قال: إننا نذكر بمزيد من الشكر والعرفان والتقدير الجم ما أفضل به المفضلون إسهاما منهم في دعم ناديهم ورعايته وهم سمو الأمير فيصل بن عبدالله بن محمد بن عبدالعزيز آل سعود - الخطوط الجوية العربية السعودية - البنك الأهلي التجاري - الأستاذ وهيب سعيد بن زقر - درة العروس - وإننا لسعداء بهذا الجمع الكريم من الجنسين وحفيون بهم كما نحن سعداء برعاية سمو الأمير فيصل لهذا الملتقى المعرفي المتجدد.. وأضاف أننا نقيم هذا الملتقى في وقت عصيب تضطرب فيه الحياة من حولنا ونذر الحرب تشغل العالم من أقصاه إلى أقصاه ذلك أن جنون القوة العاتية لا تعرف إلى السلام سبيلاً لأنها مدفوعة بقوة الهيمنة التي لا تعبأ بويلات الحروب وأوزارها ودمارها الذي لا يبقي ولا يذر. ثم ألقى الدكتور عزت خطاب كلمة المنتدين قال فيها: ها نحن نجتمع مرة ثالثة في رحاب النادي الأدبي الثقافي بجدة في ندوة النص هذا النادي العريق المتجدد الفكر.. ومحور هذه الدورة هو الترجمة كما تعلمون والترجمة كمجال معرفي أصبح ينافس من الأهمية والتطور الأدبي المقارن الذي كان إلى عهد قريب المظلة التي تعمل تحتها الترجمة كنشاط أكاديمي. أما الآن فقد تطورت الترجمة وأصبح مجالها يعرف بدراسات الترجمة ولعل الأوراق البحثية التي ستلقى في هذه الندوة تؤيد ما ذهبت إليه.. وكما نعلم فإن اهتمام هذا النادي بالترجمة كمجال معرفي ليس وليد اليوم. بعد ذلك ألقت الدكتور أميرة كشفري أستاذ اللغويات والترجمة بكلية التربية بجدة كلمة المشاركات جاء فيها قولها: عندما طلب مني أن ألقي كلمة مشاركات في الملتقى الثالث لقراءة النص وجدت نفسي أمام أمرين: أولهما: شرف ومسؤولية تمثيل المشاركات في الملتقى وهي بالتأكيد مسؤولية وتشريف لي ولزميلاتي المشاركات. ثانيهما: أهمية هذه المبادرة الطيبة من النادي والتي تعكس بصدق توجهه وإيمانه بأن التفاعل بين طرفي النوع الإنساني هو الأساس السليم لبناء المجتمع وهو العمود اللازم للحركة الثقافية. لقد أثبت النادي من خلال مسيرته في تنظيم ملتقى قراءة النص الأول والثاني في العامين الماضيين قدرته على تفعيل الحركة الثقافية وربطها بالواقع المحلي وبالتحديات العالمية التي تواجه هذا الواقع.. وذلك من خلال تنويع المواضيع وعمق الطرح.. ومن خلال المشاركات المتعددة من قبل نخبة مثقفة مخلصة من نساء ورجال هذا الوطن الذين عملوا جاهدين للارتقاء بمستوى الفكر والثقافة وبناء الشخصية المتكاملة للمثقف العربي. كما ألقى سعادة الأستاذ إبراهيم الوزان مدير عام إدارة الأندية الأدبية المكلف بالرئاسة العامة لرعاية الشباب كلمة قال فيها: هكذا هي الأندية الأدبية حركة دائبة وبحث دائم عن المفيد تجتهد ما وسعها ذلك لأنها في الحقيقة تنور علم وأدب وثقافة وفكر ومنارات تربية ومعرفة وهكذا هي أمام الممكن المتاح تحاول قدر استطاعتها أن تحمل الأمانة وتحفظ التوازن بالسمو وتعلي البناء.. وإن كان هناك من نقص فهذه هي طبيعة الأشياء المنتجة المتحركة الفاعلة المتفاعلة. وأضاف قائلاً: حفظ الله ولاة أمرنا وأيدهم بنصره وأعلاهم بعزه فقد أعطوا بسخاء لم يستثن جانباً دون آخر وبقي حسن العطاء منا.. أرجو مخلصاً أن نتعاون جميعا لتحقيق ما ينفعنا في كل أمورنا فنحن