انفجر أخيرا في واشنطن نقاش حول الاسلوب الامريكي في التعامل مع الازمة العراقية، وهو نقاش دار طويلا في العواصم المناهضة للحرب. إن الأصدقاء والأعداء والمتخصصين يرمون بثقلهم فيه، في وقت يمهد فيه بوش دون هوادة للحرب بعدد أقل من الحلفاء وعدد أكبر من النكسات. إن ما يبدو مثيرا للحنق في الواقع هو أنه يفعل ذلك دون اعتذار. لقد كان هذا السلوك سببا في اغضاب الكثيرين مثل نيلسون مانديلا الرئيس الجنوب إفريقي السابق الذي انتقد السياسة الامريكية بقوة. الآن يأتي نفس الأمر من قبل جمهوريين كبار في كابيتول هيل. فقد قال السيناتور الجمهوري الكبير تشارلز هاغيل النائب عن ولاية نبراسكا أمام جلسة استماع للكونغرس الأسبوع الماضي: إن مسؤولية القيادة تتمثل في الإقناع وليس في تفنيد دوافع أولئك الذين يختلفون معك. وأضاف السيناتور قائلا: (الإدارة) تبدو مصدر تخويف للناس. أنت لا يمكنك أن تنتهج مثل هذا الأسلوب تجاه ديمقراطيات. لا يمكنك أن تفعل ذلك لشركائك وحلفائك. إنه أسلوب لن يحقق النجاح. تشعر إدارة بوش بالألم من رفض تركيا السماح للقوات الأمريكية بغزو العراق انطلاقا من أراضيها. وفي الأممالمتحدة. يبقي أعضاء رئيسيون في مجلس الأمن معارضين لأسلوب لوي الذراع الذي تتبعه أمريكا من أجل إعلان صريح بحرب ضد صدام حسين العراق. حتى «تحالف الراغبين» الذي قال به بوش يبدو منهكا. في الأسبوع الماضي كان خوزيه ماريا أثنار الإسباني. الذي يعتبر حليفا وفيا لبوش. يجثو عمليا على ركبتيه مستجديا بوش لتخفيف خطابات الحرب في أوروبا. في القلب سؤال بسيط: أية أهمية للأسلوب؟ لو أن بوش مشى بهدوء أكبر. هل كان سيظفر بعدد أكبر من البلدان إلى جانب الحرب؟ الإجابة بالنفي تأتي من قبل آلان ليتشمان. وهو أستاذ زائر بالجامعة الأمريكية في واشنطن. قال ليتشمان لصحيفة «ستار»: «مع بوش. فإن ما تراه هو ما تجده». وأضاف: لكن حتى أسلوب مخفف ما كان سيجدي في تغيير الدول العنيدة وذلك لوجود اختلاف رئيسي في الجوهر والثقافة. يوافق على هذا القول ستيفن هيس. الأستاذ الكبير في معهد بروكينز الذي يعتبر جهة خبرة في واشنطن. قال هيس: هؤلاء ممثلون جادون لبلدانهم. إنه ليس منتدى خاصاً إن لديهم بالطبع ما يحبون وما يكرهون، لكن هذا لا يؤثر على المسألة الجوهرية. يعتقد المحلل السياسي لويس وولفسون أن ما لدى بوش من أسلوب تكساسي هو أمرلم يألفه الأمريكيون في الرئاسة. وأضاف: لكنني أعتقد أن أي شخص في السياسة يتعين عليه تخفيف حدة الأمر في لحظات معينة. أنا لا أعتقد أن هذا أمر مستبعد.ليس الأمر كما لو أن بوش أسدل ستارا على معتقداته. لقد قال في العام الماضي: من المحتمل أنكم تعلمتم الآن أنني لا أعتقد في وجود ظلال رمادية في هذه الحرب. «أنتم إما معنا أو ضدنا». «أنتم إما شريرون أو أخيار». يحاول كريتيان التوسط لحل وسط في الأممالمتحدة يعطي العراق وقتا إضافيا لنزع السلاح. وهو بدا أثناء زيارة أخيرة له إلى مدينة نيومكسيسكو نافد الصبرمن إصرار البيت الأبيض الأخير بوجوب حدوث «تغيير نظام» بجانب نزع السلاح في العراق. قال السكرتير الصحفي السابق لكريتيان، بيتر دونولو. إن نتيجة التصويت التركي تظهر حدود «دبلوماسية مكبرات الصوت». وأضاف: غير أنني أستطيع أن أرى إحباط بوش، لقد تعب من أعذار صدام، إنني لا أتمنى أن أكون في موضعه في الوقت الحالي. يبدو أن خطوط الاتجاه تبتعد عنه، وإنني موقن من أنه ساخط. ربما كان الأمر كذلك، لكن من الواجب تخفيف حدة الخطاب على نحو ما أخبر أثنار بوش في الأسبوع الماضي. قال أثنار، وهو يشير إلى كل من وزير الخارجية كولن باول ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد. : «لقد أبلغت الرئيس أننا في حاجة لباول كُثر وليس لرامسفيلد كُثر. ترك رامسفيلد الأوروبيين -وبصفة خاصة فرنسا وألمانيا المعارضتان في مجلس الأمن- في حالة غليان بسبب ملاحظاته التي وصف فيها فرنسا وألمانيا بكونهما جزءا من أوروبا القديمة مقارنة ببقية الاتحاد الأوروبي ومنظمة حلف شمال الأطلسي. قال أثنار: كلما تحدث باول أكثر وتحدث رامسفيلد أقل لن يكون ذلك أمرا سيئا. في خضم النقد العام الموجع مضى حتى الرئيس الحادي والأربعين للولايات المتحدة، جورج بوش الأب في الأسبوع الماضي إلى توجيه ضربة غير ملحوظة لسياسة ابنه الخارجية في خطاب له أمام جامعة تفتس تحدث بوش الأب حول «التحالف الدولي غير المسبوق» الذي بناه قبل مهاجمة العراق في حرب الخليج عام 1991.لا يقوم ذلك التحالف في الوقت الحاضر، لكن وفقا لصحيفة نيويورك تايمز قال الرئيس بوش الأكبر إنه باطل تماما اتهام ابنه بالرغبة في العمل منفرداً والإسراع نحو الحرب مع العراق. وقال إن مهمة إنشاء التحالف كانت أيسر في ذلك الوقت. الأمر الذي اعتبرته التايمز إجابة ملونة. إن الهدف كان واضحا. في لغة الدبلوماسية، تلك عبارة فعَّالة جدا.