المرآة الصادقة لكل فرد منا. ثم اختتم الملتقى حفله الافتتاحي بكلمة صاحب السمو الأمير فيصل بن عبدالله بن محمد بن عبدالعزيز آل سعود وكيل الحرس الوطني للقطاع الغربي والتي قال فيها: يطيب لي أن أكون بينكم في هذا الملتقى ملبياً لدعوة كريمة من الأستاذ الأديب عبدالفتاح أبو مدين رئيس النادي الأدبي بجدة للمشاركة حول موضوع الترجمة مقدراً له دعوته ومثمناً دوره وجهده في تنمية الثقافة وخدمة المعرفة. والشكر لهذا الرجل يستوجب شكراً آخر لأعضاء النادي وهم السباقون بالخطوة الأولى: خطوة «نوافذ» ذلك الإصدار الفريد في خطابنا الثقافي المحلي الذي يعنى بترجمة الأدب العالمي. إن سعادتي هذا المساء بلقاء مثقفين عرفوا بإخلاصهم وتميز عطائهم لتتضافر جهودنا جميعاً في هذا العمل إيماناً بأهميته ومن قناعة بسمو الغاية ونبل المقصد فنحن مطالبون أمام الله ثم أمام أجيالنا القادمة بإيجاد السبل والوسائل لنتمكن من ترسيخ وبناء القواعد والأسس لإثراء ثقافتنا ودورها في تكوين مستقبل أمتنا في إطار يتسم بانفتاح وبعد عن التعصب والإيمان بحق الآخر وتثمين الاختلاف والاتفاق مصداقاً لقول الحق:{$ّجّعّلًنّاكٍمً شٍعٍوبْا $ّقّبّائٌلّ لٌتّعّارّفٍوا}. فالتعارف هنا يعني تبادل المعرفة المتعلقة بأحوال الناس وقد هيأ الله للإنسان اللغة لتكون أساساً معرفياً ولتكون لهم بمثابة فكر معلن ومرآة تعكس رغباتهم وتكشف عن جوانب من طباعهم وواقعهم الفكري والحضاري.. ومع تعدد أجناسهم تعددت اللغات واختلفت وفقاً للبيئات وظروفها الطبيعية ففي البداية كانت اللغات تعتمد على النطق الشفهي ومن طبيعته أنه سريع الزوال إذا لم يسجل على مادة أو وسيط ما. فكان اختراع الكتابة لتسجيل المنطوق للآخر في المكان والزمان. ومن هنا كان الانتقال من الشفهي الذي صار مكتوباً أو مسجلاً من لغة إلى لغة أخرى وهو ما يسمى بالترجمة. والبشرية في مسيرتها الطويلة شكلت بتجاربها علماً جماعياً لا يحق لمن عاش في عصر من العصور أن يقلل من جهد من سبقوه فكل مرحلة متأثرة بما فيها ومؤثرة فيما بعدها وهي لا تنعزل عن سابقة لها أو لاحقة، ولاتتقدم مستقلة بذاتها مستغنية عن سواها. فالعلم حق مشاع بين البشر يتوارثونه جيلاً عن جيل، وبذلك تبرز أهمية النقل والترجمة كواحدة من أبرز دعامات الحضارات الإنسانية والثقافية بوصفها مجالاً رئيساً في النهضة العلمية عبر العصور، فهي بحق الوسيلة للتواصل بين الشعوب والجماعات على صعيد الفكر والثقفة إذ تتيح لكل شعب أو جماعة الاطلاع على ما أبدعه الآخرون في ميادين المعارف الإنسانية المختلفة. ولعل العرب كانوا أسبق الشعوب والجماعات على مر التاريخ، إلى استخدام الترجمة أداة للتواصل، إذا اعتمدوا عليها في مطلع نهضتهم الحضارية في القرن الثاني للهجرة في اقتباس علوم من سبقهم من الأمم، فترجموا أفضل ما كتبه الإغريق و الهنود والفرس وسواهم، وذلك وفق حاجتهم وظروفهم، فكان هذا السعي الحثيث بمثابة نقلة في التقدم العلمي ا لذي أحرزوه.والثقافة الإنسانية التي ابتدعوها، ونقطة انطلاق لهم في رحاب الفكر والعلم والفن وإقامة صرح الحضارة العربية الإسلامية في القرون الوسطى. وفي عصر النهضة الحديثة، عاد للترجمة دورها وشأنها في الوطن العربي، إذ بدأ الاهتمام بها تدريساً وإعداداً وإنتاجاً وطباعةً ونشراً منذ مطلع القرن التاسع عشر الميلادي ولكنها لم تبلغ ما كان ينبغي لها أن تبلغ، من حيث أنواع المعارف المنقولة ودرجة مستوى الأداء، لافتقارها إلى الرعاية الواجبة لها وإلى خطة عمل تسترشد بها وتنسق وجوه العمل في ضوئها. ليأتي عمل الترجمة في مكانه الصحيح ضمن التحرك الثقافي والحضاري لأمتنا العربية في هذا العصر. فالترجمة كما أجمعت معظم المعاجم اللغوية العربية هي نقل الكلام من لغة إلى أخرى، وكما تعطي كلمة ترجمة TRANSLATION في دائرة المعارف الأمريكية المعنى التالي: هي فن تقديم عمل فكري وبلغة ما إلى أخرى. أو هل نقل معنى التعبيرات المصاغة «بلغة المصدر» إلى المعنى نفسه بتعبيرات أخرى «اللغة الهدف»، سواء كانت اللغة منطوقة أو مكتوبة، فالترجمة عملية ومنتج نهائي وطريقة لتدريس لغة أجنبية ومجال أكاديمي. وهناك من يعتبرها فناً خالصاً أو مهارة من المهارات كما أن هناك من ينظر إليها على أنها علم خالص. إذاً الترجمة هي طريق الأمم والشعوب إلى التقدم الثقافي والعلمي بل إحدى الطرق الرئيسة لبلوغ الهدف المنشود وهو الرقي الحضاري وتمكين أبناء الأمة من المشاركة الفعالة في الثقافة الإنسانية. وهذا هو ما حدث بالنسبة للحضارة العربية في عصورها الأولى إبان الدولتين الأموية والعباسية حيث ترجمت كتب الطب والفلك والكيمياء وكان هذا أول نقل في الإسلام من لغة إلى لغة. وغدا العرب أمة متقدمة في شتى مجالات المعرفة في الوقت الذي كانت فيه أوروبا ترزح تحت نير الأمية والجهل وطوال العصور الوسطى. فالحاضرة الإنسانية التي نعيش في كنفها اليوم إنما هي إرث مشترك بين جميع الأمم والشعوب قديمها وحديثها ولا يحق لأي منها أن تدعي أو تزعم الريادة فيها. الأخوة الكرام:اسمحوا لي على الإطالة والتقصير في الطرح أمام هذا الجمع المثقف فأود أن أختم بتعريف «إدوارد تيلور» الذي قدمه في نهاية القرن التاسع عشر في كتابه عن «الثقافة البدائية» والذي يذهب فيه إلى أن الثقافة هي كل مركب يشتمل على المعرفة والمعتقدات والفنون والأخلاق و القانون والعرف وغير ذلك من الامكانات أو العادات التي يكتسبها الإنسان باعتباره عضواً في مجتمع. فالثقافة بهذا هي التي تمايز بين الأفراد، وبين مجتمع وآخر بل إن الثقافة هي التي تميز الجنس البشري عن غيره من الأجناس، إنها خصوصية المجتمع المتحضر الذي تميزه عن غيره من المجتمعات بخلاف القواسم المشتركة بينها. إن معرفة الأمم بخصوصية الحضارات للشعوب الأخرى وفهمها وتقديرها أمر مهم لنجاح تبادل الثقافات، وهنا تلعب الترجمة دوراً مهما في نقل الخطاب الثقافي إلى لغة الآخر عبر القنوات التواصلية المكتوبة والمرئية، المسموعة والإلكترونية بشرط أن يتولى بث هذه الخطابات أهل العلم والاختصاص كل في مجاله لنقل روحها وجوهرها وقيمها للعالم كما لنقل بالمقابل رحيق الأمم من علم ومعرفة. وقبل أن أنهي حديثي أطرح أملاً أتمنى من جميع المهتمين أن يحاولوا تحقيقه خصوصا في عالم اليوم ومستجداته ألا وهو العناية بالطفل وترجمة ما يساعده على التكيف والتفهم لما يدور في عالمنا الكبير هذا العالم الذي أصبح صغيراً بالوسائل الحديثة في مجال تقنية المعلومات.